دخلت الثروة النفطية، مصدر الدخل الرئيسي لليبيا، من جديد دائرة الخلاف السياسي المتصاعد منذ أسابيع، لتصير رهينة الانقسامات السياسية مع موجة من الإغلاق القسري للمنشآت الحيوية، نتيجة للصراع بين حكومتين متنافستين.
تأتي هذه الاضطرابات في وقت قام رئيس حكومة الوحدة المنتهية الصلاحية، عبد الحميد الدبيبة بإنفاق نحو 86 مليار دينار عام 2021، وسط تحذيرات أصدرها مراقبون ومهتمون بالشأن الاقتصادي، بأن يؤدي الإسهاب في الإنفاق إلى ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة الدينار.
بالتزامن مع احتدام الأزمة السياسية في البلاد بسبب رفض الدبيبة تسليم السلطة لحكومة البرلمان الجديدة، حكومة الإستقرار، التي يرأسها وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا.
وتجدر الإشارة إلى أن ورقة النفط كانت ومازالت تُستعمل كورقة للضغط السياسي وتحقيق المصالح في ليبيا من قبل بعض الساسة الليبيين، ويرى مراقبون بأن تطور الأحداث الأخير من شأنه أن يلقي بتداعيات كبيرة على تصنيف ليبيا بين الدول المصدرة للنفط، مع توقف التصدير كل عدة سنوات، كون هذه الاحتجاجات قد حدثت سابقًا.
وسلسلة الإغلاقات الجديدة تؤكد بأن أغلب السياسيين في البلاد يحاولون تحقيق مطامعهم باستخدام “النفط”، وخير دليل على ذلك تصريح الدبيبة مؤخرًا الذي وعد بزيادة إنتاجه، ليتبعه منافسه باشاغا، الذي وعد بتعويض أوروبا عن النفط الروسي، حال تسلمه السلطة في طرابلس، ليتم إغلاق هذه الموانئ في نهاية المطاف من قبل القوى الفاعلة التي تسيطر عليها وتؤمنها.
وفي السياق شرح الباحث السياسي محمد حرشاوي، بأن ليبيا تقف الآن أمام مفترق طرق خطير، لأن أزمة الطاقة العالمية لن تترك مجالاً للتفاوض وانهاء الحصار النفطي بغض النظر عن أسبابه.
وأضاف حرشاوي أن الولايات المتحدة الأمريكية ستدفع حتمًا الدبيبة لشن عملية عسكرية على مناطق الشرق الليبي، للسيطرة على المنشآت والحقول النفطية الهامة والرئيسية، وحتى لإنهاء التهديدات التي قد تسفر عن تنحي حكومة الوحدة وتسلميها طرابلس، وبالمقابل سيتلقى الدبيبة دعمًا غربيًا “شرعيًا” غير محدود.
وشرح الباحث ذلك بإلقائه الضوء على حليف خليفة حفتر الأساسي، “فاغنر”، الذي انسحب من معظم المواقع التي كان يشغلها على خط سرت – الجفرة، ومن قواعد جنوب البلاد وشرقها، مشيرًا إلى أن وضع الجيش الوطني الليبي لا يؤهله لخوض حرب جديدة، ما يفسره امتناع حفتر عن الزحف نحو طرابلس.
وختم الباحث قوله بأن على حفتر على استعادة حليفه الروسي في ظل ضعف قواته وانتشار الإرهاب على الحدود الجنوبية وفي الصحراء، وتصاعد المخاوف بسبب توقف عمليات تصدير النفط إلى بلاد تعتبر في أمس الحاجة لها لمواجهة العقوبات التي فرضتها بنفسها على نفسها.