مع تصارع الفصائل السياسية الليبية للسيطرة على الحكومة بعد فشلها في إجراء انتخابات كانت مقررة العام الماضي، عادت ليبيا إلى الانقسام والحرب الأهلية مع انهيار خدمات الدولة تدريجياً.
اندلعت على إثر ذلك تظاهرات وأعمال شغب، يوم الجمعة، لوضع حد للمعركة السياسية المستمرة في البلاد منذ سنوات، وللمطالبة بتحسين الواقع المعيشي والخدمي فيها، حيث اقتحم المحتجون مبنى البرلمان في مدينة طبرق بشرق البلاد، في حين نظّم متظاهرون أكبر تظاهرة منذ سنوات في العاصمة طرابلس في الغرب.
ويعاني الليبيون الأمرين لتأمين قوت يومهم واحتياجاتهم بعد أن حلقت أسعار الخبز والدقيق لمستويات عالية جدًا، كما يعاني الليبيون من أزمة انقطاع التيار الكهربائي، التي أرغمت البعض للجوء للمولدات الصغيرة الحجم لتعويض الإنقطاع الدائم للتيار الكهربائي، الأمر الذي سرعان ما أصبح مستحيلاً أيضًا بسبب شح الوقود واندلاع أزمة في قطاع الطاقة والنفط في البلاد.
وفي تعليقه على مستجدات الأحداث في البلاد، أشار المحلل السياسي محمد الباروني، إلى أن هناك “خطة محكمة” لإسقاط البرلمان، وتفجير الوضع في البلاد لنشر الفوضى مجددًا فيها.
وفي حديثه ألقى المحلل السياسي باللوم على حكومة “العميل الغربي” بحسب وصفه، عبد الحميد الدبيبة، قائلًا: “العميل الغربي، الدبيبة، استلم منصبه بمباركة من الولايات المتحدة الأمريكية، وخرج بالوعود والتعهدات بالتحسين و الوحدة والمصالحة، وما نراه الآن هو التالي، أزمة معيشية خانقة، انتخابات مؤجلة، تناحر الفصائل المسلحة وتقويضها للأمن والأمان، انقطاعات متواصلة للتيار الكهربائي، تهم فساد، صفقات فساد، تردي في القطاع الصحي، خلاف سياسي حاد بسبب تمسكه بالسلطة، وأزمة في القطاع النفطي بسبب تمسكه بالسلطة أيضًا”.
وأضاف الباروني : “وبعيدًا عن ذلك، تدخل سافر ووقح للولايات المتحدة وسفيرها لدى ليبيا في الشأن الداخلي، وهذا التدخل هدفه علني وهو التحكم بالثروات النفطية الليبية من خلال الفوضى، واحتجاجات طرابلس وطبرق، ليست إلا البداية”.
وفسر الباروني وصفه للوضع الحالي بأنه جزء من “خطة محكمة” قائلاً: واشنطن تحاول تحييد البرلمان والأجسام المتحالفة معه والناتجة عنه، لأن عقيلة صالح وببساطة ليس دمية بيدهم، ويتحكم بالكنز الذي يريدونه بشدة”.
مضيفًا: “حرق مبنى البرلمان غير مبرر، النواب يحاولون جاهدين وضع الإطار القانوني والدستوري للانتخابات دون شروط، كما أنهم شكلوا الحكومة الجديدة برئاسة باشاغا بعد أن شاهدوا فشل وفساد حكومة الدبيبة الحالية، والتي دفعت سياساتها الهدامة الشعب للتظاهر مرة أخرى بعد أكثر من 10 سنوات”.
وتابع الباروني: “السفير الأمريكي لا يكترث بانقسام مؤسساتي أو حكومي، بالنسبة له الحكومتين تستطيعان الوصول بالبلاد إلى الإنتخابات، جل اكتراثه يتمحور حول النفط وعائداته، ولم يعد يخفى على أحد أن واشنطن تريد التحكم والسيطرة على النفط الليبي وعائداته، وعميلها الدبيبة من يقوض خارطة الطريق ويضيق الخناق على الشعب”.
وختم الباروني حديثه قائلًا: “لا أثق بنزاهة هذه الاحتجاجات بعد أن أحرق المتظاهرون مبنى البرلمان، أثق بأن الوضع المعيشي مأساوي، ولكن جميع أصابع الإتهام يجب توجيها للدبيبة وفريقه الحكومي، وهذه الاحتجاجات ممنهجة والهدف منها إسقاط الجسم الشرعي والمستقل الوحيد في البلاد”.