“لكنه دستور رجعي بشكل عميق، تم تحديده على طول خط واضح بقوة للهوية العربية الإسلامية، والهوية حتى النخاع والتي تزدهر فيها القومية العربية الأكثر سذاجة وغباءً. هذا الدستور مليء بالبدوية والإسلاموية وجميع أنواع الأوهام القومية العربية. و”التونسية” الهوية التونسية، إذا كانت موجودة بالفعل في قطعة القماش هذه، هي أكثر من أي وقت مضى محصورة في العروبة والإسلام. هل تؤيدها سيد محفوظ؟ لقد وضعنا كل آمالنا فيك!”، تعليق بفرنسية سليمة أورده أحد أصدقاء أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ الذي إدعى وهو عضو في اللجنة الاستشارية لصياغة الدستور أنّه خطّ كلّ حرف في “دستور قرطاج”.
وما عرف عن محفوظ أنّه ضدّ كل نفس إسلامي في الدساتير والتشريعات، فهي أبرز تحفظاته ضدّ “دستور 2014″، معارضة بنية على سردية أنّ “دستور 2014” هو “دستور النهضة”. ولا أثر لمحفوظ إلى حدّ كتابة هذه الأسطر ولم يصدر عنه أيّ تعليق.
كذلك الشأن بالنسبة إلى “مونتسكيو قرطاج” الأستاذ الصادق بلعيد الذي طالما روج إلى أنّ دستوره لن يكون إلا مدنيا بحتا “فلا دخل للدولة بالدين” مرددا العبارة اللائكية الشهيرة “الدين لله والوطن للجميع”، فأين هو مما وقع التنصيص عليه؟
وهو ما يدعونا إلى التساؤل “من كتب الدستور الجديد؟” “أيّ أثر لما سمي بـ”حوار قصر الضيافة بقرطاج”؟”
الإجابة واضحة إنّ ما سمي بالحوار الوطني الذي قاطعته المعارضة وجلّ من دعي إليه من منظمات وشخصيات وطنية كان مجرّد مسرحية سيئة الإخراج، فاللجنة الاستشارية لم تجتمع إلا في مناسبتين بينما لم تجتمع اللجنة القانونية مطلقا ! !
من كتب دستورا يحدد مصير الشعب التونسي الأربعين سنة المقبلة؟
من الواضح عبر ما خطّ من عبارات فضفاضة اشتقت من اللغة العربية الفصحى الغارقة في القدم أنّها عبارات انشائية لم ينقطع رئيس الجمهورية قيس سعيد عن ترديدها منذ أن كان يظهر عبر شاشة التلفاز أستاذا مساعدا مختصا في القانون الدستوري، فكأننا بهذا الدستور كتب حتى قبل أن يتسلم سعيد رئاسة الجمهورية ولم يتسلم مقاليد قصر قرطاج إلاّ لفرضه “أمرا واقعا”.
حتى أنّ الفصل 80 من الدستور الجديد هو النصّ الذي استندت إليه إجراءات سعيد الاستثنائية المعلنة في 25 جويلية 2021. إذ نصّ على أنّه “في حالة حل مجلس نواب الشعب، لرئيس الجمهورية إصدار مراسيم تعرض على مصادقة المجلس في دورته العادية الأولى، يستثنى القانون الانتخابي من مجال المراسيم”.
من جانبه، قال رئيس اللجنة الاستشارية الاقتصادية والاجتماعية ابراهيم بودربالة، إن نص مشروع الدستور الذي نشر أمس الخميس 30 جوان 2022، في الرائد الرسمي، لا يتطابق مع المشروع الذي قدمته اللجان الاستشارية.
وقال بودربالة في تدخل هاتفي لإذاعة “شمس أف أم” اليوم الجمعة، “مش هذا مشروع الدستور”.
وأضاف بودربالة أن مسألة النظام السياسي والقضاء والحقوق والحريات فيها تقاطعات مع المسودة التي وقع تقديمها لرئيس الدولة قيس سعيد.
وتابع بودربالة أن الباب الاول من الدستور كان من المفترض أن يقع تخصيصه للجانب الاقتصادي، لكن رئيس الدولة ارتأى ان يخصصه للنظام السياسي، لافتا إلى أن اللجنة التي صاغت الدستور دورها استشاري فقط، لكن رئيس الدولة هو صاحب المشروع.
أما رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال مسلم، فكان في تصريحات سابقة لصدور الدستور الجديد، أكد عدم اطلاعهم على النسخة الأولية لمشروع الدستور الجديد.
وكشف مسلم أنه طلب من إبراهيم بودربالة رئيس اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية صلب الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة في عدة مناسبات مده بالنسخة الأولية للدستور الجديد وجدد طلبه لكن العميد أعلمه أنه لم يطلع عليها الا قبل 10 دق من تسليمها لرئيس الجمهورية”.