لم أشأ التسرع في الحديث حول عملية إيداع الأستاذ بسام الحمروني، فلست من الذي يتحدث دون علم، ولا أحد فوق رأسه ريشة لننزهه مسبقا أو ندافع عنه ” ظالما أو مظلوما “.
فسعيت للتأكد من المعلومة، بإعتبار الحادثة سابقة تاريخية لم يجرؤ عليها حتى نظام بن علي، الذي شوه وقطع ” الخبز ” عن محاميي ” الإرهابيين ” و ” السياسيين ” ، دون الجرأة على إتهامهم بالإرهاب أو حملهم على إفشاء أسرار منوبيهم
و ” مخ الهدرة ” ( حسب ما دونه وأكده محامو الأستاذ ، وما لم ولن تنفه الجهات القضائية ) أن أحد المتهمين في قضية إرهابية، أجبر تحت التعذيب ( الثابت ) على الإمضاء على محاضر بحث، كال من خلالها جملة من الإتهامات إلى الأستاذ المذكور منها تسريب محاضر . ( لوبانة العادة ) .
كل ” الإعترافات ” أنكرها المتهم جملة وتفصيلا ، وأكد أنه أمضى على ” شهوات الفرقة ” التي نسج خيالها الخصب ، محادثات ولقاءات لا دليل عليها ( دليل مادي أو شهود ) .
تم الإستماع إلى الأستاذ بصفته ” متهما “، فدحض كل الإدعاءات وفند كل التهم التي نسبت إليه من فرقة ” تصفية الحسابات ” ، فطلب التحقيق هاتف الأستاذ للتأكد ، فكان الرفض قاطعا وجازما بإعتبار أن الهاتف يحتوي محادثات وملفات مهنية، أقسم على عدم إفشاء أسرارها ،
فما كان القاضي إلا أن أصدر بطاقة الإيداع ( فقط من أجل هذا السبب ) .
الغريب ليس في خطورة ما ذكرنا ، ولكن:
– الأستاذ متهم بتسريب محاضر ومعلومات في قضية هو لا ينوب فيها أصلا ، وبالتالي حصوله – هو نفسه – على المحاضر المذكورة مستحيل عمليا !
– أن الأجهزة التي ستستند لها ،مهمة إنجاز الإختبار “المحايد “ على الهاتف ، هي الأجهزة الأمنية ” الزميلة ” التي كانت سببا مباشرا ( ووحيدا ) في عملية إيقافه ! ( رغم وجود أجهزة أخرى محايدة )
طبعا ،القضاء الذي امتلك ” فجأة ” ،شجاعة وسرعة الإيداع ، إعتمادا على محاضر ، محادثات وإدعاءات ،لم تثبت علميا ولا عمليا ، لم ( ولن ) يحرك ساكنا ، تجاه نشر ثابت ( وليس متوقع ) لمعلومات خطيرة ، محاضر تحقيقية ” سياسية ” وثائق ” سري مطلق ” ، ومستندات لا تملكها إلا الأجهزة الأمنية ( وصفحاتها ) ، وأدلة أخرى تم إخفاؤها أو إعدامها أو رفض تسليمها للقضاء !!!
بعد فصل الإتهام المبطن للمحامين في قانون الإرهاب ( المنع من الحضور 48 ساعة ) ، فأيا كان الخلاف أو الإختلاف داخل جسم المحاماة ، فإن إستمرار صمت الهياكل والقواعد على هذه الفضيحة ، عار سيظل يلاحقها ، وباب سيفتح على مصراعيه لإيداع كل محام ، يرفض أن يكون مخبرا ،أو أن يحنث في قسمه ويسلم أسرار حرفائه إلى الإخوة الجمهوريين !
” إما أن تتحول إلى محام صباب .. أو أن تحاكم بقانون الإرهاب ” .
ولكم … قبل الجناب سديد النظر .
بقلم: مروان جدة المدير التنفيذي لمرصد الحقوق والحريات