تقوم عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، منذ أيام بتنفيذ اعتصام رفقة عدد من قيادات حزبها، أمام مقر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (فرع تونس)، للمطالبة بإغلاقه، بعد رفض دعوى قضائية تقدمت بها حول هذا الأمر
واعتبرت موسي أنه “فرع من جماعة الإخوان المسلمين، ووجوده مناقض لمبادئ النظام الجمهوري والديمقراطي.” ، حسب تعبيرها
ومن المفارقات العجيبة، أن نظام بن علي -حين كانت عبير موسي موظفة بصفة حزبية فيه-، استضاف في شهر أكتوبر من سنة 2009 الشيخ يوسف القرضاوي بصفته رئيس اتحاد علماء المسلمين، وذلك بمناسبة اختيار القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية.
فإذا كان القرضاوي إرهابياً، فالأولى والأحرى أن يكون بن علي إرهابياً، وموظفوه ومنهم موسي، موظفون لدى الإرهاب!”.
اتهامات بتمويل إماراتي
كما اتهمت أوساط سياسية وحزبية في تونس النظام الحاكم في دولة الإمارات بتمويل الحزب الدستوري الحر من أجل إثارة قلاقل في البلاد ومناهضة اتحاد علماء المسلمين.
وعلى إثر ذلك تقدم أحد النواب بشكوى قضائية تطالب بالتحقيق من مصادر تمويل الحزب، الذي يتهمه البعض بتنفيذ أجندة محور أبوظبي- الرياض في تونس.
وقوبل اعتصام الحزب الدستوري الحر بموجة انتقادات داخل الطبقة السياسية، حيث دون الباحث والمحلل السياسي د. طارق الكحلاوي: “لست من أنصار “اتحاد علماء المسلمين” الذي هو عملياً واجهة للإسلام السياسي، لكن توصيفه بالإرهاب والحملة التي تشنها عليه عبير موسي وأنصارها وبعض “الحداثيين” المزيفين هو ببساطة توظيف للنفس لدى أطراف أجنبية”.
وأضاف في تدوينة طويلة على حسابه في موقع فيسبوك: “لم تبادر منظمات دولية تحظى بمصداقية بتصنيف هذه الجمعية الخاصة بعدد من علماء الدين ضمن المنظمات الإرهابية… من بادر بذلك الدول التالية: السعودية والإمارات والبحرين ومصر، أدرجت في 22 نوفمبر 2017 الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والمجلس الإسلامي العالمي و11 فرداً إلى ما سمته قوائم الإرهاب المحظورة لديها. وقال بيان لهذه الدول إن الكيانين المدرجين “مؤسستان إرهابيتان تعملان على ترويج الإرهاب عبر استغلال الخطاب الإسلامي”.
وتابع بقوله: “هذا المحور نفسه من الدول الأربع، الذي يستعدي التجربة الديمقراطية في تونس والذي بادر بالتطبيع بالتعاون مع صهر ترامب تحت عنوان “صفقة القرن”، وهو المحور نفسه الذي مني بهزائم متكررة في السنين الأخيرة”.
وتساءل الكحلاوي بقوله: “لماذا تصطف عبير موسي مع هؤلاء، أو الأرجح وراء هؤلاء؟ لأنها ببساطة مخلب لدى قوى أجنبية معادية للديمقراطية ومتعاطفة مع طروحات الاستبداد”.
وأاضف الكحلاوي “موسي ليست وطنية تونسية، هي استنساخ كاريكاتيري للنموذج الوظيفي لبن علي، الذي كان من رواد التطبيع مع إسرائيل ومن أعمدة الاستبداد في المنطقة. عبير موسي حصان طروادة المحور الإماراتي-السعودي-المصري الخائب والتافه.. آخر هزائمه اندحار ترامب. نختلف مع الإسلام السياسي، لكن على قاعدة الاختلاف ضمن الأجندة الوطنية والإطار الديمقراطي”.
وتابع: “بالمناسبة، نظام بن علي، وحينها كانت عبير موسي موظفة بصفة حزبية فيه، استضاف في شهر أكتوبر سنة 2009 الشيخ القرضاوي بصفته رئيس اتحاد علماء المسلمين، وذلك بمناسبة اختيار القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية. إذا كان القرضاوي إرهابياً فالأولى والأحرى أن يكون بن علي إرهابياً، وموظفوه ومنهم موسي، موظفون لدى الإرهاب!”.
فيما كتب الباحث سامي براهم: “إذا التجأ كلّ من أسقط القضاء دعواه إلى حشد الشّارع فذلك تكريس لقانون الغاب واستدراج السّاحة للعنف لاستثمار ذلك سياسيّاً… متى تتوقّف هذه اللعبة القذرة؟ من يوقف هذا العبث والاستقواء والبلطجة لتسميم الحياة السياسيّة وتخريب الدّيمقراطيّة؟ الشخصيّات السامّة خطر على الشّأن العامّ ومؤسّسات صناعة الرّأي والسياسات”
فيما انتقد زهير إسماعيل، القيادي السابق في حزب الحراك، ما سمّاه “بلطجة الفاشيّة أمام مقرّ اتّحاد علماء المسلمين وما تحظى به من تغطية واسعة من إعلام اللوبيات”، مضيفاً: “لا يمكن أن يُفهم من ذلك إلا على أنّه تنفيذٌ لأجندة إماراتية متصهينة بغاية التغطية على صدى زيارة رئيس الجمهوريّة إلى دولة قطر وتداعياتها السياسيّة المهمّة في صالح الديمقراطيّة ومسارها في بلادنا”.
وتابع بقوله: “تعطيل البرلمان، والعربدة في مكتب المجلس، وافتعال قضية اتحاد العلماء وغيرها، تفاصيل في مهمّة أساسية: استهداف الديمقراطيّة ومسارها بتمويل إماراتي معلن… وهو ما يوفّر كلّ الأسباب القانونية لحلّ حزب الفاشيّة. الفاشيّة تُحتضر، ولن يكون من أسف على من سيكون إلى جانبها أو يتقاطع معها في عمليّاتها التخريبية الفاشلة”.
دور مشبوه
وكان النائب ياسين العياري، كشف عن تقديمه شكوى قضائية تطالب بكشف مصادر تمويل الحزب الدستوري الحر، الذي أكد أنه يتلقى تمويلاً من مصادر أجنبية مشبوهة.
ودوّن على صفحته في موقع فيسبوك: “في جلسة حوار مع السيد محافظ البنك المركزي يوم 5 نوفمبر، صرحت السيدة عبير موسي تلقيها تمويلات أجنبية في شبهة مخالفة خطيرة للقانون وتدخل أجنبي في السياسة التونسية واعتداء على السيادة الوطنية. ورغم خطورة التصريح، وبعد مرور 10 أيام على الجلسة، لم تجد أملاً في أي تفاعل جدي من كل مؤسسات الدولة. لذا، قررنا التوجه للقضاء، بمراسلة محكمة المحاسبات ووكيل الجمهورية، وطلب تحقيق من لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي، وإعلام هيئة مكافحة الفساد، ومراسلة رئيس الحكومة والوزيرة المكلفة بالعلاقة مع الهيئات الدستورية. كل الأحزاب مطالبة باحترام القانون”.
وتساءل بقوله: “هل فعلاً تحصل الحزب الدستوري الحر على تمويلات أجنبية؟ وكم؟ ومتى ومن هي الجهة الممولة؟ سنجبر الدولة على التحقيق وفرض تطبيق القانون إن ثبت التجاوز، كما نطالب بتطبيقه على النهضة وقلب تونس وكل حزب تلقى تمويلاً أجنبياً”.
تحتفظ ذاكرة التونسيين بمشهد عبير موسى ليلة 13 جانفي 2011، بعد خطاب الرئيس المخلوع بن علي وهي تردد في اجتماع نسائي شعار “الله أحد الله أحد، بن علي ما كيفو حد” و”التجمع حزبنا بن علي رئيسنا” و”14 بعد ألفين مينجمها كان الزين”.