تقدم 11 نائبا من كتلة حزب قلب تونس أمس الثلاثاء 10 مارس، بطلب الاستقالة من الحزب بعد أشهر قليلة فقط من انطلاق الولاية البرلمانية الجديدة.
وحل حزب قلب تونس الذي يرأسه رجل الأعمال نبيل القروي ثانيا في الانتخابات التشريعية في أول مشاركة له في الانتخابات، في حين خسر القروي الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس الحالي قيس سعيد.
غياب الحوكمة
وعلل النواب ومن بينهم رئيس كتلة الحزب حاتم المليكي طلب استقالتهم بمعارضتهم لطريقة إدارة الحزب ومواقفه السياسية من الحكومة والرئاسة. وتقدم النواب بطلبهم إلى مكتب البرلمان في انتظار تفعيله.
وقال المتحدث باسم الحزب الصادق جبنون: “لا تزال هناك فرصة لرأب الصدع والتراجع عن الاستقالة في اجتماع منتظر للمكتب السياسي”.
ومن شأن انسحاب النواب أن يضعف موقف الحزب الذي تحتل كتلته المرتبة الثالثة في البرلمان بـ38 مقعدا.
ويواجه حزب قلب تونس، أكبر أزمة منذ تأسيسه على عجل، تهدد بتفككه وحتى اندثاره.
الاستقالات متواصلة
الاستقالات جاءت وسط توقعات لارتفاع عدد المستقيلين إلى 15 (من أصل 38 نائبا)، مع إمكانية تشكيلهم كتلة جديدة، أو انضمامهم لحزب “تحيا تونس” الذي يرأسه رئيس الحكومة السابق “يوسف الشاهد”.
وذكرت إذاعة “موزاييك”، نقلا عن مصادرها، أن عددا آخر من النواب ومن أعضاء الحزب قد ينضمون خلال الفترة المقبلة إلى قائمة المستقيلين، لتشكيل كتلة جديدة على أرجح التقديرات، مضيفة أنهم لن ينضموا إلى أي كتلة أخرى في البرلمان.
ومن بين المستقيلين القيادي البارز “رضا شرف الدين”، ورئيس الكتلة البرلمانية “حاتم المليكي”، الذي أكد أن أسباب الاستقالة تعود إلى غياب الحوكمة والتسيير داخل الحزب، فضلا عن عدم رضاهم عن آليات اتخاذ القرار.
وأشار “المليكي” إلى رفض النواب المستقيلين للمواقف السياسية لحزب “قلب تونس” من الحكومة ورئاسة الجمهورية، وعلاقته بالأطراف السياسية الأخرى، إضافة إلى رفضهم لمنهجية وشكل المعارضة التي قال إنهم “يريدونها بناءة لا هدامة”.
ولفت “المليكي” إلى أن النواب المستقيلين ينوون تشكيل كتلة برلمانية جديدة.
بوادر انفجار
وفي أول تعليق للحزب على قرار الاستقالة، حاول الناطق باسمه “الصادق جبنون”، التقليل من أهمية هذا الأمر، معتبر أن الاستقالات “ما زالت غير رسمية وغير نهائية، وستكون موضوع المكتب السياسي المقبل”، مضيفا: “كما أن باب الحوار مازال مفتوحا مع المُستقيلين”.
وتابع: “قلب تونس ما زال حزبا جديدا وهو في طور بلورة مؤسساته وآلية عمله، ونحن ثابتون على مبادئنا ومتمسكون بتوجهاتنا التي اخترناها منذ البداية، وبودنا أن يراجع المستقيلون قرارهم لأننا لا نرغب بالمساهمة في زيادة تشتت المشهد السياسي والبرلماني”.
من جانب أخر, أكد محللون أن حزب “قلب تونس” قد يواجه مصير حزبي “نداء تونس” و”الاتحاد الوطني الحر”، وغيرهما من الأحزاب التي تبدو أشبه بتكتلات انتخابية تجتمع فقط من أجل الوصول للحكم، وإذا فشلت فإنها ستندثر لأنها لا تمتلك رؤية سياسية وأرضية فكرية تمكنها من الاستمرار.
وتعد الاستقالة بمثابة الضربة القاصمة لكتلة حزب قلب تونس ولرئيسه نبيل القروي، بعد أسبوعين فقط من تمرير حكومة إلياس الفخفاخ واختيار الحزب نهج المعارضة.
لعنة التشكيل الحكومي
وعرفت كتلة قلب تونس اهتزازات بسبب الاختلافات داخلها حول المشاركة في الحكومة من عدمها، وعلاقة الحزب بالأحزاب الأخرى، من بينها حزب تحيا تونس ورئيسه يوسف الشاهد، الذي يعتبره عدد من أبناء قلب تونس قد راوغهم وفوت عليهم فرصة المشاركة في حكومة الحبيب الجملي.
ويرى مراقبون أن التاريخ يعيد نفسه بشكل أو بآخر مع قلب تونس، على غرار ما حصل مع حزب نداء تونس في المدة البرلمانية السابقة، وهو الذي عاش تصدعا إثر تمرير الحكومة الأولى، وازداد التصدع والانشقاق حدة مع تمرير حكومة يوسف الشاهد، ودخوله في صراع مع الرئيس الراحل السبسي، إلى أن انتهى إلى تكوين كتلة رئيس الحكومة ثم حزب رئيس الحكومة”.
ويعتبر شق اخر, أن لعنة التشكيل الحكومي لاحقت كتلة قلب تونس، فالحزب سيعرف نزيفا متواصلا من الاستقالات.
ويرى محللون أن هناك عدة أسباب لموجة الاستقالات, أهمها أن القرار بالحزب صار لدى فرد واحد هو نبيل القروي الذي يفرض موقفه وخياره على الكتلة والحزب ككل.
بات واضحا أن تشعبات الأزمة الداخلية العاصفة التي يشهدها حزب قلب تونس ما فتئت تتسع رغم كل محاولات الإطفاء و رأب الصدع. ومحاولة إنقاذ كتلة قلب تونس تبدو صعبة إن لم نقل مستحيلة بالنظر للتطورات الأخيرة.
