بوصول الأزمة السياسية في تونس إلى طريق مسدود خاصة بعد رفض المحكمة الإدارية النظر في الخلاف بشأن التعديل الوزاري بين رئيس الجمهورية قيس سعيد، ورئيس الحكومة هشام المشيشي بحجة أه ليس من اختصاصها بدأنا نسمع عن استعداد الأطراف المتنازعة للنزول إلى الشارع مع انقسام حول هذا الخيار بين رافض ومؤيد ومحذر من عواقيه.
فمن جهة حزب حركة النهضة أفاد الناطق الرسمي باسمها فتحي العيادي في تصريح لإذاعة “شمس أف أم” ، الخميس 11 فيفري 2021، بأن المكتب التنفيذي للحركة طرح تنظيم مسيرة مشتركة مع الأحزاب والقوى الوطنية.
وأضاف فتحي العيادي أن المكتب التنفيذي نصح بتدارس هذا المقترح مع أحزاب القوى الوطنية والشخصيات الوطنية على أن يكون تحت شعار الدفاع عن الدستور والبرلمان والتجربة الديمقراطية.
كما قالت النائب عن حزب حركة النهضة، جميلة الكسيكسي الجمعة 12 فيفري 2021 في تصريح لموقع “الشروق أون لاين” إن رئيس الجمهورية قيس سعيد خرق الدستور عند تعطيله التحوير الوزاري. معلنه أن النهضة ستنزل إلى الشارع دفاعا عن الشرعية.
من جانبه قال النائب عن ائتلاف الكرامة عبد اللطيف العلوي عبر تدوينة على صفحته في فيسبوك الجمعة 12 فيفري 2021 أن “ائتلاف الكرامة كان دائما صوت العقل والحكمة، وأكثر من مرّة ضبط أنصاره وكبح جماحهم وأثناهم عن النّزول إلى الشّارع للاحتجاج أو للتّعبير عن مواقفهم ممّا يحدث”.
و أضاف العلوي “لكنّ الشّارع يبقى جزءا من المعادلة ومن عمليّة ضبط الموازين حين يقتضي الأمر، وحقّ التّظاهر السّلميّ مضمون ومكفول للجميع و عندما نقدّر أنّ المصلحة العليا للبلد وسلامة الانتقال الدّيموقراطيّ وحماية الشّرعيّة باتت تقتضي ذلك، فبالتّأكيد لن نخلف الموعد…وحينها سيعرف الشّارع أسياده، وسيعرف كلٌّ حجمه، وكلّ فحمه تشدّ كانونها”.
أما عبير موسي فقد أعلنت خلال نقطة إعلامية الجمعة 12 فيفري 2021، عن فكّ اعتصام كتلتها بعد تحقيقه لأهدافه حسب زعمها و دعت أنصارها وكلّ من اسمتهم القوى الديمقراطية إلى النزول إلى الشارع للدفاع عن الشرعية والدولة المدنية” و حذّرت الحكومة من إمكانية التعرض لهم وقمع تحركاتهم الاحتجاجية المنتظرة”
ما قالته عبير موسي عن تحذير الحكومة من إمكانية التعرض لها ولأنصارها ينذر أن ما تنوي القيام به يتعدى الاحتجاج السلمي وقد يدخل البلاد في فوضى كبيرة وهو ما تترقبه منذ قيامها بترذيل البرلمان.
ومن جهتها أعلنت الحركة الثورية(حركة سبعطاش 17) أن نزولها إلى الشارع سيكون بتاريخ 27 فيفري 2021 و كتب أحد قيادي هذه الحركة ( الأسعد البوعزيزي) على صفحته بموقع “فيسبوك” الجمعة 12 فيفري 2021 ردا على دعوة عبير موسي للنزول إلى الشارع في نفس يوم نزول اتباع هذه الحركة : ” كل مرة يتأكد أن دائرة قيس سعيد بارتباط وثيق و تنسيق مع عبير موسي ، فبعد إعلاننا عن عزمنا القيام بمسيرة يوم 27 فيفري دفاعا عن المؤسسات و الدستور و البرلمان التونسي الذي سقطت لأجله أرواح الشهداء ، تخرج عبير موسي و تعلن التعبئة العامة ليوم غضب ” نوفمبري ” وتطلب من كل الأطراف التي تشتغل عندها ” الكتلة الديموقراطية و اتحاد الشغل ” الانضمام لدعوتها …الأمر لا يتطلب اجتهادا ، موعد التعبئة الذي ستعلن عنه عبير موسي سيكون يوم 27 فيفري نفس تاريخ موعد مسيرة الشرعية … من حقهم الخروج في أي وقت يشاؤون ، ذلك من هبة الثورة التي تكفر بها عبير و يتبعها كالقطعان مجموعات تدعي نسبتها للثورة و هم أعداؤها ، فقط بات ضروريا الآن التحشيد لمسيرتنا يوم 27 فيفري دون الإعلان عن مكان المسيرة إلا في آخر توقيت تجنبا للمخطط الدموي الذي تحيكه القوى المعادية للثورة و الحرب الأهلية التي تود عبير و من وراءها حياكتها بين المتظاهرين “.
و أضاف البوعزيزي في تدوينته”نحن دعاة سلم لا دعاة حرب مثلهم ، و ما أرعب الصهاينة إلا سلمية الثورة و طهارتها.. يشهد الله أن الدعوة لمسيرة دفاعا عن المؤسسات و البرلمان و الدستور كنت أول من أطلقها على هذا الفضاء ولا ارتباطات لي مع اي كان و لا أعرف للمشيشي أو لمونبليزير طريقا ، فقط من موقعي كمشاهد للبلوكاج الذي تم حصر تونس فيه مجموعة من الخونة و الانقلابيين، ومن موقعي كغيور على هذه الثورة التي يعلم الله ما قدمت فيها حتى تزيح الطاغية و حكم الاستبداد و من موقع الدفاع عن برلمان تونسي أولى مطالب المقاومين ضد الاستعمار الفرنسي “.
من جهته حذّر الامين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي السبت 13 فيفري 2021 من مخاطر الدعوات للتعبئة العامة والنزول الى الشارع التي أطلقتها حركة النهضة والحزب الدستوري الحر معتبرا انها “تدفع نحو الاقتتال والحرب الأهلية”.
من جانبها أعلنت كتلة الإصلاح رفضها القطعي لكل الدعوات المنادية بالنزول الى الشارع تحت عنوان الدفاع عن الشرعية تفاديا لتعميق الانقسام و الزج بابناءالشعب التونسي في متاهات لا خلاص منها في الوقت الذي يحتاج فيه إلى التماسك و الوحدة و الانكباب على ما ينفع الناس في إطار احترام الاختلاف و حسن إدارة الأزمات بعيدا عن منطق الاستعراض و التحدّي.
و شددت الكتلة في بيان نشرته السبت 13 فيفري 2021 على صفحتها بموقع “فيسبوك” على تمسكها بالدعوة الى التهدئة و التعقّل كخيار أوحد لا بديل عنه لحلحلة الأزمة الراهنة و الإسراع بانطلاق حوار وطني يكون منطلقه مصلحة الوطن و يتوّج بحلول و مقترحات نفتح بها آفاقا أفضل على المستوى السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي”.
من جانبه قال المحلل السياسي، الصغير الذاكراوي، في تصريح لموقع “الحرة” إن الأزمة في تونس بدأت دستورية لكنها هي أزمة سياسية بامتياز بين رأسي السلطة التنفيذية في البلاد.
و أضاف الذاكراوي أن “سعيد متسلط في موقفه من الحكومة والتعديلات الوزارية الجديدة” مشيرا إلى أن الاحتكام إلى الشارع “عملية وعرة وخطيرة يمكن أن تؤدي إلى انفلات في البلاد ومن ثم إلى حمام دم”.
من جانبه قال الباحث خالد عبيد في تصريح لموقع “الحرة ” أن الامور في صورة الاحتكام إلى الشارع لن تذهب إلى حد اقتتال أو اشتباك بين المتظاهرين، وأن دعوات النزول إلى الشارع طبيعي أن تحدث، ولفت إلى أنه في النهاية سيتم تغليب مصلحة البلاد والوصول إلى حل يتوافق عليه الجميع.
ومن جهته حذر عبد الفتاح مورو النائب السابق لرئيس البرلمان من خطورة دعوة حركة النهضة والحزب الدستوري الحر أنصارهما للنزول إلى الشارع، مضيفا “هذا منعرج خطير ولا يعترف بمنطق المؤسسات. تحكيم الشارع في المسائل السياسية أمر خطير وقد ينتهي ذلك بالفوضى وتحطيم البيت”.
ودوّن لطفي زيتون، القيادي السابق في حركة النهضة، على صفحته في موقع فيسبوك “” شارع ضد شارع هي عودة إلى مربع 2013 ووصفة للحرب الأهلية التي سيحترق بنارها من يساهم في إشعالها”.
وأضاف زيتون “الحل في الجلوس إلى طاولة الحوار وتقديم التنازلات، غير هذا الذهاب إلى الانتخابات.
و بدوره رأى الكاتب و الصحفي كمال بن يونس أن الأزمة ليست دستورية بل سياسية، تعمقت مع استفحال أزمة الثقة داخل مؤسسات الدولة العليا وخاصة بين قصري رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والبرلمان.
و اشار بن يونس في تصريح لموقع “الحرة” أنه قد تقع اشتباكات سياسية وإعلامية عنيفة بين الأطراف السياسية دون أن تتطور إلى صدام لأن قوات الجيش والأمن محايدة وقوية.
وطرح بن يونس عدة حلول لإنهاء الأزمة من بينها أن يحدث توافق سياسي في الكواليس بين الرؤساء الثلاثة وقيادات النقابات وكبري الأحزاب من أجل هدنة تفرض نفسها بسبب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ومضاعفات وباء كورونا.
ليلى العود