تصاعدت حمى الإضرابات في مصر بشكل بات يمثل مصدر قلق كبير على السلطة الحالية، خصوصا بعدما طالت قطاعات حيوية في الأسابيع الماضية بداية بعمال شركة غزل المحلة حيث أحد أكبر مصانع الغزل والنسيج في الشرق الأوسط، وليس انتهاء بالقطاع الطبي.
وبينما تستعد السلطة للإعلان عن حكومة جديدة، أعلن أطباء الأسنان في مصر عبر جمعية عمومية طارئة عقدتها نقابتهم الخميس الدخول بإضراب مفتوح في جميع المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، ابتداء من 8 الشهر الجاري، وذلك بالتزامن مع إضراب أعلن عنه الأطباء لمدة شهر للمطالبة بتحسين الأوضاع الإدارية والمالية، وتعبيرا عن رفض مشروع الحوافز الذي أقره الرئيس المعين عدلي منصور مؤخرا.
وقررت الجمعية العمومية لنقابة أطباء الأسنان -التي ينتمي لها نحو أربعين ألف طبيب- تشكيل لجنة عليا لإدارة الإضراب والتنسيق مع النقابات الأخرى، وذلك بعد يوم من إعلان نقابة الأطباء عن إضراب جديد بعد نجاح إضراب جزئي الأربعاء شارك فيه 87% من الأعضاء، حسب تأكيد اللجنة العليا لإضراب الأطباء.
وأكد بيان للجنة أن المشاركة الواسعة في الإضراب الأخير تؤكد ‘إصرار أطباء مصر على انتزاع حقوقهم وحقوق المرضى العادلة المشروعة والعاجلة والتي أهملتها وتجاهلتها الأنظمة والحكومات المتعاقبة رغم أهميتها وخطورتها’، مناشدا مسؤولي الدولة الاستجابة لمطالب الأطباء المشروعة والمعلنة منذ سنوات قبل موعد الإضراب المقبل.
إضراب حضاري
وحرص البيان على تأكيد حرص الأطباء على ما وصفه بالدخول في ‘إضراب حضاري محسوب يراعي جميع المعايير الإنسانية والدولية والتي تضمن عدم الإضرار بأي مريض’، مشددا على أن هذا الإضراب يهدف في الأساس إلى إصلاح المنظومة الصحية، وهو ما يصب في مصلحة المريض والطبيب معا.
وكانت الأمينة العامة لنقابة الأطباء منى مينا قد اعتبرت أن الأطباء حرصوا على مراعاة ظروف الدولة وتذرعوا بالصبر في مواجهة حكومات عديدة، لكنهم تفاجؤوا بأنه تم رفع رواتب العاملين في الجيش والشرطة أكثر من مرة أثناء السنوات الثلاث الماضية مع إهمال الأطباء ومطالبهم.
وأضافت مينا في تصريحات صحفية أنه ليس معقولا أن يتم إهمال الأطباء الذين يتعرضون لأخطار العدوى وغيرها في المستشفيات ثم تقوم الدولة بزيادة بدل العلاج للموظفين الإداريين في وزارة العدل على سبيل المثال.
تمرد التمريض
وكانت وزارة الصحة قد دخلت في جدل مع النقابات بشأن نجاح الإضراب، حيث شككت الوزارة في حديث نقابة الأطباء عن المشاركة الواسعة في الإضراب، وأكدت من جانبها أن نسبة المشاركة لم تتجاوز 23% وأن تقديم الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية لم يتأثر، مؤكدة كذلك أن نسبة المشاركة في الإضراب من جانب الصيادلة لم تكن كبيرة أو مؤثرة.
وبينما قالت نقابة التمريض إنها لن تشارك في الإضراب، جاءت المفاجأة من حركة أطلقت على نفسها اسم ‘تمرد التمريض’، حيث عقدت مؤتمرا صحفيا بمقر حزب التجمع هاجمت فيه مجلس النقابة، وطالبته بالاعتراف بتردي أوضاع التمريض كخطوة أولى مهمة لإصلاح أوضاعه.
وأكد أعضاء الحركة أن العاملين في مجال التمريض يتعرضون للظلم، وهو ما ينعكس بدوره على مستوى الرعاية الطبية الذي يقدم للمرضى.
وكان الآلاف من عمال شركة غزل المحلة قرروا هذا الأسبوع تعليق إضراب عام قاموا به على مدى 12 يوما للمطالبة بتحسين أحوالهم المالية وللمطالبة بتغيير إدارة الشركة التي يتهمونها بالفساد، وذلك بعدما تم تحقيق بعض مطالبهم، لكنهم أكدوا عودتهم للإضراب مجددا إذا لم تتم تلبية بقية المطالب خلال وقت قريب.
‘التوكتوك’ يُضرب
ولا تخلو وسائل الإعلام المحلية على مدى الأسابيع الماضية من أنباء عن إضرابات هنا أو هناك، حيث شملت القائمة سائقي ‘التوكتوك’، وهو مركبة صغيرة تستخدم في النقل بالشوارع الفرعية وفي مدن الريف.
كما شملت العاملين بالبريد والشهر العقاري في ظل مظاهرات يومية تتعلق بالشأن السياسي، حيث ترفض السلطة الحالية وتطالب برحيلها وعودة السلطة الشرعية في إشارة إلى الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي عزله قائد الجيش في 3 يوليو/تموز الماضي بدعم من قوى سياسية وشعبية بدعوى الاستجابة إلى تظاهرات شعبية خرجت في 30 يونيو/حزيران الماضي.
وتمثل الإضرابات والمطالب الفئوية عبئا كبيرا على السلطة بالتزامن مع استمرار التظاهرات السياسية، وهو ما يلقي عبئا كبيرا على الحكومة في ظل وضع اقتصادي مأزوم وأفق سياسي مسدود.
يشار إلى أن رئيس الوزراء إبراهيم محلب -الذي كلفه رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور بتشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة حازم الببلاوي المستقيلة -على خلفية الإضرابات العمالية- أكد أنه سيعمل على حل هذه المشكلات عبر ‘التواصل والمصداقية’ مع المضربين.
وأوضح محلب أنه سيصارح العاملين بأن ‘هناك طلبات يمكن أن يكونوا محقين فيها، ولكن إذا ارتفع سقف المطالب بشكل غير منطقي فإن هذا يعني هدم البلد’.
المصدر: الجزيرة