أصدر مجلس الوزراء المنعقد مساء أمس الخميس 24 مارس 2022 بقصر قرطاج، الأوامر الترتيبية المتعلقة بمرسوم “الشركات الأهلية”، وقد تمّ يوم 20 مارس الجاري توقيع هذا المرسوم وصدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، يوم 21 مارس 2022.
ويقول نصّ المرسوم إنّه يهدف إلى إحداث نظام قانوني خاص بالشركات الأهلية يقوم على “المبادرة الجماعية والنفع الاجتماعي“.
ويقول سعيد إنّ الشركات الأهلية (أعلن عن عزمه إحداث قانونها منذ 19 نوفمبر 2021)، يساهم فيها المواطنون والشباب على وجه الخصوص لخلق الثروة بأدوات جديدة.
وهنا تجرد الإشارة إلى سعيد ضمن “الشركات الأهلية” ضمن مرسوم صدر بنفس التاريخ وهو مرسوم “الصلح الجزائي” الذي ينص على إنشاء شركة أهلية في كل معتمدية، الذي بدوره تحوم حوله العديد من التساؤلات المشروعة عن قائمة رجال الأعمال ومن سيضبطها والحماية القانونية التي ستُوفر لهم ومدى مشروعية إخضاعهم لـ “محاكمة شعبية” وتقاطع “الصلح الجزائي” مع مسار العدالة الانتقالية وعلاقة كلّ ذلك بالمحاسبة القضائية للمتجاوزين منهم للقانون.
إلى ذلك، من سيسير من “المواطنين والشباب” هذه الشركات وبأيّ آليات؟
يقول المرسوم إنّ التسيير جماعي، فعلى أيّ أساس سيتُحدّد مجموعة بعينها دون أخرى لتسير المؤسسة في مستوى كل معتمدية. وينص الفصل 13 من المرسوم على أنّ “الشركات الأهلية تتكون من أشخاص طبيعيين لا يقل عددهم عن 50 شخصا وتتوفر فيهم صفة الناخب في الانتخابات البلدية”.
فلماذا اشترط المرسوم “صفة الناخب” للمساهم في الشركة الأهلية؟
ويوهم الخطاب الرسمي أنّ دور “الأهالي” يقتصر على التسيير الإداري للشركة بينما الواقع أنّ على من يريد أن يكون عضوا في الشركة أن يساهم بمبلغ قدره 10 آلاف دينار في الشركات المحلية و20 ألف دينار في الشركات الجهوية وفق ما ينصّ عليه الباب الثاني من المرسوم، خصوصا الفصلان 14 و16 منه.
وبغضّ النظر عن ذلك، رغم أهميته فالعاطل عن العمل يستحيل عليه تجميع 10 الاف دينار أو 20 ألف دينار، ما هو المشروع الذي يمكن ألا يتجاوز رأس ماله هذا المبلغ الضئيل؟ بما يتطلبه من حاجيات لوجستية من إمكانيات بشرية وتجهيزات؟
قرض؟ كل مؤسسة بنكية تفرض ضمانات وهذا من حقها كمؤسسة، ما هي ضمانات “البطال”؟ من يتحمل عدم سداد أقساط القرض البنكي؟
والأهم من كلّ ما سبق ذكره فإنّ هناك ضبابية أو مغالطة في ذكر دور رجال الأعمال المشمولين بالصلح الجزائي في هذه الشركات الأهلية، ذلك أنّ رئيس الجمهورية نفسه ذكر في أكثر من مناسبة أنّ المشاريع التي سيساهم فيها “المطالبون بالصلح” هي مشاريع غير ربحية على غرار المدارس والطرقات والمستشفيات.
في المقابل، نصّ الباب الثالث من مرسوم الصلح الجزائي في المطة الثانية من الفصل 30 على أنّ ” 20 % (من عائدات الصلح الجزائي) تُخصص لفائدة الجماعات المحلية بغاية المساهمة في رأس مال مؤسسات محلية أو جهوية تأخذ شكل شركات ذات صبغة أهلية أو استثمارية أو تجارية طبقا للتشاريع الجاري بها العمل”.
ختاما، فإنّ تونس تعيش على وقع أزمة اقتصادية عمقتها الأزمة السياسية فضلا عن أنّ أحدث إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء بخصوص البطالة أكّدت ارتفاعها بنسبة ـ 0.5 نقطة في الثلاثي الثالث من 2021 مقارنة بالثلاثي الثاني لتبلغ 18.4 % في صفوف التونسيين وإلى 42 بالمائة في صفوف الشباب الذين يشكلون ضغطا على سوق الشغل.
فهل ستكون “الشركات الأهلية” (إن تجاوزت حبر الورق الذي كتبت به) حلا؟ أم أنّ مجرّد أوهام لا يمكن تطبيقها؟