تزامنا مع الذكرى المائة لتأسيس الحزب الدستوري على يدي الشيخ والأستاذ عبد العزيز الثعالبي في العشرينات من القرن الماضي، انتظمت يومي أمس واليوم ندوة علمية بعنوان: “عبد العزيز الثّعالبي وإشعاعه مغربًا ومشرقًا” نظمها كل من “المنتدى الثقافي” و”منتدى الشيخ عبد العزيز الثعالبي” في تونس بالتعاون مع “جامعة الزيتونة” ومركز “مجد” في الجزائر و”جمعية دعم العلوم” في أنقرة بمشاركة نخبة من الباحثين من تونس والجزائر ومصر وتركيا والكويت.
والندوة حسب مديرها الباحث بمركز الوثائق والأبحاث القطري الدكتور مصطفى الستيتي، فرصة لرد الاعتبار للشيخ الثعالبي الذي قضى عمره لخدمة تونس والأمة العربية لأنه لم يحظى بالإهتمام اللائق بمكانته الأدبية والعلمية والنضالية في تونس.
وقال الدكتور الستيتي في تقديمه للندوة، أن العديد من محاضرات الشيخ الثعالبي التي نشرت باللغة الإنجليزية أثناء سفره للمشرق وأندونيسيا، ومازالت لم تصلنا إلى اليوم ولم يتسنى جمعها في كتاب واحد بعد الشيء الذي اعتبره يحتاج إلى جهد.
وأضاف الستيتي أن الثعالبي عاش فترة صعبة في تونس بسبب السجن وملاحقة قوات الاحتلال الفرنسي له ورقابتها الشديدة على الصحافة، مضيفا أن هجرة مؤسس الحزب الدستوري للشرق وجد فيها البيئة التي تحتضنه وتساعده على الانتاج العلمي والفكري كما أنها خدمته من ناحية بروزه واهتمام الصحافة به هناك من خلال تدوينها لكل حركاته ونشرها لمحاضراته ومقالاته.
كما أكد أن الشيخ الثعالبي لم يجد نفسه في تونس يوم عاد لها بعد سنين من الغربة حيث وجد الحزب الذي أسسه وقد انقسم لشقين شقٌ كان بزعامة الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة وشق آخر ظل يواليه وبسبب التجاهل الذي عاناه حينها انزوى الثعالبي وقر في بيته إلى حين وفاته ليعود إسمه للواجهة بعد مماته ويعود الإهتمام مسلطا عليه.
وألقى كلمة الإفتتاح للدكتور عبد اللطيف بوعزيزي رئيس جامعة الزيتونة حيث استعرض في كلمته أهم المحطات المضيئة في المسيرة العلمية والنضالية للشيخ الثعالبي.
من جهته ألقى أستاذ التعليم العالي والتاريخ والحضارة منير رويس كلمة حملت عنوان “البعد التاريخي في فكر عبد العزيز الثعالبي” بين فيها أن من أسباب عدم التعمق في الحديث عن شخصية الثعالبي هو الخصومة السياسية التي كانت قائمة بينه وبين الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة.
وبين رويس أن الطبيب الدكتور أحمد بن ميلاد اهتم بتراث الثعالبي حيث كان يجمعه به الانتماء للحزب الدستوري القديم واستطاع العمل عليه بمعونة أساتذة آخرين ونشر الكثير منه في حياة الشيخ وبعد وفاته.
وتحدث رويس عن طرافة فكر الشيخ الثعالبي من حيث أنه كان يؤسس لمجموعة من الثوابت أهمها الانتماء للأمة الإسلامية كما أنه كان متميزا بحسن البيان والفصاحة علاوة على أنه كان ينادى بتعليم البنات وتحسين الاقتصادي للبلاد والتعاون بين الدول المسلمة.
الندوة التي عقدت مقسمة على يومين سعت لتسليط الضوء على المسيرة التاريخية والنضالية للشيخ الثعالبي ودوره التنويري في تونس وخارجها.