قال القاضي البشير العكرمي وكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الابتدائية بتونس إنه “على ثقة تامة بمهنية القضاء التونسي وقدرته على إنهاء المظلمة التي تعرض لها منذ عدة سنوات،بسبب سعي بعض الأطراف السياسية بعد الثورة لتوظيف القضاء سياسيا.
و أكد العكرمي ،في حوار مع موقع “عربي 21″ نشر أمس الخميس، أنه لم يكن سياسيا في يوم من الأيام، حتى أيام حياته الطلابية لم تكن التيارات السياسية لتستهويه ،كما لم تغرِنيه الأحزاب السياسية لا قبل الثورة ولا بعدها، بقدر ما كان ملتزما بمعايير القضاء المهني الحرفي الذي تشربه منذ أيامه الجامعية وصولا إلى حياته المهنية”.
و أضاف العكرمي أنه يشعر بحزن شديد، جراء ما تتعرض له مؤسسة القضاء من محاولات هرسلة وترذيل وتوظيف سياسي غير مسبوق، معتبرا ذلك واحدا من مظاهر انهيار الدول والمشاريع السياسية الكبرى.
و أوضح العكرمي أن الاتهام الموجه له بأنه قريب من حركة “النهضة” باطل قائلا: “هذا ادعاء باطل تماما، فأنا لم ألتق في حياتي رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أبدا، ولو كنت فعلا أرغب في العمل السياسي فإنه كان بإمكاني الانسحاب من القضاء لأتفرغ لذلك، وهو أمر أصبح متاحا بعد الثورة”.
و وقال العكرمي: “الغريب والمثير للدهشة فعلا، أن القضايا جميعها تقريبا التي أتابع بشأنها رفعها ضدي حزب الوطنيين الديمقراطيين المعروف بميوله اليسارية فقط لأنني رفضت توجيه اتهام سياسي لأطراف بعينها دون دليل”.
وأضاف: “سنة 2015 حصل تلاقٍ موضوعي بين هذا الشق، أي هيئة الدفاع والنقابات الأمنية في استهدافي، من خلال حملة “الأمن يشد والقضاء يسيب” على خلفية ملف الاعتداء الإرهابي على متحف باردو انخرط فيه نواب الشعب للأسف الشديد، في الجهة المقابلة شق كبير من القضاة اعتبر الاستعمال السياسي للقضايا غايته الزج بالقضاء في الصراع السياسي وهو استهداف لاستقلالية القضاء”.
و أفاد العكرمي بأنه واجه بإرادة القاضي وتمسكه باستقلاليته ضغوطا كبيرة، منها فتح أكثر من ملف تأديبي ضده بضغط سياسي، قائلا: “هددني الوزير محمد صالح بن عيسى (مقرب حاليا من سعيد، عينه أمينا عاما مساعدا للجامعة العربية ومن مستشاريه، كان حينها من وزراء الباجي ومقربا من جمعيات اليسار) بتوجيه اتهام سياسي في قضية الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وهو أمر رفضته لأنه ببساطة لا يوجد ما يوثق ذلك على المستوى القضائي”.
واستعرض العكرمي مسيرته القضائية في التعامل مع القضاء الدولي، لا سيما في قضيتي تفجيرات سوسة وباردو في العام 2015، حيث كان ضحايا التفجيرات الأولى أكثرهم من البريطانيين بينما كان ضحايا باردو ينتمون لنحو 12 دولة غربية وأفريقية.
وقال: “لقد تصدرت التحقيق في القضيتين بالتعاون مع الشرطة البريطانية (سكوتلنديار) والقضاء البريطاني، وكذلك مع القضاء الأوروبي في لاهاي، وكان تعاوني معهم مهنيا وحصلت على اعتراف منهم بذلك، وتم تكريمي في لندن ولاهاي على الجهد القضائي الذي قمت به في الكشف عن خفايا الهجومين الإرهابيين في سوسة وباردو، وهي شهادات أفخر بها وأعتبرها من أجمل ما أنجزت خلال حياتي المهنية”.