قال رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي،في حوار مع “الجزيرة .نت” نشر اليوم الإثنين، “لقد تحول الرئيس قيس سعيد إلى معبّر وحيد عن معاني الفشل التي تعاني منها التجربة التونسية”.
و أضاف الغنوشي: “الكلمة التي تلخص أي حكم يمكن أن نطلقه على إجراءات قيس سعيد هي الفشل والفشل الذريع، فشل في الوفاء بقسمه على الدستور، وفشل في الوفاء بعهوده باحترام ما أبقى من فصوله، وفشل في إيقاف الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشعب التونسي، وفشل في أن يستجيب لتوقعات الفئات الشبابية المحرومة التي قدم نفسه متحدثا باسمها، بل قام بإلغاء القانون الذي صوّت عليه البرلمان لتمكين الذين طالت بطالتهم من حقهم في العمل”.
وحول اتهام حركة النهضة بمسؤولية 10 سنوات من الإخفاق السياسي والاقتصادي والاجتماعي و وصف فترة حكمها بالعشرية السوداء قال الغنوشي: “نحن رفضنا أن نصف فترة ما قبل الثورة بالشر المطلق، ورسولنا الكريم لم يقل جئت لأمحو كل شيء، بل قال عليه الصلاة والسلام أتيت لأتمم مكارم الأخلاق، لا نريد أن نكون مثل من حقت عليه آية “كلما دخلت أمة لعنت أختها”، بل نريد أن نتبع مثل رسولنا الكريم، فأي وصف لفترة ما بالشر المطلق هو وصف غير موضوعي وغير نزيه وله أهداف إقصائية متطرفة”.
وحول خشية حركة النهضة من حلها من قبل الرئيس قيس سعيد قال الغنوشي “نحن في حركة النهضة ليس لنا خشية من أي مسار قضائي في ظل القضاء المستقل والحر، كما أن حركتنا لم تتسلم شهادة ميلادها من أحد غير شعبها بإذن من الخالق، ولذلك هي لا تخشى أن تتلقى شهادة وفاة من أحد غير شعبها بإذن من الله، وكم من نعي تلقيناه ولكننا ظللنا أحياء، بل نزداد حياة بفضل الله وبالتأييد المتكرر لشعبنا منذ زهاء نصف قرن، بل هي حقوق طبيعية كانت مغتصبة منا وجاءت الثورة كي تميط عنها الغبار”
وحول ما يتم تداوله عن الزيارة المرتقبة لوفد برلماني أوروبي لتونس أوضح الغنوشي “أن هذه الزيارة لم تتأكد بعد”، مشددا على “الترحيب بكل المتضامنين مع الديمقراطية التونسية التي أعطت أملا في العالم أن الديمقراطية ممكنة في العالم العربي”، وداعيا قبل ذلك” لأن يتضامن البرلمانيون كلهم كي يعيدوا الحياة لهذه المؤسسة الشرعية ويقوموا بالأمانة التي كلفهم بها الشعب التونسي الذي انتخبهم”.
وبخصوص اتهام حركة النهضة من قبل الرئيس بالاستقواء بالخارج قال الغنوشي “تونس ليست معزولة عن محيطها الإقليمي أو الدولي، وهي جزء من المنتظم الديمقراطي في العالم، وهي تمتعت وتتمتع بالكثير من الدعم المالي والاقتصادي على أساس بنائها القانوني الديمقراطي، ولذلك فإن تهديد المسار الديمقراطي هو في الحقيقة تهديد لخبز التونسيين وأمنهم وعلاقاتهم الخارجية”.
و أضاف الغنوشي”لتونس الكثير من الأصدقاء في العالم، ونحن حريصون على أن نتواصل مع الجميع بما ينفع بلدنا ويعزز مكانته، وبصفتنا الرسمية كرئيس للبرلمان وبصفتنا السياسية الحزبية وبصفتنا مواطنين معنيون من خلال علاقاتنا بنظائرنا في البرلمانات بالدفاع عن بني وطننا وعن مصالح دولتنا”.
وبخصوص ما قامت به هيئة الدفاع عن شكري بلعيد من محاصرة لمنزله قال الغنوشي “لم تتم محاصرة بيتي وإنما كان هناك بضعة أنفار تجمعوا غير بعيد، ومع ذلك ما حصل يعد سابقة خطيرة لأن مداهمة منازل الخصوم هي عمل مليشيات، لأن المنازل لها حرمتها وفق القانون والعرف والأخلاق”.
و أضاف” أقول أيضا إنه من العيب أن يستعمل دم الشهيدين بلعيد والبراهمي لتشريع الانقلاب والاعتداء على القضاء، خاصة أن المغدورين -رحمهما الله- كانا ممن دافع عن دولة القانون والمؤسسات”، مشيرا إلى أن الحركة تتعاطى مع هذا الملف في إطار القانون، وتصر على أن يتم حسم مثل هذه الملفات في إطار القضاء المستقل والحر”.
وحول وضع القيادي بحركة النهضة نورالدين البحيري قال الغنوشي “اختطفوه ثم طفقوا ينقبون في دفاترهم عن أي تهمة لتسويغ اعتقاله فما ظفروا بشيء يمكن أن يصمد أمام قضاء مستقل”مضيفا ” ،ما فعله قيس سعيد مع الأستاذ نور الدين من خلال الاختطاف والإخفاء القسري جريمة ضد الإنسانية حسب القانون الدولي، وهذا قد وضع كل مؤسسات الدولة في وضعية الخارج عن القانون والمعتدي على جميع فصوله”.
وعن إجابته على سؤال إلى أي حد يمكن للرئيس قيس سعيد أن يذهب في مشروعه السياسي قال الغنوشي “هل لقيس سعيد مشروع؟ بعد سنتين من حكمه وحكم من اختارهم نحن لا نرى إلا عمليات الهدم ولا مشروع بناء شيّد، ولذلك نحن نخشى على تونس وعلى أبناء الشعب التونسي أن تزيد الأزمة الاقتصادية سوءا وأن تنهار البلاد”،
وعبر الغنوشي عن ثقته في أن الشعب التونسي سيكون قادرا على الخروج من هذا المأزق بما ترسخ من بذور الحرية في جيل جديد تفتح وعيه على الحرية ولن يقبل بعودة نظام زوار الفجر والإعلام الخشبي ونظام اللجان الشعبية والاستفتاءات والاستشارات على المقاس ونواب نظام القرعة”،وفق قوله.
و رأى الغنوشي أنه ليس هناك من آليات لمقاومة الاستبداد إلا النضال السلمي والمدني الدائب، قائلا “الخروج للشارع مهم بل مهم جدا، وذلك أن الانقلاب قام على كذبة أن الشارع معه، والذين نزلوا للشارع بينوا أن الأغلبية خرج شارعها مرات متتالية ضد الانقلاب مقابل عشرات، مما يؤكد أن في البلاد اليوم شارعا واحدا هو الرافض للانقلاب، وأن قيس سعيد عاجز عن توفير الدعم الشعبي الفعلي وإن كان له يوما دعم فهو قد فقده”.