• إتصل بنا
  • خريطة الموقع
  • من نحن
السبت 24 ذو الحجة 1443, 23-07-2022
  • دخول
الصدى نت
  • كل الأخبارأخبار 24
  • سياسة
  • صدى البرلمان
  • جهات
  • ملفات
  • ميديا
    • فيديو
    • صور
  • رياضة
    • رياضة وطنية
    • رياضة عالمية
No Result
View All Result
الصدى نت
  • كل الأخبارأخبار 24
  • سياسة
  • صدى البرلمان
  • جهات
  • ملفات
  • ميديا
    • فيديو
    • صور
  • رياضة
    • رياضة وطنية
    • رياضة عالمية
No Result
View All Result
الصدى نت
No Result
View All Result

الرئيسية » أقلام حرة » المواطن في تونس بين شح الماء وأضرار الفيضانات

المواطن في تونس بين شح الماء وأضرار الفيضانات

الصدى نت كتبه الصدى نت
الثلاثاء 18 رجب 1442ﻫ 2-3-2021م
in أقلام حرة
6
89
فيسبوكتيوتر

ما زالت الأصوات ترتفع عبر أمواج الأثير وحلقات الحوار المتلفزة لإنذار المواطنين من مخاطر شح الماء التي تحدّق بكل المدن بما فيها العاصمة تونس، ونحن على أبواب فصل الربيع بعد أن قضينا فصلي الخريف والشتاء التي تخللتهما أياما عسيرة على العديد من المدن من جراء الفيضانات المربكة التي انهارت تحت وطأتها كل مقومات جودة الحياة لدى المواطنين القاطنين في هذه المدن التي يمكن أن نعدها كمدن منكوبة من هول ما خلفته هذه الفيضانات على عيش المواطنين، خاصة منهم ضعفاء الحال.

وككل سنة، تتعدد صيحات الفزع من جراء ما خلّفته الفيضانات من خسائر، ثم بعد بعض الأسابيع تخفت هذه الصيحات لتأخذ مكانها صيحات أخرى تحذر الناس من مخاطر شح الماء ونقص الموارد المائية. هذا التناقض في المواقف، إن كان صادرا عن المواطن، فهو طبيعي لأن المواطن لا يملك حقيقة المعطيات التي تتعلق بالموارد المائية في البلاد التونسية، أما إذا كان هذا التناقض في المواقف يصدر عن المصالح الفنية المكلفة بالتصرف المستديم في الموارد المائية الكفيل بتوفير المياه الصالحة للاستهلاك لسد حاجيات كل المواطنين والأنشطة الاقتصادية والخدماتية في كل شبر من أرض الوكن، كما ينص على ذلك دستور البلاد.

الطريق السيارة تونس الحمامات: دخان كثيف يحجب الرؤية والحرس الوطني يحذر

الجمعة 23 ذو الحجة 1443ﻫ 22-7-2022م
0

رئيسة مرصد شاهد: هيئة الانتخابات ليست مستقلة باعتبارها منصّبة وتزوير النتائج وارد

الجمعة 23 ذو الحجة 1443ﻫ 22-7-2022م
0


فكيف يقتنع المواطن بأن ظاهرة شح الموارد المائية التي تنشط في الترويج إليها المصالح العمومية المكلفة بالتصرف في الموارد المائية، هي ظاهرة حقيقية، و هذا المواطن يتعرض في كل سنة إلى فيضانات مربكة تتسبب فيها ملايين إن لم تكن مليارات من الأمتار المكعبة من مياه السيلان التي تنسكب في البحر أو السباخ بعد أن تجرف و تدمر جل ما يعترض سبيلها أثناء كل هطول شديد للأمطار الذي صار تواتره كبير في بلادنا التونسية خلال العشرية الحالية كظاهرة من ظواهر التقلبات المناخية؟


كل الدراسات تفيد أنه من آثار التغيرات المناخية التي يعيشها كوكب الأرض تواتر فترات الأمطار ذات الهطول الشديد مع فترات الجفاف الظرفي خلال نفس السنة، و يكون بذلك عدد الأيام الممطرة في السنة أقل بكثير مما كان عليه من قبل، في حين أن معدل المياه المتأتية من الأمطار يبقى في نفس الحجم المعتاد تقريبا. وهذا التغيير في ظاهرة توزيع الأمطار يتطلب من المصالح العمومية المكلفة بالتصرف في الموارد المائية أن تغير طرق عملها و استراتيجياتها في تعبئة الموارد المائية بما يمكنها من التقليص في حجم مياه السيلان الفيضانية التي تنسكب في البحر و خزن جزء منها في المائدة المائية و الترفيع في مخزون المياه بما يكفي سد حاجيات كل المستهلكين للموارد المائية في كل رقعة من ربوع البلاد.


فعلى سبيل المثال، تفيد البيانات التي تصدرها وزارة الفلاحة و الموارد المائية أن سد سيدي البراق بعد أن يمتلئ، يلقي في البحر حوالي 3 مليار متر مكعب من المياه ذات الجودة المرتفعة، فلماذا تخسر البلاد هذا الحجم الكبير من المياه وهي تلوح كل سنة بخطورة ظاهرة شح الماء؟


واعتمادا على المعطيات الكمية التي توفرها مصالح وزارة الفلاحة و الموارد المائية، تتقبل البلاد التونسية كل سنة ما بين 22 مليار متر مكعب من الموارد المائية عبر الأمطار خلال الأعوام الجافة و حوالي 40 مليار من الموارد المائية خلال الأعوام الممطرة. و في المقابل، يبلغ حجم ما تستهلكه البلاد التونسية من موارد مائية كل سنة حوالي 2,4 مليار متر مكعب، منها حوالي 1,4 مليار متر مكعب للري، و حوالي 650 مليون متر مكعب لحاجيات سكان المدن و القرى و السكان الريفيين، و البقية لسد حاجيا الأنشطة الاقتصادية و الخدمية الأخرى.

فبالمقارنة بين حجم الموارد المائية التي توفرها الأمطار كل سنة، مع العلم أن جل التراب التونسي تقريبا ينعم كل عام بحجم معين من مياه الأمطار، و حجم الاستهلاك السنوي، يتضح أن ظاهرة شح الموارد المائية التي يروج إليها ليلا و نهارا لا يتأتى من نقص في الموارد المائية التي تتوفر طبيعيا كل سنة بل سببه هو كيفية التصرف في حجم المياه التي توفرها الأمطار التي جزء كبير من هذه الموارد تنسكب في البحر و السباخ بعد أن تدمر التجهيزات و تجرف الأراضي بفعل الفيضانات.


و في هذا الشأن بينت الأمطار الفيضانية التي عاشتها و ستعيشها في المستقبل أغلب مدن البلاد التونسية أن البنية التحتية الكفيلة بتصريف مياه الأمطار والسيول عاجزة على أن تؤدي وظائفها على الوجه المطلوب حيث غمرت السيول الجارفة المنازل والمغازات والورش والمدارس والساحات بعد أن جرفت السيارات وبعثرت حركة المرور وعطلت المواصلات في جل مدن الشمال والوسط. إن هذه الأمطار وهي تجرف ما جرفت وتربك ما أربكت مفاصل الحياة، إنما تجرف ما تبقى من مقومات جودة حياة المواطن التونسي الذي زادت هذه الفيضانات في تكدير حياته وتنغيص عيشه مما يزيد في منسوب الضنك لديه والإحباط فتنزع عنه ما تبقى من أسباب الاطمئنان لديه بعد أن سلبه ضعف الأمن والاستقرار طمأنينة النفس، فكيف تريده يا ترى أن ينشط في عمله ويبذل الجهد المطلوب فيه؟


فهل أن المشكلة التي تتسبب فيها هذه الأمطار هي مشكلة ظرفية يمكن تجاوزها بعد إصلاح العطب الذي يعطل وظائف قنوات تصريف مياه الأمطار وكل مكونات البنية التحتية التي من شأنها أن تحمي المدن والأحياء السكنية من الفيضان؟


هل أن معاناة المواطن التونسي من مخلفات الأمطار الفيضانية من جهة، و من ظاهرة شح المياه من جهة أخرى، ستتوقف يوما ما في تونس؟
حسب رأيي هناك عدم إدراك كبير لواقع الحال من قبل المصالح العمومية المكلفة بالتصرف في الموارد المائية و الأطراف الفاعلة في مجال حماية المدن من الفيضانات، وهو أمر لا بد من لفت نظر المواطن إليه لأن هذا المواطن، في الأول والآخر، هو الذي يتحمل كلفة كل الأعباء والتبعات، يدفعها بانعدام أبسط مقومات جودة حياته وهو الأمن والطمأنينة والعيش السليم.


فعلى المواطن أن يعلم أن ما يقال عبر الحوارات المتعددة التي أجرتها العديد من القنوات التلفزية من أن الأمطار التي لم تتمكن تجهيزات حماية المدن من الفيضانات وتصريف مياه الأمطار من استيعابها وحماية المواطن من كوارثها، هي أمطار شرسة لا تأتي إلا مرة واحدة كل مائة سنة أو ألف سنة، فعلى المواطن أن يعلم أن هذا النوع من الأمطار وأشرس منه أكثر شهدتها مدن تونسية أكثر من مرة خلال العشرية المنقضية، فهي إذا ليست بأمطار نادرة الحصول كما يريد مهندسي المصالح الفنية التابعة للوزارات المعنية إيهام الرأي العام الوطني بها و ذلك للتنقيص من حجم أو ثقل مسؤوليتهم المباشرة في ذلك.


فالمواطن الذي شيد مسكنه حسب تراتيب مثال التهيئة العمرانية والتراخيص الضرورية لذلك، ثم تغمر مياه الأمطار مسكنه، عديد المرات في السنة، فمن يتحمل مسؤولية الأضرار المادية والأدبية وحالة الإحباط التي يعيشها ذلك المواطن المظلوم؟ حسب رأي فالمسؤول الأول على هذا النوع من الحالات هي المصالح العمومية المكلفة بتعبئة الموارد المائية المتأتية من الأمطار و خزنها في المائدة المائية حتى لا نراها في السيول الجارفة من جهة، و الجهة التي تشرف على إعداد أمثلة التهيئة العمرانية التي أدرجت مجاري الأودية المطموسة ظاهريا ضمن المناطق السكنية، وهذا خطأ شائع لا زالت العديد من الأحياء العمرانية تعاني من تبعاته.


أما المواطن الذي شيد مسكنه في منطقة عمرانية سكنية حسب مثال التهيئة العمرانية، ثم بعد مدة تم مد قناة لتصريف مياه الأمطار بجوار مسكنه، فتفيض عليه هذه القناة التي تحمل مياه تأتي من مناطق أخرى، وتغمر المياه الملوثة مسكنه وتدخل غرفه وتتلف ممتلكاته وتعكر عيشه، من يتحمل مسؤولية الأضرار والإحباط الذي لحقت بهذا المواطن؟ بالطبع المسؤول الوحيد هي المصالح الفنية للوزارة المشرفة على التعمير والتجهيز وحماية المدن من الفيضانات، حيث تبين هذه الحالات المتواترة والمنتشرة في عديد المدن التونسية أن هناك خلل فني في كيفية تركيز قنوات صرف مياه الأمطار وحماية السكان المجاورين من مخاطر فيضانها.


أما المواطن الذي شيد مسكنه حسب تراتيب مثال التهيئة بجوار مجرى الواد، وقد تم تجهيز هذا المجرى بمعدات الحماية من الفيضان، لكن لم تصمد هذه المعدات أمام السيول الجارفة التي تحدثها الأمطار الفيضانية، فتغمر المياه المساكن والساحات وتتعطل حركة المرور وترتبك الحياة لساعات أو لأيام، فمن هو المسؤول عن هذه الحالات؟ أليست المصالح الفنية التي أشرفت على تركيز التجهيزات والمعدات الضرورية لحماية الأجوار من فيضان الواد هي المسؤولة الوحيدة في هذا المجال؟ أليس المواطن هو الضحية في هذه الحال كما في الحالات السابقة؟


إني لا أريد إدراج حالات أخرى تتسبب في تدني جودة حياة المواطن من جراء تواتر الفيضانات وما يواكبها من أضرار مادية ونفسية لا يتكبدها إلا المواطن، كحالات البناء خارج أمثلة التهيئة العمرانية حيث يمثل انتشار السكن غير المنتظم حوالي نصف المد العمراني لجل المدن التونسية كبرة كانت أو متوسطة. هذا التمدد السريع للمدن داخل وخارج أمثلة التهيئة العمرانية ساهم بصفة مباشرة في مضاعفة منسوب السيلان بعد الأمطار المعتادة، فكيف يكون الحال حين الأمطار الفيضانية؟ فهل أن ضبط شكل وحجم القنوات التي يتم تركيزها لتصريف مياه الأمطار، والمعدات والتجهيزات لحماية المدن من الفيضانات قد أخذ بعين الاعتبار ارتفاع منسوب السيلان بعد الأمطار؟ أطرح هذا السؤال لأن الواقع الذي تعيشه المدن التونسية بعد كل مطر يلح علنا لطرح هذا السؤال وعلى الجهة المسؤولة أن ترد على هذا السؤال.


فلو كانت الدراسات التي تحدد حجم و شكل القنوات و التجهيزات الكفيلة بتصريف مياه الأمطار و حماية المدن من الفيضانات قد أخذت بعين الاعتبار المنسوب الحقيقي للسيلان لما حصلت هذه الفيضانات بالمدن سواء التي كانت بجوار الأودية أو التي لا صلة لها بالأودية و تشهد رغم ذلك فيضانات تغمر مساكن الناس و تنكد عليهم عيشهم.
إن ما تشهده تونس من تواتر سريع للأمطار الشرسة والفيضانية يؤكد ما استشرفته الدراسات التي تناولت آثار وانعكاسات التغيرات المناخية والتي تبين أن التوزيع الفصلي والتوزيع المجالي للأمطار سيتغير مع ارتفاع ملحوظ في شراسة الأمطار وامتداد في فترات الجفاف، وما كان من مجال الاحتمالات في هذه الدراسات أصبح اليوم من الواقع المعاش. لهذا يجب علينا أن نتهيأ لهذا. و في هذا المجال لا بد من الإقرار بأن استرتيجية تعبئة الموارد المائية الحالية التي لا تعطي الأولوية لتجهيز البلاد بمعدات و وسائل تكفل تسرب المياه المطرية في المائدة الباطنية يجب عليها أن تتغير حتى تستطيع البلاد من الترفيع في حجم المياه التي تحتضنها الموائد المائية الباطنية.


كما يجب كذلك الإقرار بأن حجم و شكل والانتشار الجغرافي الحالي لقنوات تصريف مياه الأمطار وتجهيزات حماية المدن من الفيضانات لا تستطيع القيام بوظائفها على الوجه المطلوب و بالتالي فإن خطر الفيضانات و غمر المساكن و المغازات و المدارس و الساحات بالمياه على إثر الأمطار سيتضاعف في المستقبل، و لهذا لا بد من تدريب المواطن على حماية مسكنه و مغازته بصفة منفردة أو في تعاون مع الأجوار وكما يقال ” حمل الجماعة ريش”.

أما المصالح العمومية المسؤولة عن حماية المواطن من الفيضانات عليها أن تعدد من قنوات تصريف الأمطار خاصة في المناطق التي تتعرض أكثر من غيرها للفيضانات خلال السنوات الأخيرة إذ أن المصارف الحالية لا تقدر على تصريف هذه السيول الكبيرة التي تحدثها الأمطار. فمن يتحمل كلفة هذه التجهيزات التي فرضتها التغيرات المناخية؟ هل أدرجت تونس في برنامجها الذي عرضته على المجموعة الدولية في قمم المناخ المتعاقبة خلال السنوات المنقضية كلفة التجهيزات الأساسية لحماية البلد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية التي تتسبب فيها الدول الكبرى الملوثة للغلاف الجوي للأرض؟ سؤال لا بد من الإجابة عليه، و إن غدا لناظره قريب.


وإلى أن تتحرك المصالح العمومية المكلفة بالتصرف في الموارد المائية من جهة، و المصالح العمومية المكلفة بتجهيز البلاد بالبنية التحتية و التهيئة الترابية و حماية المدن من الفيضانات من جهة أخرى إضافة إلى البلديات لتدارك الوضع الكارثي الذي تعيشه المدن على إثر كل مطر، وحتى يتحرك المجتمع المدني لتدريب المواطن على حماية مسكنه من مخاطر الفيضان، سيعيش ذلك المواطن في جل مدن البلاد في ضنك وإحباط وعدم الطمأنينة، فأين جودة الحياة التي أقرها الدستور كحق لكل مواطن يقطن تونس الخضراء.

أمواج الأثير وحلقات الحوار المتلفزة لإنذار المواطنين من مخاطر شح الماء التي تحدّق بكل المدن بما فيها العاصمة تونس، ونحن على أبواب فصل الربيع بعد أن قضينا فصلي الخريف والشتاء التي تخللتهما أياما عسيرة على العديد من المدن من جراء الفيضانات المربكة التي انهارت تحت وطأتها كل مقومات جودة الحياة لدى المواطنين القاطنين في هذه المدن التي يمكن أن نعدها كمدن منكوبة من هول ما خلفته هذه الفيضانات على عيش المواطنين، خاصة منهم ضعفاء الحال.

وككل سنة، تتعدد صيحات الفزع من جراء ما خلّفته الفيضانات من خسائر، ثم بعد بعض الأسابيع تخفت هذه الصيحات لتأخذ مكانها صيحات أخرى تحذر الناس من مخاطر شح الماء ونقص الموارد المائية. هذا التناقض في المواقف، إن كان صادرا عن المواطن، فهو طبيعي لأن المواطن لا يملك حقيقة المعطيات التي تتعلق بالموارد المائية في البلاد التونسية، أما إذا كان هذا التناقض في المواقف يصدر عن المصالح الفنية المكلفة بالتصرف المستديم في الموارد المائية الكفيل بتوفير المياه الصالحة للاستهلاك لسد حاجيات كل المواطنين والأنشطة الاقتصادية والخدماتية في كل شبر من أرض الوكن، كما ينص على ذلك دستور البلاد.


فكيف يقتنع المواطن بأن ظاهرة شح الموارد المائية التي تنشط في الترويج إليها المصالح العمومية المكلفة بالتصرف في الموارد المائية، هي ظاهرة حقيقية، و هذا المواطن يتعرض في كل سنة إلى فيضانات مربكة تتسبب فيها ملايين إن لم تكن مليارات من الأمتار المكعبة من مياه السيلان التي تنسكب في البحر أو السباخ بعد أن تجرف و تدمر جل ما يعترض سبيلها أثناء كل هطول شديد للأمطار الذي صار تواتره كبير في بلادنا التونسية خلال العشرية الحالية كظاهرة من ظواهر التقلبات المناخية؟


كل الدراسات تفيد أنه من آثار التغيرات المناخية التي يعيشها كوكب الأرض تواتر فترات الأمطار ذات الهطول الشديد مع فترات الجفاف الظرفي خلال نفس السنة، و يكون بذلك عدد الأيام الممطرة في السنة أقل بكثير مما كان عليه من قبل، في حين أن معدل المياه المتأتية من الأمطار يبقى في نفس الحجم المعتاد تقريبا. وهذا التغيير في ظاهرة توزيع الأمطار يتطلب من المصالح العمومية المكلفة بالتصرف في الموارد المائية أن تغير طرق عملها و استراتيجياتها في تعبئة الموارد المائية بما يمكنها من التقليص في حجم مياه السيلان الفيضانية التي تنسكب في البحر و خزن جزء منها في المائدة المائية و الترفيع في مخزون المياه بما يكفي سد حاجيات كل المستهلكين للموارد المائية في كل رقعة من ربوع البلاد.
فعلى سبيل المثال، تفيد البيانات التي تصدرها وزارة الفلاحة و الموارد المائية أن سد سيدي البراق بعد أن يمتلئ، يلقي في البحر حوالي 3 مليار متر مكعب من المياه ذات الجودة المرتفعة، فلماذا تخسر البلاد هذا الحجم الكبير من المياه وهي تلوح كل سنة بخطورة ظاهرة شح الماء؟


واعتمادا على المعطيات الكمية التي توفرها مصالح وزارة الفلاحة و الموارد المائية، تتقبل البلاد التونسية كل سنة ما بين 22 مليار متر مكعب من الموارد المائية عبر الأمطار خلال الأعوام الجافة و حوالي 40 مليار من الموارد المائية خلال الأعوام الممطرة. و في المقابل، يبلغ حجم ما تستهلكه البلاد التونسية من موارد مائية كل سنة حوالي 2,4 مليار متر مكعب، منها حوالي 1,4 مليار متر مكعب للري، و حوالي 650 مليون متر مكعب لحاجيات سكان المدن و القرى و السكان الريفيين، و البقية لسد حاجيا الأنشطة الاقتصادية و الخدمية الأخرى.

فبالمقارنة بين حجم الموارد المائية التي توفرها الأمطار كل سنة، مع العلم أن جل التراب التونسي تقريبا ينعم كل عام بحجم معين من مياه الأمطار، و حجم الاستهلاك السنوي، يتضح أن ظاهرة شح الموارد المائية التي يروج إليها ليلا و نهارا لا يتأتى من نقص في الموارد المائية التي تتوفر طبيعيا كل سنة بل سببه هو كيفية التصرف في حجم المياه التي توفرها الأمطار التي جزء كبير من هذه الموارد تنسكب في البحر و السباخ بعد أن تدمر التجهيزات و تجرف الأراضي بفعل الفيضانات.


و في هذا الشأن بينت الأمطار الفيضانية التي عاشتها و ستعيشها في المستقبل أغلب مدن البلاد التونسية أن البنية التحتية الكفيلة بتصريف مياه الأمطار والسيول عاجزة على أن تؤدي وظائفها على الوجه المطلوب حيث غمرت السيول الجارفة المنازل والمغازات والورش والمدارس والساحات بعد أن جرفت السيارات وبعثرت حركة المرور وعطلت المواصلات في جل مدن الشمال والوسط. إن هذه الأمطار وهي تجرف ما جرفت وتربك ما أربكت مفاصل الحياة، إنما تجرف ما تبقى من مقومات جودة حياة المواطن التونسي الذي زادت هذه الفيضانات في تكدير حياته وتنغيص عيشه مما يزيد في منسوب الضنك لديه والإحباط فتنزع عنه ما تبقى من أسباب الاطمئنان لديه بعد أن سلبه ضعف الأمن والاستقرار طمأنينة النفس، فكيف تريده يا ترى أن ينشط في عمله ويبذل الجهد المطلوب فيه؟


فهل أن المشكلة التي تتسبب فيها هذه الأمطار هي مشكلة ظرفية يمكن تجاوزها بعد إصلاح العطب الذي يعطل وظائف قنوات تصريف مياه الأمطار وكل مكونات البنية التحتية التي من شأنها أن تحمي المدن والأحياء السكنية من الفيضان؟


هل أن معاناة المواطن التونسي من مخلفات الأمطار الفيضانية من جهة، و من ظاهرة شح المياه من جهة أخرى، ستتوقف يوما ما في تونس؟
حسب رأيي هناك عدم إدراك كبير لواقع الحال من قبل المصالح العمومية المكلفة بالتصرف في الموارد المائية و الأطراف الفاعلة في مجال حماية المدن من الفيضانات، وهو أمر لا بد من لفت نظر المواطن إليه لأن هذا المواطن، في الأول والآخر، هو الذي يتحمل كلفة كل الأعباء والتبعات، يدفعها بانعدام أبسط مقومات جودة حياته وهو الأمن والطمأنينة والعيش السليم.


فعلى المواطن أن يعلم أن ما يقال عبر الحوارات المتعددة التي أجرتها العديد من القنوات التلفزية من أن الأمطار التي لم تتمكن تجهيزات حماية المدن من الفيضانات وتصريف مياه الأمطار من استيعابها وحماية المواطن من كوارثها، هي أمطار شرسة لا تأتي إلا مرة واحدة كل مائة سنة أو ألف سنة، فعلى المواطن أن يعلم أن هذا النوع من الأمطار وأشرس منه أكثر شهدتها مدن تونسية أكثر من مرة خلال العشرية المنقضية، فهي إذا ليست بأمطار نادرة الحصول كما يريد مهندسي المصالح الفنية التابعة للوزارات المعنية إيهام الرأي العام الوطني بها و ذلك للتنقيص من حجم أو ثقل مسؤوليتهم المباشرة في ذلك.


فالمواطن الذي شيد مسكنه حسب تراتيب مثال التهيئة العمرانية والتراخيص الضرورية لذلك، ثم تغمر مياه الأمطار مسكنه، عديد المرات في السنة، فمن يتحمل مسؤولية الأضرار المادية والأدبية وحالة الإحباط التي يعيشها ذلك المواطن المظلوم؟ حسب رأي فالمسؤول الأول على هذا النوع من الحالات هي المصالح العمومية المكلفة بتعبئة الموارد المائية المتأتية من الأمطار و خزنها في المائدة المائية حتى لا نراها في السيول الجارفة من جهة، و الجهة التي تشرف على إعداد أمثلة التهيئة العمرانية التي أدرجت مجاري الأودية المطموسة ظاهريا ضمن المناطق السكنية، وهذا خطأ شائع لا زالت العديد من الأحياء العمرانية تعاني من تبعاته.


أما المواطن الذي شيد مسكنه في منطقة عمرانية سكنية حسب مثال التهيئة العمرانية، ثم بعد مدة تم مد قناة لتصريف مياه الأمطار بجوار مسكنه، فتفيض عليه هذه القناة التي تحمل مياه تأتي من مناطق أخرى، وتغمر المياه الملوثة مسكنه وتدخل غرفه وتتلف ممتلكاته وتعكر عيشه، من يتحمل مسؤولية الأضرار والإحباط الذي لحقت بهذا المواطن؟ بالطبع المسؤول الوحيد هي المصالح الفنية للوزارة المشرفة على التعمير والتجهيز وحماية المدن من الفيضانات، حيث تبين هذه الحالات المتواترة والمنتشرة في عديد المدن التونسية أن هناك خلل فني في كيفية تركيز قنوات صرف مياه الأمطار وحماية السكان المجاورين من مخاطر فيضانها.


أما المواطن الذي شيد مسكنه حسب تراتيب مثال التهيئة بجوار مجرى الواد، وقد تم تجهيز هذا المجرى بمعدات الحماية من الفيضان، لكن لم تصمد هذه المعدات أمام السيول الجارفة التي تحدثها الأمطار الفيضانية، فتغمر المياه المساكن والساحات وتتعطل حركة المرور وترتبك الحياة لساعات أو لأيام، فمن هو المسؤول عن هذه الحالات؟ أليست المصالح الفنية التي أشرفت على تركيز التجهيزات والمعدات الضرورية لحماية الأجوار من فيضان الواد هي المسؤولة الوحيدة في هذا المجال؟ أليس المواطن هو الضحية في هذه الحال كما في الحالات السابقة؟


إني لا أريد إدراج حالات أخرى تتسبب في تدني جودة حياة المواطن من جراء تواتر الفيضانات وما يواكبها من أضرار مادية ونفسية لا يتكبدها إلا المواطن، كحالات البناء خارج أمثلة التهيئة العمرانية حيث يمثل انتشار السكن غير المنتظم حوالي نصف المد العمراني لجل المدن التونسية كبرة كانت أو متوسطة. هذا التمدد السريع للمدن داخل وخارج أمثلة التهيئة العمرانية ساهم بصفة مباشرة في مضاعفة منسوب السيلان بعد الأمطار المعتادة، فكيف يكون الحال حين الأمطار الفيضانية؟ فهل أن ضبط شكل وحجم القنوات التي يتم تركيزها لتصريف مياه الأمطار، والمعدات والتجهيزات لحماية المدن من الفيضانات قد أخذ بعين الاعتبار ارتفاع منسوب السيلان بعد الأمطار؟ أطرح هذا السؤال لأن الواقع الذي تعيشه المدن التونسية بعد كل مطر يلح علنا لطرح هذا السؤال وعلى الجهة المسؤولة أن ترد على هذا السؤال.


فلو كانت الدراسات التي تحدد حجم و شكل القنوات و التجهيزات الكفيلة بتصريف مياه الأمطار و حماية المدن من الفيضانات قد أخذت بعين الاعتبار المنسوب الحقيقي للسيلان لما حصلت هذه الفيضانات بالمدن سواء التي كانت بجوار الأودية أو التي لا صلة لها بالأودية و تشهد رغم ذلك فيضانات تغمر مساكن الناس و تنكد عليهم عيشهم.


إن ما تشهده تونس من تواتر سريع للأمطار الشرسة والفيضانية يؤكد ما استشرفته الدراسات التي تناولت آثار وانعكاسات التغيرات المناخية والتي تبين أن التوزيع الفصلي والتوزيع المجالي للأمطار سيتغير مع ارتفاع ملحوظ في شراسة الأمطار وامتداد في فترات الجفاف، وما كان من مجال الاحتمالات في هذه الدراسات أصبح اليوم من الواقع المعاش. لهذا يجب علينا أن نتهيأ لهذا. و في هذا المجال لا بد من الإقرار بأن استرتيجية تعبئة الموارد المائية الحالية التي لا تعطي الأولوية لتجهيز البلاد بمعدات و وسائل تكفل تسرب المياه المطرية في المائدة الباطنية يجب عليها أن تتغير حتى تستطيع البلاد من الترفيع في حجم المياه التي تحتضنها الموائد المائية الباطنية.


كما يجب كذلك الإقرار بأن حجم و شكل والانتشار الجغرافي الحالي لقنوات تصريف مياه الأمطار وتجهيزات حماية المدن من الفيضانات لا تستطيع القيام بوظائفها على الوجه المطلوب و بالتالي فإن خطر الفيضانات و غمر المساكن و المغازات و المدارس و الساحات بالمياه على إثر الأمطار سيتضاعف في المستقبل، و لهذا لا بد من تدريب المواطن على حماية مسكنه و مغازته بصفة منفردة أو في تعاون مع الأجوار وكما يقال ” حمل الجماعة ريش”.

أما المصالح العمومية المسؤولة عن حماية المواطن من الفيضانات عليها أن تعدد من قنوات تصريف الأمطار خاصة في المناطق التي تتعرض أكثر من غيرها للفيضانات خلال السنوات الأخيرة إذ أن المصارف الحالية لا تقدر على تصريف هذه السيول الكبيرة التي تحدثها الأمطار. فمن يتحمل كلفة هذه التجهيزات التي فرضتها التغيرات المناخية؟ هل أدرجت تونس في برنامجها الذي عرضته على المجموعة الدولية في قمم المناخ المتعاقبة خلال السنوات المنقضية كلفة التجهيزات الأساسية لحماية البلد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية التي تتسبب فيها الدول الكبرى الملوثة للغلاف الجوي للأرض؟ سؤال لا بد من الإجابة عليه، و إن غدا لناظره قريب.


وإلى أن تتحرك المصالح العمومية المكلفة بالتصرف في الموارد المائية من جهة، و المصالح العمومية المكلفة بتجهيز البلاد بالبنية التحتية و التهيئة الترابية و حماية المدن من الفيضانات من جهة أخرى إضافة إلى البلديات لتدارك الوضع الكارثي الذي تعيشه المدن على إثر كل مطر، وحتى يتحرك المجتمع المدني لتدريب المواطن على حماية مسكنه من مخاطر الفيضان، سيعيش ذلك المواطن في جل مدن البلاد في ضنك وإحباط وعدم الطمأنينة، فأين جودة الحياة التي أقرها الدستور كحق لكل مواطن يقطن تونس الخضراء.

الكاتب: محمد عادل الهنتاتي خبير في البيئة والتنمية المستديمة

Tags: الماءالمائدة المائية في تونستونسوزارة البيئةوزارة الفلاحة

© 2021 الصدى.نت – جميع الحقوق محفوظة

Facebook Twitter Youtube Instagram Rss
No Result
View All Result
  • دخول
  • كل الأخبار
  • تحليلات
  • أقلام حرة
  • ميديا
    • فيديو
    • صور
  • سياسة
  • صدى البرلمان
  • إسلاميات
    • مقال الجمعة
    • شؤون إسلامية
    • تاريخ إسلامي
  • إقتصاد
  • جهات
  • حقوق وحريات
    • عدالة انتقالية
    • انتهاكات
    • تقارير حقوقية
  • أخبار عالمية
  • رياضة
    • رياضة وطنية
    • رياضة عالمية
  • مجتمع
    • صحة
    • ثقافة
    • مرأة وأسرة
    • مجتمع مدني
  • منوعات
    • أخبار الطقس
    • أخبار العملة
    • تشغيل
    • علوم وتكنولوجيا
    • الرائد الرسمي
    • وثائق
    • إصدارات
    • متفرقات
  • هاو الصحيح

© 2021 الصدى.نت - جميع الحقوق محفوظة

مرحبا من جديد

أدرج بيانات حسابك

هل نسيت كلمة عبورك؟

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

أدخل الآن