يعقد المجلس الأعلى للقضاء الوم الاربعاء 16 ديسمبر 2020 جلسة عامة للنظر في تجميد عضوية الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد بشبهات فساد واستغلال نفوذ.
ويشار إلى أن مجلس القضاء العدلي قرر بتاريخ الثلاثاء 24 نوفمبر 2020 الاستجابة لطلب رفع الحصانة القضائية عن الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد.
وورد طلب رفع الحصانة القضائية في سبتمبر 2020 من وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس.
وكان موضوعها اشتباه في استعمال المعني لسلطاته الإدارية من أجل التلاعب في قضايا جزائية تعهدت بها محكمة التعقيب في صائفة سنة 2019.
ويذكر أن تسريبات واتهامات تداولتها مؤخرا وسائل إعلام وصفحات التواصل الاجتماعي تضمنت معطيات حول شكاية مقدمة من قبل وكيل الجمهورية السابق للمحكمة الابتدائية بتونس وأبحاث جزائية تعلقت بالرئيس الأول لمحكمة التعقيب (عضو المجلس الأعلى للقضاء)، ووجود مطلب في رفع الحصانة عنه وجّه إلى المجلس الأعلى للقضاء
شبهات فساد
.التجاوزات والخروقات المنسوبة للرئيس الأول لمحكمة التعقيب في ملفيْ التهرب الجبائي والضريبي وتبييض الأموال المتعلقة برجليْ الأعمال عه:
في ظل عملية تعويم ملف الرئيس الأول لمحكمة التعقيب المرتبط بقضايا ” النقض دون إحالة” في ملفات تهرب جبائي وضريبي بالمليارات والمُفضية إلى عزل قاضيين اثنين وإيقاف ثلاثة آخرين عن العمل، في ظل التشويش على الملف وتعويمه واختصاره في مكاسب الرئيس الأول وثروته دون حديث واضح عن الأفعال المادية المنسوبة إليه في تلك القضايا ودوره في توجيه مآلاتها:
– شبهة التجاوزات انطلقت عندما كان الطيب راشد وكيلا عاما لدى محكمة الاستئناف وعندما كانت الملفات منشورة لدى دائرة الاتهام!!..وتواصلت بصيغ أخرى عندما التحق برئاسة محكمة التعقيب!
– ملف القضية تم البحث فيه أساسا واكتشاف الخروقات فيه من قبل تفقدية القضاة بطلب من المجلس الأعلى للقضاء…التجاوزات رُصدت قبل أن يتعهد وكيل الجمهورية بشير العكرمي بالموضوع، ولم يكن دور النيابة العمومية سوى الاستناد الى معطيات أساسية موجودة وجاهزة لمزيد البحث والتدقيق والتعميق.
– أغلب شهادات الإدانة المباشرة أو غير المباشرة كانت من قضاة:
* فمن أثار الموضوع من أوله هو قاض سام وهو وكيل الرئيس الأول لمحكمة التعقيب (ب.م) الذي اكتشف التجاوزات واستفظعها وتملكته حالة من الإحباط واليأس دفعته للشروع في إجراءات استقالته أو التقاعد المبكر…ثم اتصل بالمجلس الأعلى للقضاء وقدم روايته وطلب حمايته!!
* من شهد بأغلب الوقائع والإخلالات والخروقات القانونية هم القضاة المنتمون للدائرة التي حكمت في الملفات وقد وقع عزل اثنين منهم وايقاف اثنين منهم عن العمل.
– قضاة القطب المالي كانوا أكثر الناس استياء من مآل القضايا وضياع جهودهم الشاقة والخسارة المالية للدولة بسبب أحكام النقض بدون إحالة التي أنهت التتبعات تماما!
– توجد ملفات أخرى بنفس الدائرة مشكوك في ملابساتها قُضي في شأنها بتاريخ 9 أوت 2019 بالنقض دون إحالة ولا يُعلم مدى تقدم الأبحاث فيها…
أولا: التجاوزات المنسوبة للطيب راشد في ذات الملفات لما كان وكيلا عاما:
التراخي المتسبب في الإفراج الوجوبي:
– بعد رفض دائرة الاتهام بتاريخ 11 جويلية 2018 الإفراج عن المتهم نجيب اسماعيل وقرارها ارجاع الملف لقاضي التحقيق لتنفيذ أحد الإجراءات استبقى الوكيل العام الملف لديه مدة 34 يوما حتى انتهت الآجال القصوى للإيقاف التحفظي…ثم كلف دائرة اتهام ثانية للبت في مطلب إفراج وجوبي قُدم له في الأثناء..وتعهدت دائرة الاتهام الثانية وأفرجت وجوبا عن المتهم بتاريخ 16 أوت 2020 رغم أنها غير مختصة ورغم أن الملف عاد ضرورة لقاضي التحقيق ليختص بالنظر فيه مجددا!!!..والذي لم يتوصل به مجددا إلا بتاريخ 3 سبتمبر لمواصلة الابحاث!
ثانيا: التجاوزات المنسوبة للطيب راشد كرئيس أول لمحكمة التعقيب: التحكم التام في مسار القضيتين المفضي إلى تبرئة المتهمين وضياع المال العام.
– منذ تعيينه كرئيس أول لمحكمة التعقيب أنشأ الطيب راشد دائرتين قضائيتين جديدتين (الدائرة 35 و36) يرأس إحداهما مستشار (وليس رئيس دائرة!!) تحوم شبهات وشكوك في نزاهته (ع ر .ب) حسب إحدى إفادات القضاة، وتولى تعهيدهما بأهم ملفات الفساد المالي رغم عدم اختصاص رئيسيها وأعضائهما وعدم خبرتهما ورجوع ذلك لدوائر أخرى وخاصة للدائرة 25 وقد أبدى بعض رؤساء الدوائر استياءهم من ذلك وتم تبليغ هذا للرئيس الأول والتعبير عن الشكوك بشأن المسار الإجرائي لبعض القضايا إلا أنه تم الإصرار على ذلك وتمسك باختصاصه على حساب وكيله.
– خلال فترة العمل الصيفي أعد الرئيس الأول بنفسه توزيع العمل بالدوائر وأصر على أن تتعهد لا بملفات الموقوفين فقط بل بقضايا السراح أيضا…ومنها ملفي التهرب الضريبي والديواني الذين صدر فيهما قرارا النقض دون إحالة في 9 أوت 2019
– الرئيس الأول هو الذي عين القاضي المعزول (ع. ر. ب) وهو مستشار وليس رئيس دائرة!! للعمل كرئيس دائرة خلال الفترة التي صدرت فيها الأحكام..وقد اتصل به الرئيس الأول شخصيا وطلب منه العمل خلال تلك الفترة.
– الرئيس الأول هو من أشّر على كل إجازات القضاة الذين نظروا في الملفات المذكورة.
– الرئيس الأول هو من عين لعضوية الدائرة المذكورة ثلاثة مستشارين (3) تم استدعاؤهم من قبله على عجل والضغط عليهم لتغيير فترة إجازتهم الأصلية للتمكن من العمل بنفس الفترة خلافا لطلبهم السابق ورغبتهم…ورغم سبق رفض مبدأ التعديل من وكيل الرئيس الاول لفوات أجل التعديل لكن تم الاصرار على التعيين…وتمّ.
– الرئيس الأول هو من طلب من كل من وكيليه تعيين قضيتي التهرب الجبائي والديواني بالدائرة 35….
– في إحدى القضيتين وبسبب وجود قادح في رئيس الدائرة المكلف تم تكليف أحد المستشارين المنتدبين المذكورين (م.ت المعزول) على عجل للعمل الصيفي لتعويضه في رئاسة الدائرة رغم مرضه العصبي (نسبة عجز 67 بالمائة!! ) وتردي وضعه الصحي ولم يباشر القضايا الضخمة او يطلع عليها بل باشرها فعليا المقدوح فيه واكتفى هو بالامضاء…وأكد رئيس الدائرة المكلف (ع.ر.ب) أن الرئيس الأول هو من كلف المستشار (م.ت ) بتعويضه باعتباره قانونا صاحب الصلاحية وليس هو من تلقاء نفسه…ونفى مشاركته المفاوضة ورقنه القرار.
– رئيس الدائرة المكلف (ع. ر. ب) لم يوزع الملفين المعنيين (والملفات المالية الهامة أخرى) على خلاف الأصول واحتفظ بهما لديه واكتفى يوم المفاوضة بعرض برقي للقضية وتبسيط الاشكال القانوني (ودون عرض الرهانات وحجم الملف وخطورته) وتمرير الحكم بسلاسة ثم تلخيصه بنفسه ورقنه بمساعدة الكاتبة!!
– وكيل الرئيس الأول أكد ارتيابه من المسار الاجرائي للقضيتين وشكوكه في وجود شبهات فساد مالي وارتشاء…وأعلم بعض القضاة السامين بذلك (الوكيل العام لدى الاستئناف ووكيل الدولة لدى محكمة التعقيب ورئيس المجلس الأعلى للقضاء ) وواجه الرئيس الأول بالأمر واشترط عليه للقبول بالمواصلة في الخطة ألا يتدخل مستقبلا في تعيين القضايا وأن يتخلى عن “القائمات الخاصة” في التعيين التي يستأثر بها الرئيس الأول.
– التفقدية العامة تولت سماع الوكيل الأول وسماع شهادته التي كانت منطلق الأبحاث.
– عند علمه بالتشكي شرع الرئيس الأول في إحراج الشاكي وإرباكه بإعلامه بوجود شكايات ضده واتهامه بعقد جلسة مع مقربين من سامي الفهري قصد رفع يده عن تعيينها ليتولى هو بنفسه إسنادها للدائرة التي يريد…ثم نزع منه صلاحية تعيين القضايا…كل ذلك حسب إفادة وكيله الأول.
رغم شبهات تورط الرئيس الأول في الملفات التأديبية المنتهية بمعاقبة المستشارين وعزل اثنين منهما نهائيا وإيقاف اثنين آخرين عن العمل، فإن تفقدية القضاة اكتفت بسماع الرئيس الأول دون إحالته على مجلس التأديب وهو المنسوب له “هندسة” كل الوقائع من إحداث الدوائر وتشكيلها وتعديلها وتوزيع القضايا وتوجيه الحكم فيها…
رفع الحصانة: كُشف المستور
كشف تقرير لموفع المفكرة القانونية أنه خلال العطلة القضائية سنة 2019، صدرت عن الدائرة الصيفية لمحكمة التعقيب قرارات كان من أثرها تبرئة متهمين في قضايا تهريب كبرى موضوع النزاع فيها يزيد عن ستة مليار دينار تونسي. وتبين بمجرد حصول ذلك أن الدائرة القضائية التي بتّت في تلك الملفات شاب عملها فساد.
عند هذا الحدّ، تعهدت التفقدية العامة بوزارة العدل بالملف وأحالت أعضاء الدائرة الحكمية لمجلس القضاء العدلي كمجلس تأديب والذي قرر مؤاخذتهم تأديبيا وإيقاع عقوبة العزل على إثنين منهم وإحالة ملفيهما على النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس للاشتباه في كون الفساد المالي هو سبب خطئهم الفادح.
وهنا، لم يلتزم وكيل الجمهورية بشير العكرمي بحدود البحث من جهة الأشخاص فطرح السؤال عمن كلف أعضاء الدائرة بالعمل خلال العطلة الصيفية وعمّن عهدهم بملف قضائي لم يجرِ عرف العمل بمحكمة التعقيب على أن يقع البت فيه خلال العطلة القضائية. فانتهى به السؤال والبحث لأن وجه شكوكه نحو رئيس محكمة التعقيب ولأن تقصى على ثروة هذا الأخير زيادة على سماع عدد من مساعديه لينتهي لطلب رفع الحصانة عنه.
لم يرحب عدد من أعضاء مجلس القضاء العدلي بالطلب واعتبروه محاولة انتقام من رئيس المحكمة لما سبق منه من اتخاذ موقف بتنحية العكرمي من خطته كوكيل للجمهورية وتمسّكوا بأن يؤاخذ على ما بدر منه. فكان أن أدى ذلك لصراع داخل المجلس بين أنصار الطيب راشد يتمسكون برفض طلب رفع الحصانة عنه شكلا لصدوره في غير الصور القانونية وآخرين يتمسكون برفع الحصانة ويعتبرون أن ما كشفت عنه وثائقه من وقائع يبرر الاعتراف بالخطأ في تنحية العكرمي من خطته.
ما بعد رفع الحصانة
ينص الفصل 40 من القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء على كونه “إذا ارتكب رئيس المجلس أو أحد أعضائه فعلا قصديا موجبا للتتبّع الجزائي أو خطأ جسيما موجبا للمؤاخذة التأديبية، فإنه يقع تجميد عضويته بقرار من الجلسة العامة في انتظار البتّ فيما نسب إليه طبق الإجراءات الخاصة بذلك الواردة بالنظام الداخلي. “
يرفع التجميد بمجرد صدور قرار عن مجلس التأديب بالحفظ أو بصدور حكم جزائي بات بعدم سماع الدعوى.
تنتهي العضوية بالمجلس بمجرد صدور عقوبة تأديبية أو حكم جزائي بات بالإدانة.
كما ينص الفصل 41 ” في صورة حصول شغور نهائي في تركيبة أحد المجالس القضائية لاستقالة أو إعفاء أو عزل أو وفاة أو لأي سبب آخر من أسباب الشغور النهائي، يعوّض العضو المنتخب بمن يليه في صنفه أو في رتبته حسب ترتيب الأصوات المتحصل عليها وفق النتائج النهائية”.
وفي حالة استنفاذ المترشحين يتم تنظيم انتخابات جزئية لسد الشغور”.
يباشر العضو الجديد مهامه في حدود ما تبقّى من المدة النيابية”