يدلي الجزائريون اليوم الأحد 01 نوفمبر 2020 بأصواتهم في الاستفتاء على تعديل الدستور وسط مخاوف من تزوير النتائج نتيجة التقارب اللافت بين المؤيدين و المعترضين.
ولئن سعت السلطة الجزائرية إلى إقناع المواطنين بالتصويت لصالح الدستور الجديد، إلا أنها تصطدم برفض واسع من نشطاء الحراك الشعبي ، وكذلك مجموعة من الأحزاب المعارضة، بينها أساسا الإسلاميون الذين يرون أن الدستور علماني ومهدد للهوية الإسلامية.
فمن جهتها قالت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وهي الهيئة المرجعية الرمزية في الجزائر لمكانتها التاريخية منذ عهد الإمام عبد الحميد بن باديس، إنها “فُوجئت كما فوجئ كل الطيبين بنسخة الدستور المعدل في صيغته النهائية، فلم تجد أثرا لأي مقترح من مقترحاتها كجمعية للعلماء”.
وانتقد رئيس الجمعية الدكتور عبد الرزاق قسوم الوثيقة في مقال له بعنوان “كشـــف الـمستـــور عن خفـــايا الدستـــور”، قبل دعوتها رسميّا إلى “تعديل المواد الملغمة التي تضمنتها الوثيقة الدستورية المطروحة للاستفتاء الشعبي.
ورأت الجمعية أن هذه المواد تمسّ بالهوية الوطنية، وبمكانة الإسلام و اللغة العربية والوحدة الوطنية كما رأت أن “موضوع تحييد المدرسة إيديولوجيا، يوحي بالعمل على إبعادها عن هويتها ووطنيتها، وهما الدعامتان الأساسيتان لبناء المواطن الصالح، وحماية الأسرة من كل الآفات”.
من جهتها دعت حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي والقوة المعارضة الرئيسية في البرلمان الجزائري، إلى التصويت بـ “لا”. وبرّرت الحركة موقفها بالأسباب التالية: تركيز السلطة في يد الرئيس، وعدم الفصل بين السلطات، وعدم إدراج حظر استخدام اللغة الفرنسية في المؤسسات و الوثائق الرسمية.
كما استنكر المتحدث باسم الحركة بوعبد الله بن عجمية ما اعتبره تكريس “علمانية المدرسة والمسجد” في الدستور، فيما انتقد رئيس الحركة، عبد الرزاق مقري، المادة 40 التي تحمي النساء من العنف لأنه يرى في ذلك “تهديدا للحياة الأسرية الخاصة”.
من جانبه حث حزب جبهة العدالة والتنمية، وهي القوة السياسية الاسلامية الثانية، على رفض التعديل الدستوري. وندّد رئيسها عبد الله جاب الله بالدستور ووصفه بالعلماني و مبادئه”غير مقبولة في مجتمع مسلم وتسبب ضررا كبيرا لعقيدة الجزائريين.
وقال جاب الله “إن هذا الدستور وضعه تيار واحد هو التيار العلماني ذو النزعة الاستئصالية”.
واعتبر أن “هذا التيار يتبنى العلمانية بالمفاهيم الفرنسية، وهي متطرفة وتحاول تجريد الدولة والشعب من ثوابتهما وعلى رأسها الإسلام”.
و بدورها قالت حركة النهضة الجزائرية إنها ترفض المشروع الدستوري، لأنه ليس توافقيا ولا يعبّر عن الأغلبية الشعبية، بل يكرس خيار الأقلية.
ومن أبرز نصوص مشروع الدستور المعدل التي ينتقدها إسلاميو الجزائر، الفقرة الثالثة من المادة 51، التي تقول إن “الدولة تحمي المسجد من أي تأثير سياسي أو إيديولوجي”، حيث يعتبرون أن هذا النص قد يجعل إمام المسجد مثلا ممنوعا من الحديث عن مسائل فقهية مثل الربا والعدل وغيرها.
وبحسب بياناتها الرسمية، فإنّ المكونات الإسلامية تتحفظ على “المساس بالعقيدة من باب الحريات الدينية”، كما تتوجّس من “تحييد المدرسة كمدخل للعلمانية”، وتعترض على “الصلاحيات المطلقة للمحكمة الدستورية مقابل التراجع الكبير في صلاحيات السلطة المستقلة للانتخابات”.
هذا كما يرفض الكثير من مؤيدي “الحراك” الشعبي المعارض في الشارع الدستور المقترح، ويعتبرونه ملهاة هدفها صرف الانتباه عن استمرار سيطرة النخبة الحاكمة القديمةعلى السلطة.
وقال رياض مكرز، الذي حضر كل الاحتجاجات الأسبوعية التي استمرت لأكثر من عام حتى فرض إجراءات العزل العام بسبب جائحة كورونا، “كالعادة لن أدلي بصوتي” مبنيا وجهة نظر الحراك بأن الانتخابات في الجزائر ليست سوى تمثيليات هدفها توفير ستار من الدعم الشعبي لنظام غير ديمقراطي في الأساس.
هذا وتوقع أستاذ القانون بجامعة الجزائر إسماعيل معراف، مقاطعة كبيرة للاستفتاء على الدستور، مضيفا أن “سلطة الأمر الواقع ستتجاوز هذه المشكلة كعادتها بتزوير النتائج”.
وأوضح معراف أنّ “الشعب الجزائري يعرف أنّ المجنّدين في الحملة الانتخابية مدفوعون من قبل سلطة غير شرعية تعودت على تمرير مشاريعها المشبوهة بالقوة والتزوير”.
الصدى + وكالات