الكتاب: محمّد الطاهر بن عاشور تنويريّا
المؤلف: د. جمال الدّين دراويل
النّاشر: مجمّع الأطرش لنشر الكتاب المختص وتوزيعه
الطبعة الأولى: 2020
عدد الصفحات: 261
من المعلوم أن محمد الطاهر بن عاشور سليل الحركة الإصلاحية في القرن التاسع عشر ووريث هواجسها عامة وسؤالها المركزي “لماذا تقدم الأوروبيون وتأخر المسلمون ؟” خاصة.
الا أن ابن عاشور تجاوز ذهنية الإصلاح في القرن التاسع عشر التي تعاملت في وجهتها الغالبة مع الثقافة العربية الإسلامية على سبيل الاطمئنان واعتبرنها صالحة مصلحة ، إذ قام بنقد ثقافي عميق وشجاع بيّن من خلاله ما تنطوي عليه هذه الثقافة من تشوهات ومغالطات وترهات وسلبية مثلت عاملا أساسيا من عوامل التخلف أولا ثم انبرى ثانيا إلى إنتاج مناويل وأنظارٍ فكرية جديدة في التشريع وفي التفسير وفي الحديث وفي تحقيق التراث الأدبي تعيد للثقافة العربية الإسلامية عافيتها وإيجابيتها ، من منطلق وعيه أن ذلك دعامة أساسية لبناء ذهنية العطاء والبناء وشرطا لازما للتقدم.
في هذا الإطار يتنزّل كتاب “محمّد الطّاهر بن عاشور تنويريّا”، الذي حرص فيه مؤلفه د. جمال الدّين دراويل، أستاذ الحضارة الحديثة بالجامعة التونسيّة والباحث في تاريخ الأفكار من القرن التاسع عشر إلى الثلث الأوّل من القرن العشرين ، على تبيان تنويريّة شيخ الإسلام محمّد الطّاهر ابن عاشور (1879 ـ 1973) وعمله طيلة حياته المديدة في ضخّ روح “التحرير والتنوير” في شرايين الثقافة العربيّة الإسلاميّة.
ركز ابن عاشور في مقاربته التنويرية على إعادة الاعتبار:
*للإنسان واعيا بكينونته وقيمته وكرامته وبدوره في صناعة تاريخه وهندسة حضارته
*للحرية أصلا عتيدا ومقصدا عظيما من مقاصد التشريع
للاجتهاد الدائم نظرا وعملا باعتباره آلة هذا التشريع وشرطا للتمدن والتحضر*
والملاحظ أن هذه المرتكزات تشتغل ضمن نسق تكاملي يتجه الى تحقيق غاية أساسية وهي تشكيل الذهنية الايجابية والمبادرة التي تصنع التقدم.
فابن عاشور ، بناء على ما سبق، ورث سؤال التقدم عن مصلحي القرن التاسع عشر ، لكنه دخل في تشريح هذا السؤال وتفصيل منطوياته وبيان مقتضياته ، ليخطوَ بذلك خطوة متقدمة عن وعي أساتذته من رجال الإصلاح الذين اتسم تفكيرهم بالمحدودية والسطحية والشعارات العامة ، وليفتح الطريق لمن يأتي بعده للدخول في تفصيل التفصيل..
وهكذا يتقدم العلم ، وهكذا يمتلك الإنسان القدرة على خوض معمعة البناء الثقافي والحضاري على بصيرة من أمره.
وفي الكتاب تفصيل وتدقيق لما تقدم…