اعتبرت جبهة الخلاص الوطني أن مشروع الدستور المقترح يمثل رِدّةً تهدد بالعودة بالبلاد إلى الحكم الفردي المطلق الذي عانت منه لمدة تزيد عن خمس عقود حتى جاءت ثورة 17 ديسمبر-14 جانفي لترسيَ حكما قائما على الفصل بين السلطات أشاع الحريات وضمن الحقوق عبر مختلف الأجيال.
و أكدت ،في بيان اليوم الثلاثاء، أنّ مسار الإعداد لهذا المشروع جاء في سياقُ الانقلاب على الشرعية الدستورية والانفرادِ بالقرار واحتكار كلّ السّلطات.
و اعتبرت هذا المشروع صيغ في كنفِ اقصاء الأحزاب ومنظّمات المُجتمع المدني والشخصيات الوطنية المستقلة من كلّ حوار أو تشاور حول مُستقبل البلاد وما تقتضِيه من إصلاحات، وأُحيطت صياغته بجوّ من التكتّم والسرية دفع بالكثير من المشاركين في الاستشارة إلى الانسحاب منها حتى بلغ الأمر برئيس اللجنة الاستشارية ذاته إلى التبرؤ من المشروع الذي نشره قيس سعيد بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
و قالت الجبهة “إن هذا المشروع فضلا عن اسنادهِ كامل السلطة التنفيذية لرئيس الجمهورية (تعيين الحكومة واقالة أعضائها، السلطة الترتيبية العامة، الخ) فهو يمنحهُ صلاحيات واسعة في الميدان التشريعي (المبادرة التشريعية، المراسيم، حق الرد، العرض على الاستفتاء الخ… ) ويجرد عمليا المجلس النيابي من كل سلطة رقابية على الحكومة وعلى أعمال السلطة التنفيذية برمتها. اضافةً إلى ذلك فهو يضعف السلطة القضائية، اذ ألغى المجلس الأعلى للقضاء المنتخب وعوّضه بثلاث هيئات يُعين أعضاؤها بالأقدمية كما عوض التركيبة المتعددة والمنتخبة للمحكمة الدستورية بأخرى معينة على أساس الاقدمية أيضا”.
و أضافت:”وفي نفسِ الوقت غابَ عن هذا المشروع الباب السابع من دستور 2014 المتعلق بالسلطة المحلية، كما فُقدت الهيئات الدستورية المستقلة عدا الهيئة المستقلة للانتخابات التي لم يُحدّد المشروع كيفية تعيين أعضائها وغفل عن منع المحكمة الاستثْنائية”.
و أكدت الجبهة رفضها هذا المشروع و مقاطعة الاستفتاء عليه لانبنائه على انقلاب على الشرعية الدستورية ولما يُمثله من عودة للنّظام الرئاسوي المقيت وتعلن تمسكها بدستور 2014 وتعتبر أن إصلاحه يكون نتيجة حوار وطني شامل يحافظ على مبادئ الفصل بين السلطات والتوازن والرقابة المتبادلة بينها شرطا لضمان الحقوق والحريات وسيادة القانون.
و توجّهت جبهة الخلاص الوطني بنداء حارّ لكافّة القوى الوطنية بأن تتعالى عن خلافاتها وأن توحد كلمتها استجابةً لنداء الوطن فتتحرّك بصوتٍ واحد لإفشال الاستِفتاء واسقاطِ الانقلاب والعودة إلى الشرعية الديمقراطية وإنقاذ تونس من التفكّك والفوضى التي تُهدّدها.