بدأت جولة جديدة من الفوضى السياسية في ليبيا مع تعثر إجراء الانتخابات الرئاسية أواخر العام الماضي، حيث اشتد الخصام السياسي في حين ظهرت أحلاف جديدة كانت تعادي بعضها في السابق، كتحالف قائد الجيش خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ووزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا.
وسبق أن وافق البرلمان الليبي على حكومة جديدة مؤلفة من 35 وزيراً برئاسة فتحي باشاغا مكان حكومة الدبيبة، التي أعلنت بدورها أنها لن تسلم السلطة إلا بعد إجراء انتخابات، فيما يدفع عملية سلام هشة إلى حافة الهاوية ويزيد مخاطر نشوب قتال جديد أو حدوث انقسامات.
وقد مضى أيام على منح الثقة للحكومة الليبية الجديدة بقيادة فتحي باشاغا دون أن تتمكن من تسلم السلطة ودخول طرابلس، بسبب التهديدات الأمنية التي تنتظرها من فريق الرافضين قرار تعيينه وإقالة رئيس وزراء حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة.
وأكد رئيس الحكومة الليبية المكلف فتحي باشاغا أن “حكومته ستدخل العاصمة طرابلس خلال اليومين المقبلين بالقانون لا القوة”، مضيفاً خلال كلمة مصورة أنه “لن تكون هناك حروب جديدة ولن نحتكم إلى السلاح”.
يُشار الى أن الدبيبة وسع دائرة تحالفاته العسكرية مع قادة الكتائب في العاصمة، وأكد استمرار حكومته في مهماتها إلى حين إجراء الانتخابات في جوان المقبل، داعيا في اجتماعه مع وزراء حكومته السبت إلى “تجاهل الضغوط والاستمرار في التركيز على الهدف الرئيس وهو إجراء الانتخابات”، قائلاً إن “حكومة باشاغا لن يكون لها مكان على أرض الواقع”.
حيث أعلنت 65 كتيبة وتشكيل مسلح في مصراتة، رفضها اختيار مجلس النواب فتحي باشاغا رئيساً للحكومة والتصويت على تعديل الإعلان الدستوري، معتبرة أن “البرلمان انفرد بالشأن السياسي والدستوري”، ووصفت التشكيلات المسلحة التي أصدرت البيان تحت اسم “القوى الأمنية والعسكرية في مصراتة” الخطوات التي اتخذها مجلس النواب بـ”المهزلة السياسية”.
وتداول مدونون على مواقع التواصل مقاطع مصورة تظهر دخول رتل عسكري ضخم من مدينة مصراتة مُوالٍ للدبيبة إلى طرابلس. واعتبر هذا الحدث دلالة واضحة إلى المسار الخطير الذي تتجه إليه الأوضاع في ليبيا، ونذيراً واضحاً بوجود خطر مواجهات مسلحة في قلب العاصمة طرابلس بين الأطراف العسكرية الموالية لفتحي باشاغا وعبد الحميد الدبيبة.
يُذكر أن عبد الحميد الدبيبة ترأس حكومة الوحدة الوطنية في مارس العام الماضي، والتي تشكلت خصيصًا بهدف التمهيد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد. ومع ذلك، طوال تسعة أشهر من نشاطها، لم تحقق الحكومة أي نجاح ملموس، بل على العكس من ذلك، فشلت في المهام الموكلة إليها.
يقول عديد المراقبين أن حكومة الدبيبة لم تعمل على التجهيز لإجراء الانتخابات مما سبب في فشلها، إذ ماطلت في تشكيل ميزانية موحدة للبلاد وتوحيد المؤسسات مما تسبب في سحب الثقة منها من قبل مجلس النواب.
من جهة أخرى، يرى وزير الداخلية الليبي الأسبق عاشور شوايل أن المجموعات المسلحة والميليشيات مستعدة لفعل أي شيء مقابل المال، مؤكداً أن الحل لتجنب اندلاع صراع في البلاد هو أن يترك الدبيبة السلطة.
ويلفت شوايل إلى أن مجلس النواب هو الجهة المنتخبة والشرعية، والتي اختارت باشاغا لرئاسة الحكومة الجديدة، مردفا أن على الدبيبة أن يجنب البلاد الانزلاق إلى المواجهات مجددا.
كذلك حذر المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل من احتمالية اندلاع الحرب في ظل حالة التوتر البالغة بين المجموعات المسلحة في المنطقة الغربية، والتي اصطفت في معسكري الدبيبة وباشاغا.
لكن عقيل يظل يرى بارقة أمل في تجنب هذا السيناريو، لأن الاسمين المطروحين كليهما من المدينة نفسها “مصراتة”، وبالتالي ستسعى قياداتها والبارزون فيها إلى تجنب حرب سيكون وقعها كارثياً عليهم.