سبق وأن كتبت لقرّائي عن الأحداث في إفريقيا الوسطى.. وقدّمت لهم بحثا متواضعا عن الأوضاع و الجرائم الّتي يتعرّض لها المسلمون هناك…
ومنذ يومين تابعت “محمّد إسماعيل” وهو أحد قادة و أعيان المسلمين في إفريقيا الوسطى وهو يتحدّث إلى الإعلامي أحمد منصور في برنامج بلا حدود.. وباختصار.. المصيبة مبكية، مخزية، محزنة و كارثية..
وقد صادفني البرنامج وأنا على مائدة الطّعام وأمامي طبق شهي..
أصدقكم القول، لم يكن لطعامي مذاق أبدا وأحسست، أنّني و أنا في مأمن ممّا يحدث لأطراف الأمّة الممزّقة في مشارق الأرض ومغاربها، وهي تعاني الحصارات والجوع والمرض والموت البطيء، في مخيّم اليرموك، في سوريا، في غزّة، وأماكن عديدة.. أحسست أنّني مسرف بغيض، وأنا آكل صحنا من الأرز بلحم الضّان..
……….
والموضوع لا ينبغي أن يُنسى بل يحتاج لأن يُحمل همّه بعناية ومتابعة يومية..
وأزيدكم اليوم بإذن الله شيئا من التّوظيح حول هذه القضية…
“هولاند” في زيارته الأخيرة الجمعة، 28 فبراير/ شباط 2014 لإفريقيا الوسطى صرّح بأنّ الإستقرار في القارّة السّوداء لا يكون إلاّ انطلاقا من جمهورية إفريقيا الوسطى، ويجب إحلال الأمن في إفريقيا الوسطى..
شكرا أيها الكذّاب التّافه “هولاند” .. أتفه من حضارتك السّاقطة، الّتي قامت على جماجم الشعوب وامتصاص عَرَقها وخيراتها، وها هي تنتهي إلى الحضيض والهاوية بالأمراض الإجتماعية وزواج المثليين والعنصرية البغيضة وإفلاس الإقتصاد..
سبق وأنّ بيّنت في مقالتي السّابقة في نفس القضيّة أنّ فرنسا تزيد القضية بؤسا وظلما، بل هي وراء البؤس والظّلم من أصله.. وهي الّتي تنشر الحرب و الموت في كلّ بؤر القارّة السّمراء..
ولن ينس العالم فعل فرنسا في روندا في العقود الماضية و المجازر الّتي أشرفت عليها وحملات الإبادة التي قام بها الهوتو وكانت تُلهبها وتديرها ضد التّوتسي..
وفي قضية الحال “السيليكا” وترجمة الكلمة إلى العربية هي: (التّحالف) حيث يوجد في “السيليكا” أربعة أحزاب منها 3 مسلمة بما يعادل (70 في المائة) و حزب واحد مسيحي..
ولا ننكر أنّ هذا التّحالف أو “السيليكا” كانت فرانسا تتدعمه في وقت ما سابقا، إلى أن وصل إلى الحكم بعد الإطاحة بالجنرال”فرانسوا بوزيزي” المعروف بـ”القس”، ولمّا سقط هذا الأخير، الّذي كان خطرا على مطامع فرنسا في خامات الأرض في إفريقيا الوسطى، حيث كان له أصدقاء ومشاريع في العالم و حرفاء غير فرنسا، لم يعد هناك حاجة لبقاء تحالف “السيليكا” في الحكم وخصوصا أنّ بقاءه فيه تمكين للمسلمين في الأرض وتهديد أيضا لمصالحها..
وتعيد فرنسا التي ترقص على رجل واحدة في إفريقيا الوسطى، نفس سيناريو المجازر الّتي دارت في “روندا” و “بوروندي” وتستنسخها في “إفريقيا الوسطى” دون خوف أو وجل من التّاريخ الّذي لا يرحم..
نائب في مجلس النواب البلجيكي سأل رئيس الوزراء البلجيكي قائلا فرنسا ذهبت بجيشها إلى إفريقيا الوسطى لأنّ لها شركات هناك ونحن نذهب لماذا وليس لنا شيء.. وبالفعل لن يذهب البلجيكيون في تدخّل الأمم المتّحدة في مارس الجاري الّذي سوف يصل متأخّرا للأسف..
فريق (الأنتي با لاكا) الّذي تدعمه فرنسا اليوم في إفريقيا الوسطى، هم مجموعات لصوص وقطّاع طرق ليست منظمة ولا رئيس لها .. لم تكن قادرة على مواجهة “السّيليكا” بنفسها لولا أنّ الفرنسيين هم من مكّنوا (الأنتي بالاكا) من “السيليكا”
ففرنسا حسب ما ذكر “محمد إسماعيل” أحد زعماء قبائل المسلمين، تُجرّد المنتمين لتحالف “السّيليكا” من السّلاح وتتركهم فريسة لعصابة (الأنتي بالاكا)
وقد ذكر بالتّفصيل أنّ المنتمين لعصابات “الأنتي بالاكا” يستدعون يوميا القوّات الفرنسية ويشيرون إلى بيوت المسلمين على أنّ هنا يوجد سلاح، قتقوم القوات الفرنسية بمحاصرتها وتجريدها من أسلحتها ثمّ تخلّي بينها وبين عصابات “الأنتي بالاكا” فتفتك الأخيرة بها وتستبيح أموالها وتقتل أطفالها وتسبي نساءها..
فرنسا لا تريد من القضية إلاّ الأورانيوم فهي كما يقول “الزّعيم المسلم محمّد إسماعيل” تصدّر الأورانيوم وهي ليس لها أورانيوم…
والآن هي تريد إغلاق مناجم الأورانيوم لتحتكرها على السّوق حتّى يرتفع الطلب حسب تقديرات خبرائه في سنة 2030
اليورانيوم والبترول هما المادتان الإستراتيجيتان اللّتان تثير فرنسا المجازر من أجلهما في إفريقيا الوسطى، وإفريقيا السّمراء بأكملها، ولا تبالي بالأرواح الّتي تسقط كالذّباب..
و يقول محمّد إسماعيل، منذ 20 عام لم تجر أي إحصائيات، ويزعمون أنّ المسلمين لا يتجاوزون 15 في المائة، وهذا ليس صحيح، فالمسلمون أكثر من 60 في المائة هناك.
ثمّ يقول: إنّ 99 في المائة من التجارة في إفريقيا الوسطى تقوم على المسلمين ويملكون 6 ملايين رأس ماشية وذلك أنّ المسلمين لم يرتادوا التعليم الفرنسي هناك ولم يكونوا يرغبون فيه، واهتمّوا بالتّجارة وتربية الماشية..
و”الأنتي بالاكا” يريدون الإستيلاء على ممتلكات المسلمين وبالخصوص على الحي التّجاري الإستراتيجي في العاصمة “بانكي”، الّذي هو عصب الإقتصاد في البلاد، وبذلك يستحوذوا على الحياة فيها ويُعطون الموت للمسلمين.. ويَعِدون فرنسا بتقاسم خيرات البلاد بعد التّخلّص من المسلمين ومن يتحالف معهم، وقد تمّ هدم 350 مسجد إلى حد الآن وبلغ اللّاجئون مليونا في تشاد والكاميرون..
والمُكرب المحزن في القضيّة أنّ العالم الإسلامي لا يزال غافلا عن هذه الكارثة الّتي في خاصرته، إذ لا وجود حتّى لمنظمات إغاثة إسلامية في إفريقيا الوسطى..
ويطلب محمّد إسماعيل أحد زعماء المسلين في إفريقيا الوسطى الدّعاء من كافّة المسلمين وأيضا المساعدة في الجانب الإنساني.
. ــ متابعة وتحقيق مخلوف بريكي ــ