أكد الدكتور محمد عادل الهنتاتي الخبير الدولي في البيئة والتنمية المستدامة، أنه على إثر توريد نفايات إيطاليا في ظل غياب المصالح الفنية والإدارية الموكول لها حماية الصحة والسلامة، هناك عدة فرضيات يجب على الجهات المعنية تدارسها للحد من الأثار السلبية على الصحة والبيئة.
وأضاف الهنتاتي في تصريح ل “الشروق” أن أول هذه الفرضيات تتمثل في العمل على إرجاع هذه الحاويات الموجودة حاليا بالميناء التجاري بسوسة الى مصدرها الايطالي على أن يتكفل صاحب المؤسسة الموردة بكل النفقات المترتبة ويتطلب ذلك الوصول الى اتفاق بين الطرفين التونسي والايطالي، مشيرا الى أنه في حال رفضت الجهات الايطالية ، وهو أمر مرجح، على السلطة التونسية المعنية الاحتكام الى اتفاقية “بازل”، وتفعيل البرتكول الملحق بها المتعلق بالمسؤولية والتعويض عن الضرر الناجم عن نقل النفايات الخطيرة والتخلص منها عبر الحدود إلا ان هذه الفرضية تتطلب الكثير من الوقت نظرا لطول المسار القانوني.
كما تحدث الخبير عن فرضية ثانية تتمثل في اللجوء الى حرق هذه النفايات في الافران التي تستعملها مصانع الاسمنت تحت اشراف وزارة الصحة، مع تولي صاحب المؤسسة الموردة كل النفاقات.
وبين الهنتاتي أن هناك فرضية أخرى وهي اما الردم أو رسكلة البعض منها ما يتطلب القيام بالفرز مما يجعل من كلفته باهظة كما أن احتمال الاضرار الصحي كبير.
من جهته قال يوسف الزيدي مدير البيئة الصناعية بوزارة الشؤون والبيئة الثلاثاء17 نوفمبر 2020 ان السلطات الايطالية المعنية بالبيئة امتنعت الى حد الان عن الاجابة عن مراسلات الوزارة في خصوص ملف حاويات النفايات الايطالية التي وصلت ميناء سوسة منذ فترة وأصبحت محل جدل واسع.
وابرز الزيدي في مداخلة على اذاعة “شمس اف ام” ان الوزارة تولت مراسلة وزارة الشؤون الخارجية في خصوص هذا الملف وايضا كتابة اتفاقية “بازل” التي تتولى التنسيق بين الدول في مثل هذه المسائل مؤكدا ان وزارة الخارجية تولت مراسلة السلطات الايطالية وحثتها على تقديم ردها للسلطات التونسية مضيفا ان الوزراة ستتصل غدا ايضا بكتابة اتفاقية باماكو.
بدوره دعا منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، “الجهات المختصة الى إجبار الشريك الإيطالي على قبول إعادة تصدير نفاياته على ان يتكفل مع الشركة التونسية المخالفة بمصاريف هذه العملية الديوانية، وذلك طبقا للقوانين التونسية والدولية ودون الرجوع الى العقد المبرم بين الشركتين الذي تخدم كل بنوده كلا الطرفين”.
من جانبه قال الصحفي حافظ الهنتاتي إنه رغم حديث وزير البيئة عن البحث عن سبل إعادة تصدير النفايات الى بلد الموقع هو أحد السبل للتخلص من النفايات إلا إن هذا الحل غير ممكن عمليا فالتوريد تم من خلال صفقة بين شركتين من القطاع الخاص بترخيص من مؤسسات الدولة ولئن تلاعبت الشركة التونسية بالقوانين فان الجانب الإيطالي لا يتحمل اية مسؤولية والمطلوب الان ليس إجراءا إداريا بل تكوين لجنة من الخبراء التونسيين للبحث عن حلول قانونية في علاقة بالاتفاقيات الدولية والثنائية من بينها اتفاقية باماكو واتفاقية بازل والبحث عن ثغرات قانونية قد تساعد على إيجاد صيغة ما . وفي انتظار ذلك وجب على السلطات المسؤولة إخراج هذه النفايات من ميناء سوسة حتى لا يطول بقائها فيه مع إجبار صاحب الشركة على كراء مخازن على حسابه الخاص تحت مسؤولية الديوانة لتخزين النفايات في انتظار وجود الحل الذي قد لا يأتي .
هذا و يخشى العديد من التونسيين أن يكون قرار إعفاء المدير العام لوكالة التصرف في النفايات فيصل بالضيافي كافيا لإغلاق ملف توريد النفايات الإيطالية دون كشف المتورطين الحقيقيين ومحاسبتهم ويبقى الغموض يلف حول مصير النفايات وحول كل القضية كما حصل مع عدة قضايا حارقة في تونس من بينها إغتيال الشهيد محمد الزواري سنة 2016 ووفاة الرضع بمستشفى الرابطة سنة 2019.