كشفت دراسة أنجزتها مؤسسة فريديريش ايبرت شتيفتونغ الألمانية، أن ما بين 40 و50 بالمائة من سكان اقليم تونس الكبرى يفتقرون إلى الموارد اللازمة لضمان ظروف العيش الكريم.
وقد مثلت الكرامة المطلب الرئيسي للثورة التونسية في 17 ديسمبر – 14 جانفي 201، لكن بعد مرور عشر سنوات، يبدو أن الدولة التي وعدت في دستور البلاد الجديد بضمان “ظروف معيشية كريمة” ، عاجزة عن الوفاء بوعدها.
ويظل توق التونسيين الى نيل مقومات العيش الكريم المحرك الاساسي للسواد الأعظم من الشعب التونسي، وفق هذه الدراسة التي تعد الأولى من نوعها في العالم العربي، باعتبارها ارتكزت على التواصل المباشر مع العينات الممثلة للعائلات التونسية.
كما ابرزت الدراسة التي جاءت تحت عنوان “ميزانية الكرامة في تونس”، ان الحد الأدنى للأجور لا يزال اليوم أقل بكثير من المستوى الضروري الذي يسمح للشغالين بتأمين ظروف معيشية لائقة من خلال عملهم.
ولا ينبغي أن تقتصر السياسات العمومية على الإجراءات التي تدعم بشكل مباشر القدرة الشرائية للأسر، بل يجب أن تركز على تحسين الخدمات العمومية التي تؤثر مباشرة على مستوى معيشة الأسر، فتدهور هذه الخدمات وخاصة النقل والتعليم والصحة سيثقل كاهل العائلات التونسية بتكاليف كبيرة حيث ستكون مجبرة على تحمل مصاريف اضافية لتامين طلبات كان يتعين على الخدمات العمومية توفيرها”، وفق ذات الدراسة.
ويمثل تحسين الخدمات العمومية ايضا مسارا آخر للعمل لا يؤدي فقط إلى تحسين الظروف المعيشية للأسر، بل ويوفر فرصا أكثر تكافؤا للنفاذ إلى الخدمات الضرورية.
وأكدت الدراسة أن الحد الأدنى للأجور لا يسمح حاليا للأجراء التونسيين بتحقيق ظروف معيشية كريمة وهذا يتوافق مع مطلب الاتحاد العام التونسي للشغل الذي تقدم به في موفى سنة 2017″، اذ طالب بحد أدنى للأجور قدره 866 دينارا ، أي أكثر من ضعف ما تم اعتماده في سنة 2017 (350 دينارا).
وبخصوص الدراسة، قال عمر صوفان، المدير الاقليمي للإعلام والاتصال بمؤسسة فريدريش ايبرت في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، “أن زوجين موظفين يقطنان في تونس الكبرى يجب ان يتقاضيا ثلاثة أضعاف الأجر الأدنى الحالي المقدر ب400 دينار لتامين العيش الكريم””.
وأضاف أن الهدف من الدراسة هو حث السلطات على اعتماد سياسات عامة مغايرة للسياسات الكلاسيكية المعهودة والتي تربط دائما الأجر الأدنى بالتضخم دون أن تأخذ بعين الاعتبار تدهور الخدمات العمومية التي يتحمل كلفتها المواطن.
واعتبر ان الاعتماد على المؤشرات التقليدية مثل نسبة التضخم ونسبة النمو لقيس مستوى عيش الأسر التونسية يعتبر “عملا منقوصا” ولايمت للواقع بصلة ولا يعكس معاناة المواطن الحقيقية.
ودعا المسؤول السلطات إلى الأخذ بعين الاعتبار “ميزانية الكرامة” عند التفاوض مع المانحين والمؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والتوجه نحو تحسين الخدمات العامة خاصة النقل والتعليم والصحة لتسهيل عيش المواطنين وكذلك تعويض الخسائر التي يتحملها المواطن جراء تدهور الخدمات العمومية في الزيادات في الاجر الادنى.
وانبنت هذه الدراسة على مجموعة نقاشات اطلقتها تسع فرق وتناولت جملة من الوضعيات الاجتماعية المتنوعة وذلك على مدار فترة قاربت السنة ونيف ورغم ان الدراسة لا تعكس جميع الأوضاع التي تعيشها الأسر التونسية في كافة ربوع البلاد الا انها قد تكون بمثابة اللبنة الاولى لنقاش عام حول مستوى المعيشة الذي أصبح ولايزال أكثر تكلفة وغلاء لجميع التونسيين.
وكان البنك المركزي التونسي قد توقع في نشريته الاخيرة خول التطورات الاقتصادية والنقدية والافاق على المدى المتوسط (جويلية 2021)، ان يبقى نسق الزيادة في الأسعار عند الاستهلاك المستهلكين في مستويات عالية خلال الفترة المقبلة.
ويتوقع أن يبلغ معدل التضخم 5.3 بالمائة في عام 2021 و 5.6 بالمائة في عام 2022 و 5.1 بالمائة في عام 2023 بعد ان بلغ 5.6 بالمائة في عام 2020.
المصدر (وات)