ما زالت دعوة منظمة العفو الدولية (فرع تونس) لتشريع الشذوذ الجنسي في تونس تلاقي انتقادا واسعا واستغرابا من فئة وجب فورا التصدي لها لحماية الإنسان من كل ما يخرجه من فطرته السليمة ومن إنسانيته التي كرمه الله بها.
و هذه الفئة الضالة توهم الجميع بأن هذه الممارسات الشاذة لا علاقة لها بالمحرمات ولا بأمراض نفسية لدى الشاذ بل هي طبيعة موروثة في الحمض النووي البشري يولد بها الإنسان وتجعله يتكيف مع جسمه بكامل الحرية دون ان تلزمه قوانين ولا دين ولا اخلاق بالاقتلاع عنها.
لكن التفسير الأصلي لهذه الممارسات أن الشاذ خضعت نفسه لشهواته الجنسية والى الشيطان الذي يأمر بمثل هذه الفواحش وهو ما نبهنا الله إليه ( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ) و قد فسر العلماء أن من بين معاني الفحشاء الزنا وعمل قوم لوط الذي قال لقومه ( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ- النمل- 54) وقال كذلك ( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ- العنكبوت-28).
فهؤلاء الشواذ لا يهمهم غضب الله ولا ما ينتظرهم من عقوبات في الدنيا والآخرة علاوة على ما تخلفه هذه الممارسات الشاذة من تخريب للمجتمع على النطاق الصحي والاقتصادي و الأخلاقي.
ففي الجانب الصحي يرصد العلماء بصفة مستمرة ظهور أمراض جديدة ناتجة عن الشذوذ الجنسي، فإلى جانب الإيدز والسيلان والزهري وسرطان الشرج تم اكتشاف مرض “النيسرية السحائية” ، واسمها العلمي هو Neisseria meningitides ، ويشار لها باسم المكورات السحائية التي قد تسبب التهاب السحايا الهجومي، وهي عدوي قد تفضي إلى الوفاة و يصاب بها المخ والأغشية الواقية للحبل الشوكي.
وهذه الأمراض المتأتية من هذه الممارسات الشاذة تنخر اقتصاد أي دولة إذ تكلف أموالا طائلة للعلاج منها علاوة على زعزعة المجتمع بارتكاب أبشع الجرائم تصل إلى حد القتل و قد أكدت دراسات ارتباط الشذوذ الجنسي بالجريمة ويقول في ذلك الدكتور إبراهيم عيد أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس ” إن الشاذ جنسيا تتسم مكونات شخصيته بالعنف، فهناك الشخص السلبى الذى لديه قدر عالٍ من التلذذ واستمراء تعذيب الآخرين ويبتهج بالقسوة وهو ما يسمى بـ”السادية”، وهناك الشخص الإيجابى الذى لديه رغبه فى تعذيب الذات أى يحب أن يوجه له الضرب والقهر والإهانة ويستلذ بشكل الدم ويعيش اللذة بإحساسه بعذاب وتعب الآخر وتسمى بـ”الماسوشية”، فغالباً عندما يتقابل النوعان تنتهى بوقوع جريمة.
كيفية التخلص من الممارسات الشاذة عند أهل الفقه
أجمع العلماء المسلون على أن التخلص من الممارسات الشاذة تبدأ برغبة الشاذ في الاقتلاع عنها و بالاستعانة بالله والتضرع إليه أن يصرفها عنه وبالاستعاذة من الشيطان المحرك الأول لهذه الممارسات ويمضي أوقات فراغه في مطالعة الكتب الهادفة و الابتعاد عن أصحاب السوء و ان يكثر الصوم.
اما من ناحية الطب النفسي يقدم الدكتور أوسم وصفى – المحاضر ببرامج المشورة والإرشاد النفسي في مصر وسوريا ولبنان والأردن والمتخصص في علاج الشذوذ الجنسي على مستوى العالم- ثلاث محاور للعلاج:
الأول: هو أن يبتعد الشخص عن أي شيء ولو بالتفكير يثيره لتكون استراتيجيتة التوقف التام عن ممارسة الجنس لا بالفعل ولا حتى بخياله لأن التبطيل لوحده لايصمد طويلا ولاينجح على المدي الطويل.
ثانيا: التعافي من خلال تنمية المهارات والتواصل الاجتماعي لأن هذه النوعية من الأفراد لديهم أحاسيس مرهفة جدا لذلك هم أكثر عرضه للإكتئاب ومن السهل أن ينجرحوا إذا وجهت لهم الإساءة ومن هنا يلجأون مرة أخرى لتفريغ طاقتهم في الجنس.
أما المرحلة الثالثة فهي التواصل مع الآخرين من خلال العلاقات الاجتماعية فقط بعيدا عن الرومانسية والعلاقات الجنسية وهذه المحاور الثلاثة تسير مع بعضها البعض في وقت واحد ومرحلة العلاج قد تستغرق عشر سنوات ومن هنا تتبدل اهتماماتهم.
كيف تتعاطى قوانين بعض الدول مع الشواذ جنسيا؟
تونس:يعاقب القانون الجنائي التونسي في الفصل 230 “مرتكب اللواط أو المساحقة fالسجن مدة 3 أعوام.
سلطنة بروناي كانت عقوبة الشواذ جنسيا 10 سنوات سجنا لكن في 2019 أصبحت العقوبة بالرجم إلى الموت، كما تم توسيع مجالات تطبيق عقوبة الإعدام لتشمل الاغتصاب وممارسة الجنس خارج إطار الزواج بالنسبة للمسلمين.
المغرب: يعاقب القانون الجنائي المغربي في الفصل 489 بـ”الحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات، وغرامة من 120 إلى 1000 درهم من ارتكب فعلاً من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه،
الجزائر: يعاقب القانون الجزائري في المادة 338 “كل من ارتكب فعلاً من أفعال الشذوذ الجنسي على شخص من نفس جنسه بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة من 500 إلى 2000 دينار جزائري، وإذا كان أحد من الجناة قاصراً لم يكمل 18 فيجوز أن تزداد عقوبة البالغ إلى الحبس لمدة 3 سنوات وغرامة 10 آلاف دينار جزائري”.
السودان: من يرتكب جريمة عمل قوم لوط اي اتيان الرجال الرجال يعاقب بالجلد 100 جلدة كما تجوز معاقبته بالسجن مدة لا تجاوز 5 سنوات”. وفي المادة نفسها، جزء: “إذا أدين الجاني للمرة الثانية، يعاقب بالجلد 100 جلدة والسجن مدة لا تجاوز 5 سنوات، وفي الجزء (ج): “إذا أدين الجاني للمرة الثالثة يعاقب بالإعدام أو بالسجن المؤبد”.
السعودية: تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية صارم. ووفق الشريعة تجرم المثلية الجنسية المعروفة بـ”الشواذ”. بالنسبة إلى الرجل المتزوج، والعقوبة هي القتل رجماً، بينما يعاقب الرجل غير المتزوج بمئة جلدة وسجن لمدة عام. وبالنسبة إلى غير المسلم، الذي يرتبط بعلاقة مثلية مع مسلم، فيعاقب بالقتل رجماً أيضا.
موريتايا:ينص القانون الجنائي الموريتاني في الفصل 308 على أن “كل فرد بالغ ومسلم يضبط متلبساً بممارسة أفعال مخالفة للطبيعة مع فرد آخر من نفس جنسه يعاقب بتطبيق حد الرجم على الملأ، وإذا كان الفعل بين امرأتين، يعاقب من قبل العقاب المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 306”.
ليبيا:في المادتين 407 و408 من قانون العقوبات الليبي: “كل إنسان واقع إنساناً برضاه يعاقب هو وشريكه بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات”، و”كل من هتك عرض إنسان برضاه يعاقب هو وشريكه بالحبس”. ويحظر القانون الجنائي كل نشاط جنسي خارج إطار الزواج الشرعي. ويعاقب على الأفعال المثلية خصوصاً بين البالغين بالتراضي حتى الموت.
هذا وقد توعد الله الذين يحبون أن تشيع مثل هذه الفواحش في مجتمعاتنا و يطالبون بتقنينها بالعذاب الأليم في الدنيا و الآخرة بقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ- النور-19).