في مثل هذا اليوم 23 مارس من العام 625 م وقعت معركة أحد التي و إن يعتبر البعض أن المسلمين انهزموا فيها فإن بالعودة إلى تفاصيل أحداثها فانها لم تكن معركة لهزيمة المسلمين أو لانتصار الكفار بل كانت معركة لتمحيص إيمان المؤمنين و إظهار المنافقين وساتناول الآيات القرآنية التي تشير إلى ذلك.
بداية التخطيط للمعركة
عند الانتصار الساحق الذي حققه المسلمون على كفار قريش في معركة بدر التي وقعت في السابع عشر من رمضان من العام الثاني من الهجرة (الموافق 13 مارس 624م) خطط الكفار للانتقام لقتلاهم ولاحتلال المدينة و إعادة افتكاك المكانة والقوة والاقتصاد من جديد بعدما أذل الله كبار الطغاة في معركة بدر وقتل فيها رؤوس الكفر مثل أبو جهل و أمية بن خلف معذب بلال و عتبة بن ربيعة و أخيه شيبة و الوليد بن عتبة وغبرهم من الطغاة وهي فترة بدأ العالم يخطو نحو ثورة حقيقية للفظ نظام جاهلي واحتضان نظام جديد أصبح على مر العصور عالميا ومحاربا من الطغاة إلى يومنا هذا تحت مسميات عديدة كالحماية والتنوير والقضاء على أسلحة الدمار الشامل وصولا إلى الحرب على الارهاب التي تدار من أعداء الامة بمعية الخونة والمنافقين فيها.
مراحل المعركة
أرسلت قريش مبعوثين إلى بعض القبائل الحليفة طلبا للمقاتلين، فاجتمع ثلاثة آلاف مشرك مع دروعهم وأسلحتهم وكان معهم مائتا فرس وخمس عشرة ناقة.
وفي أثناء استعداداتهم طلب أبو سفيان من العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج معه لقتال المسلمين ولكنه لم يقبل بذلك، وأرسل العباس سرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحذره من الخطر المحدق، فوصل الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “إني قد رأيت والله خيرا – أي في المنام – رأيت بقرا تذبح، ورأيت في ذباب سيفي (حد سيفي) ثلما (كسرا) ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة”، وكان معنى هذا المنام الذي رآه الرسول صلى الله عليه وسلم أن البقر ناس يقتلون، وأما الثلم في السيف فهو رجل من أهل بيت النبي يقتل
هذا و لما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بنية قريش احتلال المدينةعقد مجلسا استشاريا عسكريا قدم فيه رأيه للصحابة وهو أن لا يخرجوا من المدينة ويبقوا في انتظار العدو يقاتله الرجال على افواه الأزقة والنساء من فوق البيوت فوافقه المنافق عبدالله ابن أبي سلول رأس النفاق ليس حبا في القتال بل تهربا من ملاقاة العدو خارج المدينة لكن الصحابة ألحوا على الرسول بالخروج ومنهم عمه حمزة بن عبدالمطلب الذي قال للرسول صلى الله عليه وسلم” والذي أنزل عليك الكتاب لا أطعم طعاما حتى أجادلهم بسيفي خارج المدينة” فنزل الرسول صلى الله عليه وسلم عند رأي الأغلبية وهو درس لتلك الانظمة الديكتاتورية التي ابتلت بها شعوبنا و أمتنا في عصرنا وتنفرد بالراي كزعيمهم فرعون الذي اتخذ شعار “ما أريكم إلا ما أرى”.
كشف المنافقين الذين يتعايشون مع المسلمين وهم يخططون للقضاء على الاسلام و أمثالهم يعيشون بيننا اليوم
بعد خروج المسلمين لملاقاة الكفار بدأ التمحيص والاختبار الذي سقط فيه أولا رأس النفاق عبد الله ابن ابي سلول الذي انسحب بنحو ثلث العسكر قائلا علام نقتل أنفسنا ؟ ليكشف الله عنه و عن باقي المنافقين الغطاء الذي كان كفرهم يكمن وراءه وليتعرف المسلمون في أحرج الساعات عن الافاعي التي كانت تتحرك في الظلام لهدم الاسلام.
وقد أراد المنافقون قسم جيش المسلمين على مقربة من كفار قريش حتى تنهار العزائم وتحبط فيكون ذلك أسرع إلى القضاء على المسلمين وبالتالي على الإسلام.
وقد كاد ابن أبي سلول المنافق أن ينجح في خطته و كادت طائفتان أن تفشلا وهما بنو حارث من الأوس وبنو سلمة من الخزرج ولكن الله تولاهما وثبتهما بعدما همتا بالانسحاب والرجوع مع ابن أبي سلول إلى المدينة” إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ-آل عمران–122 “.
وحاول عبدالله بن حرام تذكير هؤلاء المنافقين بواجبهم القتالي للدفاع عن الإسلام قائلا لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله و ادفعوا فرفضوا” وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُون-آل عمران -167.
وبعد انسحاب المنافقين واكتشاف حقيقتهم للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه واصل بقية الجيش وهم سبعمائة مقاتل ونفذ الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نزل الشعب من جبل أحد في عدوة الوادي فعسكر بجيشه مستقبلا المدينة وجاعلا ظهره إلى هضاب جبل أحد وعلى هذا صار جيش العدو فاصلا بين المسلمين وبين المدينة
وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يبوئ للمسلمين مقاعد للقتال ووصى الرماة بجبل أحد أن لا ينزلوا مهما كانت نتيجة المعركة …نصر أو هزيمة
وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ-121- آل عمران.
تمحيص المؤمنين
ودارت المعركة و حقق فيها المسلمون في أولها نصرا هائلا وقاتل حمزة بن عبدالمطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم ببسالة إلى أن صرع لا كما تصرع الأبطال وجها لوجه في ميدان القتال بل كما يغتال الكرام في حلك الظلام حيث اغتاله العبد وحشي لينال مقابل ذلك حريته التي وعدته بها هند بنت عتبة وزوجة أبي سفيان.
ورغم هذه الخسارة الفادحة ظل المسلمون مسيطرين على الموقف وسجل هذا الجيش الصغير نصرا آخر إلى أن وقعت غلطة فظيعة من الرماة الذين لما رأوا الغنائم تنازعوا بينهم هل ينزلون من الجبل أم لا.
(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ-152-إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ-153- آل عمران).
وزادت بلبلة المسلمين لما سمعوا صائحا يصيح إن محمدا قد قتل فانهارت بقية صواب البعض وألقوا أسلحتهم وفكروا في عبدالله بن ابي المنافق لياخذ لهم الامان من ابي سفيان
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ-آل عمران -144)
ولكن أنس بن النضر ثبت وقال لهؤلاء قوموا وموتوا على ما مات عليه رسول الله وقاتل أنس حتى استشهد وبه بضع وثمانون طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم
كما نادى ثابت بن الدحداح في قومه إن كان محمد قد قتل فإن الله حي لا يموت قاتلوا على دينكم وقاتل هو الآخر حتى استشهد
” وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ-آل عمران -146).
وبهذه الروح المجاهدة عاد للمسلمين الأمل والعزيمة خاصة لما بلغهم أن خبر مقتل الرسول صلى الله عليه وسلم كذبة وراحوا يدافعون عنه فطوقوا الرسول صلى الله عليه وسلم لحمايته وفي مقدمة المطوقين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب و أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية وغيرهم.
وآخر هجوم قام به المشركون في هذه المعركة لما علوا الجبل يقودهم أبو سفيان وخالد بن الوليد فقال الرسول صلى الله عليه وسلم” اللهم إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا ” .. فقاتل عمر بن الخطاب ومعه ثلة من المجاهدين حتى أنزلوا الكفار من الجبل وقام المسلمون بدفن شهدائهم.
ولكن هل عاد الكفار منتصرين؟
إنها كما قلت ليست معركة لتحديد نصر أو هزيمة ولكن هي لتمحيص المؤمنين وكل على حسب درجة إيمانه ولإظهار المنافقين وإخراجهم من بين المسلمين
وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ
فلو كان النصر حليف الكفار في هذه المعركة لحققوا هدفهم الذي خرجوا من أجله وهو احتلال المدينة التي لو واصلوا الطريق إليها عند البلبلة التي أصابت المسلمين عند نزول الرماة من الجبل لاحتلوها كأسهل ما يكون لأن من بقي فيها هم الضعفاء والشيوخ والأطفال والنساء والمنافقون مثل عبدالله بن أبي سلول الذي سيرحب بالمشركين عند وصولهم ويفتح لهم أبواب المدينة.
من الآيات المتعلقة بمعركة آل عمران من الآية 166 إلى الآية 180
وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ
الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ
الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ
الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ
إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهُمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ
مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ
وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
دروس معركة أحد في عصرنا
في معركة أحد ظهر جليا المنافقون الذين كانوا يحاربون الإسلام في الخفاء وها أن في عصرنا وفي وطني تونس بالتحديد ظهر أمثالهم بعد ثورتنا المجيدة وبعد سقوط راس البلاء زين العابدين بن علي وصاحوا تونس حرة حرة والإسلام على برة و أخرجوا لنا شريطا بعوان” لا ربي لا سيدي” و سعوا بكل قواهم أن تمحى من الدستور الجديد كل إشارة ليكون الحكم للإسلام و طالبوا بعلوية لما يسمونها المنظومة الكونية لحقوق الإنسان ألا وهو النظام العالمي الفاسد الذي هو أقرب لحكم الجاهلية وصولا إلى سعيهم لتغيير أحكام الله المتعلقة بالميراث وبزواج المسلمة من غير المسلم وغيرها من الأحكام.
وفي معركة أحد ظهر كذلك من المسلمين من ثبت عندما أحدث المنافق عبدالله ابن أبي سلول انقساما في الجيش ورفضوا الانصياع إليه وواصلوا الخروج إلى أحد للقتال ولم يعودوا معه إلى المدينة.
ومنهم من ثبت في جبل أحد ولم ينزلوا لما رأوا الغنائم
ومنهم من ثبت لما صاح صائح قتل الرسول صلى الله عليه وسلم وواصلوا قتالهم ومنهم من ألقى الأسلحة وفكروا في عبدالله بن أبي المنافق ليأخذ لهم الأمان من أبي سفيان كما يفكر اليوم البعض من القوى الخارجية وذلك للبقاء في الحكم.
وهذه سنة الله في خلقه إذ أن في كل عصر يقع تمحيص ليظهر للجميع كفر الكافرين ونفاق المنافقين وإيمان المؤمنين بحسب درجة إيمانهم
ونحن نشاهد اليوم هذا التمحيص وتجلى لنا بوضوح في أمتنا وانقسم أبناء الأمة وبوضوح إلى فريق يساند بقوة النظام العالمي الفاسد ويسعى إلى ترسيخه واستمراره وفريق اختار الإسلام و كلمة الحق والثبات على المواقف ومستعد للتضحية من أجل كل هذا بينما بقي آخرون مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
وسيثبت في الأخير أقوياء الإيمان الذين لا يداهنوا ولا يجاملوا ولا يخشون في الله لومة لائم ولا يتوكلون إلا على الله وليس على الغرب ولا يهرلون للتطبيع مع أعداء الأمة وهؤلاء هم الذين سيتحرر بهم الأقصى وكل أمتنا ويكون نصر الاسلام النهائي على ايديهم بعون الله.
ليلى العود