قامت مساء أمس الأربعاء 10 مارس 2021 قوات الأمن بفض اعتصام الحزب الدستوري الحر أمام مقر فرع اتحاد العلماء المسلمين بتونس في شارع خير الدين باشا. وتولت الوحدات الأمنية إزالة خيمة الإعتصام بقرار إخلاء صادر عن والي تونس، كما قامت بإزالة خيمة الإعتصام التي ركّزها عدد من الناشطين المتعاطفين مع فرع اتحاد العلماء المسلمين.
فض اعتصام عبير موسي يعتبره البعض سقوط مدوّي للفاشية وللديكتاتورية وللفكر الفوضوي الخارج عن القانون. فقد سقطت الخيمة وسقطت عبير موسي وسقط معها كل من دعمها ومولها وناصرها وراهن يوما ما عليها. سقطت خيمة عبير موسي وسقطت معها أجندات قوى الشر داخليا وخارجيا والمتربصين بتونس والحالمين بسقوطها.
الدور الإمارتي المشبوه
في 26 أفريل 2019 عقد “الحزب الدستوري الحرّ” ندوة صحفية، توسط حضورها السفير الإماراتي بتونس، راشد محمد جمعة المنصوري، الذي واكب تقديم عبير موسي برنامج حزبها الاقتصادي والاجتماعي في المرحلة القادمة.
لم يمر هذا الحضور “مرور الكرام”، فقد أحدث ضجة كبيرة تركزت حول نقطتين: أولهما أن حضور السفير لندوة صحفية لحزب هو مخالفة صريحة للأعراف الدبلوماسية، وثانيهما أن من استضاف السفير هي رئيسة الحزب التي طالما اتهمت أحزاب بالعلاقات مع دول أجنبية.
وتورطت عبير موسي مع السفير الإماراتي نفسه، إذ غضب المنصوري من تعاطي الإعلام التونسي مع حضوره الندوة السابقة.
بيد أن هذا الموقف لن يزعزع ثقة الاماراتيين في عبير موسي؛ إذ يولي الإعلام الإماراتي اهتمامًا كبيرًا بتحركاتها وتقديمها على أنها “الشخصية السياسية المثالية التي تحظى بإعجاب التونسيين”.
عرابة الإمارات
يتغلغل دور عبير موسي ـ التي ورد اسمها في وثيقة سرية كشفت عن سعي الإمارات لإعادة رموز نظام بن علي إلى الواجهة ـ في المشهد التونسي ضمن خطة كاملة تقودها جهات معادية لثورات الربيع العربي؛ لضرب المسار الانتقالي في تونس.
وفي هذا الإطار، تحدث الأكاديمي والناشط السياسي طارق الكحلاوي عن وجود “تقارير إعلامية إماراتية مكثفة ومنتظمة تصل إلى حد الترويج إلى سيناريو اغتيال عبير موسي تحيل إلى دعم رسمي إماراتي لها.
وقال على حسابه على فيسبوك إنه لاحظ في البرلمان الأوروبي وجود حملة ضغط ومناصرة (لوبيينغ) لمصلحة عبير موسي وحزبها خاصة منذ بداية 2019 من قبل ناشطة بلجيكية تونسية تدعى منال المسلمي “تحمل صفة وهمية هي مستشارة البرلمان الأوروبي” وفق تأكيده.
وأضاف أن هذه الناشطة تتمتع بـ”دعم شبكة علاقات يتيح لها الولوج للمؤتمرات واجتماعات البرلمان الأوروبي” مبينًا أن من بين مداخلاتها الترويج لدور موسي في “كشف تمويل قطري وتركي لحزب النهضة”.
وقال الكحلاوي إن المسلمي هي عضو في الحزب الدستوري الحر وهي من قامت بزيارة للكنيست الإسرائيلي تحت عنوان “نشر السلام” في ذات الفترة التي قصفت فيها إسرائيل أهالي قطاع غزة.
وأكد وجود دعم لعبير موسي من الإعلام الإماراتي ولوبيينغ في بروكسيل يقوده مطبعون مع إسرائيل، معتبرًا ذلك مؤشرات “على ماهية الدعم الخارجي لرأس حربة العداء الصريح للديمقراطية والنوستالجيا لعهد الاستبداد” حسب وصفه.
ودعا إلى تشريع قانون خاص لكشف تمويل الأحزاب بشكل جدي وخاصة يضمن منع أي تمويل خارجي من أي مصدر، وفق قوله.
سليلة التجمع المنحل
توارت عبير موسي عن الأنظار، والبلاد تخرج من أوّل انتخابات ديمقراطيّة حقيقيّة بعيد 2011. لتعود هذه الأخيرة إلى العمل الحزبيّ تحت مظلّة الحرس القديم، بعد تأسيس حامد القروي للحركة الدستوريّة في 23 سبتمبر 2013، والتّي خاضت غمار الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة في السنة الموالية بترشيح عبد الرحيم الزواري للرئاسيّات وعبير موسي على رأس قائمتها للانتخابات التشريعيّة في مدينة باجة.
لم تكن صورة المحامية ورئيسة الحزب الدستوري الحرّ، وهي تمتطي صهوة فرس في 14 مارس 2019، أثناء افتتاح مكتب جديد لحزبها في مدينة القلعة الكبرى وسط الأهازيج وخطابات الترحيب، إلا اختزالا لمسار الأحداث في تونس بعد 14 جانفي 2011.
هذا الدور اختزله المحامي والمدون عبد اللطيف دربالة بالقول” انتهجت عبير موسي سياسة التصعيد ومحاولة لفت الانتباه.. وافتعال المشاكل والصوت العالي والاستفزاز والتهريج.. وتمثيل المسرحيّات السياسيّة الصاخبة على ركح قصر باردو.. لعلّ يصبح لها صوتا مسموعا.. وتجعل من نفسها نجمة مجلس نواب الشعب.. حالمة بأن يقال عنها “امرأة كمائة رجل”.. وأن تصبح هي “البطلة” التي تحارب “زعمة زعمة” منظومة الحكم الجديدة.. بعد أن كانت مجرّد مطبّلة و”برّاحة” لمنظومة الحكم القديمة..!!!”.
تهريج متواصل
يرى عدد من الملاحظين أن خطاب عبير موسي لا يتضمن أي برنامج اقتصادي، أو اجتماعي واضح؛ فهي تعتمد على خطاب تحريضي، وعلى حجج شعبوية.
ويعتبر البعض أن الإمارات تلعب على عدة حبال في تونس، وتعاضد كثير من الأحزاب ، وبما أن خطاب عبير مرتكز على معاداة الثورة، فإن ذلك يخدم أجندة أبوظبي في تونس.
فقد ظلّت عبير موسي قبل الثورة وفية لنظام بن علي، مطيعة لـ”صانع التغيير” ميالة إلى تثمين “توجهاته الحكيمة”، رغم ذلك اقتصرت رهاناتها على التطلع إلى عدد محدود من المراتب في سلّم المناصب داخل التجمع.
…مكلفة بمهمة
ما تقوم به عبير موسي، يتنزّل ضمن خطة محكمة موكولة إليها من قبل دولة عرفت بمعاداتها للثورة التونسية، هذه المهمة تسعى من خلالها موسي والداعمين لها، إلى ترذيل العمل السياسي في البلاد.
ولاتخفي موسى إعجابها وولاءها للإماراتيين، وسبق أن تم كشف، وجودها ضمن الذراع السياسي لشبكة مصالح إماراتية في تونس تعمل على إفشال الانتقال الديمقراطي الذي تشهده البلاد منذ سقوط نظام بن علي في جانفي 2011.
تسعى الإمارات عبر بيادقها في تونس لضرب التجربة الديمقراطية التونسية وإفشالها مهما كلّفها الأمر، وعبير موسي خير دليل.