إنّ الوجه الحقيقي للحرب المستعرة أحداثها في شرق أوروبا وتحديدا في الأراضي الأوكرانية، لها وجه حقيقي ومحور أساسي وهو الاقتصاد، فأولى شرارتها كان الغاز الطبيعي، فبعد 5 أيام من الحرب شهدت أسعار النفط مستويات قياسية تجاوزت حاليا 102 دولار للبرميل الواحد للمرة الأولى منذ أكثر من 7 سنوات، فضلا عن أسعار الحبوب والغاز الطبيعي وأسعار المبادلات في البورصات العالمية.
وارتفعت العقود الآجلة لأسعار الغاز الطبيعي تسليم مارس المقبل 4.88 %، فارتفع مؤشره 0.39 %. وصعد الذهب في المعاملات الفورية 1.7 % إلى 1939.97 دولار للأوقية (الأونصة) بعد بلوغ أعلى مستوياته منذ جانفي 2021 عند 1948.77 دولار للأوقية. وزادت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 1.8 بالمئة إلى 1943.90 دولار للأوقية.
وارتفع الذهب، وهو من أصول الملاذ الآمن في أوقات الاضطرابات، بنحو 8% منذ بداية فيفري مع تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على شهية المخاطرة. ويتجه المعدن النفيس صوب تسجيل أفضل أداء شهري منذ جويلية 2020.
وبالنسبة إلى العملات النفيسة الأخرى زادت الفضة في المعاملات الفورية 2.1 % إلى 25.03 دولار للأوقية. وارتفع البلاتين 1% إلى 1102.43 دولار للأوقية، في حين صعد البلاديوم 1.3 % إلى 2514.54 دولار للأوقية.
الروبل الروسي يهوي
هوى الروبل الروسي إلى مستوى قياسي أمام الدولار اليوم الاثنين 28 فيفري 2022، بعد أن أعلنت عدد من الدول الأوروبية سلسلة من العقوبات القاسية لمعاقبة روسيا على غزو أوكرانيا، وشمل ذلك عقوبات على احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي.
وارتفع سعر الدولار مقابل الروبل بنسبة 41.50% ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 119 روبلًا لكل دولار في المعاملات الآسيوية. وارتفع الدولار خلال هذا الشهر بـ53.77% أمام الروبل.
وأعلن البنك المركزي الروسي عن سلسلة من الإجراءات، أمس الأحد، لدعم الأسواق المحلية في الوقت الذي سارع فيه لاحتواء تداعيات العقوبات التي ستمنع بعض البنوك من استخدام نظام سويفت المالي العالمي.
وقال البنك المركزي إنه سيستأنف شراء الذهب في السوق المحلية ويطلق مزادا لعملية إعادة شراء بلا حدود ويخفف القيود على المراكز المفتوحة للعملات الأجنبية لدى البنوك.
وانتظر المواطنون الروس في طوابير طويلة أمام ماكينات الصرف الآلي، أمس الأحد، قلقين من أن تؤدي العقوبات الغربية الجديدة إلى نقص في السيولة وتعطيل المدفوعات، وفق ما نقلته وكالة “رويترز”.
وقال أحد سكان سان بطرسبرغ “منذ يوم الخميس يركض الجميع من ماكينة صرف آلي إلى أخرى للحصول على النقود. بعضهم محظوظ والبعض الآخر ليس كذلك”.
ويخشى المواطنون الروس توقف البطاقات المصرفية عن العمل أو فرض البنوك قيودًا على عمليات السحب النقدي.
وحذر خبراء من أضرار اقتصادية كارثية بمجرد إعلان الغرب تجميد احتياطيات البنك المركزي.
وكتب رئيس الوزراء الروسي السابق ميخائيل كاسيانوف على تويتر “الأمر الأخطر هو أن يجمد الغرب احتياطيات البنك المركزي.. لن يكون هناك ما يدعم الروبل. سيقومون بتشغيل المطبعة. التضخم المفرط والكارثة على الاقتصاد ليست بعيدة”.
وقال رومان بوريسوفيتش، وهو مستثمر مصرفي سابق في موسكو، إن “الفوضى” ستعم الأسواق الاثنين.
وأضاف “ستضع السلطات الروسية ضوابط بالتأكيد. لا يمكنهم الدفاع عن الروبل لكنهم على الأرجح سيوقفون التداول، ثم يضبطون الروبل على سعر مصطنع كما كانوا يفعلون. ستكون هناك سوق سوداء”.
الاتحاد الأوروبي يعاضد أوكرانيا
أعلنت رئيسة المفوضية الأوربية أورسولا فون دير لايين، أمس الأحد، أن الاتحاد الأوربي سيموّل عمليات شراء وتسليم أسلحة لأوكرانيا في مواجهة الهجوم الروسي، موضحة أن القرار يشكل سابقة للتكتل.
وقالت فون دير لايين في كلمة “للمرة الأولى سيموّل الاتحاد الأوربي عمليات شراء وتسليم أسلحة وتجهيزات أخرى إلى بلد يقع ضحية حرب. هذه نقطة تحوّل تاريخية”.
وأوضح وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل أن بروكسل ستقترح على الدول الأعضاء استخدام خط الاتحاد الأوربي للتمويل الطارئ “لتوفير أسلحة فتاكة فضلًا عن وقود وتجهيزات حماية ومستلزمات طبية للقوات الأوكرانية”.
وسيدرس وزراء الخارجية في دول الاتحاد الأوربي إمكان استخدام “تسهيلات السلام الأوربية” وهي أداة مالية من خارج الميزانية المشتركة للاتحاد يُخصص لها مبلغ خمس مليارات يورو.
وأوضح بوريل أن هذا الصندوق سيسمح بـ”التعويض للدول الأعضاء التي أخذت من مخزونها الوطني من الأسلحة وإعطاء + غطاء أوربي + لعمليات تسليم الأسلحة” التي سبق وقررتها كل حكومة على حدة.
ورأى بوريل أن القرار يضع حدًا “لمسألة كانت تعد من المحرمات، وتقوم على امتناع الاتحاد الأوربي عن توفير أسلحة لأطراف متحاربة”.
تشديد العقوبات
وأعلنت فون دير لايين بعد اجتماع في بروكسل لوزراء الداخلية وقبل اجتماع وزراء الخارجية، تشديد العقوبات على روسيا.
وقالت المسؤولة الأوربية “سنمنع في الاتحاد الأوربي الماكينة الإعلامية للكرملين. لن تتمكن وسيلتا الإعلام الحكوميتان آر تي وسبوتنيك، وكذلك فروعهما، من بث أكاذيبهما بعد اليوم لتبرير حرب بوتين وزرع الانقسام في أمتنا. إننا نطور أدوات لمنع تضليلهما الإعلامي السام والضار في أوربا”.
من جهة أخرى سيغلق الاتحاد الأوربي كامل مجاله الجوي أمام الطائرات الروسية كلها بما فيها “الطائرات الخاصة”.
وقالت المسؤولة الأوربية “نقترح (على الدول الأعضاء) أن تمنع كل الطائرات العائدة إلى روسيا، وتلك المسجلة في روسيا أو التي تتحكم فيها مصالح روسية. لن تتمكن بعد اليوم من الهبوط والإقلاع والتحليق فوق أراضي الاتحاد الأوربي”.
من جهتها، أعلنت الحكومة السويدية، الأحد، أنها ستسلّم أوكرانيا خمسة آلاف قاذفة مضادة للدروع في خروج عن عقيدتها.
وأكدت رئيسة الوزراء ماغدالينا أندرسون خلال مؤتمر صحفي أن هذا القرار “الاستثنائي” غير مسبوق منذ العام 1939، عندما ساعدت السويد فنلندا إثر تعرضها لهجوم من الاتحاد السوفيتي.
وأكدت “بالنسبة لي كرئيسة للوزراء فإن السؤال الأول والوحيد هو ما هو الدفاع الأفضل لأمن السويد وشعبها. استنتاجي هو أننا ندافع عن أمننا بأفضل طريقة عندما ندافع عن قدرات أوكرانيا على الدفاع عن نفسها في مواجهة روسيا”.
كذلك أعلنت ألمانيا، الأحد، عن خروج كبير في عقيدتها بتسليم أسلحة إلى أوكرانيا.
وإلى جانب الأسلحة المضادة للدبابات وهي قاذفات صواريخ بطلقة واحدة من فئة AT-4 – وهو مجال لصناعة الأسلحة السويدية خبرة واسعة فيه، ستشمل مساهمة ستوكهولم أيضًا 135000 حصة طعام قتالية و5000 خوذة و5000 سترة واقية من الرصاص.
وكسرت السويد حيادها في نهاية الحرب الباردة لكنها تبقى رسميًا غير منحازة وخارج التحالفات العسكرية، وبالتالي فإن الدولة ليست عضوًا في حلف شمال الأطلسي على الرغم من أنها كانت شريكًا في الحلف منذ منتصف التسعينات.
عزل من نظام “سويفت”
أعلنت المفوضية الأوربية والولايات المتحدة وبريطانيا وكندا، أمس الأحد، اتفاقهم على عزل مصارف روسية محددة عن نظام سويفت العالمي للمعاملات المالية، على خلفية هجوم روسيا على أوكرانيا.
وجاء في بيان المشترك بشأن تشديد عقوباتهم على روسيا، نشر على الموقع الإلكتروني للمفوضية الأوربية: نحن قادة المملكة المتحدة والمفوضية الأوربية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا والولايات المتحدة ندين الحرب التي اختارها بوتين والهجمات على دولة وشعب أوكرانيا ذات السيادة.
وأضاف البيان: بينما تشن القوات الروسية هجومها على كييف ومدن أوكرانية أخرى، فإننا عازمون على مواصلة فرض تكاليف على روسيا من شأنها أن تزيد من عزلتها عن النظام المالي الدولي واقتصاداتنا.
وتابع: سنحاسب روسيا وسنضمن بشكل جماعي أن هذه الحرب هي فشل استراتيجي لبوتين.
وكشف البيان عن جملة من الإجراءات التي اتخذتها الدول الغربية لمعاقبة روسيا وأولها: عزل مصارف روسية محددة عن نظام سويفت للتعاملات المالية، ما يضمن إزالة هذه المصارف من النظام المالي العالمي وإلحاق الضرر بقدرتها على العمل على مستوى العالم.
وأكدت الدول الغربية في البيان أنها ستفرض إجراءات تقييدية تمنع البنك المركزي الروسي من نشر احتياطياته الدولية بطرق تقوض تأثير عقوباتنا.
وجاء في البيان: سنلتزم بالعمل ضد الأشخاص والكيانات التي تسهل الحرب في أوكرانيا والأنشطة الضارة للحكومة الروسية. على وجه التحديد، سنلتزم باتخاذ إجراءات للحد من بيع الجنسية – ما يسمى بجوازات السفر الذهبية – والتي تتيح للأثرياء الروس المرتبطين بالحكومة الروسية أن يصبحوا مواطنين في بلداننا ويتمكنون من الوصول إلى أنظمتنا المالية.
وقالوا إنهم سيطلقون فريق عمل عبر الأطلسي الأسبوع المقبل يضمن التنفيذ الفعال للعقوبات المالية من خلال تحديد وتجميد أصول الأفراد والشركات الخاضعة للعقوبات والموجودة ضمن ولاياتنا القضائية.
وسبق أن فرض الاتحاد عقوبات على 64 مؤسسة روسية مهمة، ومنع بنوك الاتحاد الأوربي من قبول ودائع تزيد قيمتها عن 100 ألف يورو من المواطنين الروس، كما منع إرسال السلع والخدمات والتكنولوجيا اللازمة إلى مصافي النفط الروسية.
سلاح النفط
أعلنت مجموعة “بي بي” النفطية البريطانية، أمس الأحد، انسحابها من رأس مال شركة “روسنيفت” الروسية العملاقة التي تبلغ حصتها فيها 19.75%، وجاء ذلك بسبب الحرب التي تشنّها روسيا على أوكرانيا.
وأوضحت المجموعة في بيان أن مديرها العام برنارد لوني سيستقيل من مجلس إدارة “روسنيفت” بـ”مفعول فوري”.
وأضافت أن المسؤول في المجموعة ورئيسها التنفيذي السابق بوب دودلي سيستقيل أيضا.
وقال هيلغ لوند رئيس مجلس إدارة “بي بي” إن “هجوم روسيا على أوكرانيا عمل عدواني له عواقب مأسوية في جميع أنحاء المنطقة”.
وجاء في البيان “تعمل بريتيش بتروليوم في روسيا منذ أكثر من 30 عاما، ولكن هذا العمل العسكري يمثل تغييرا جوهريا دفع مجلس إدارة شركة بريتيش بتروليوم -بعد مراجعة معمقة- إلى استنتاج أن مشاركتنا في شركة روسنيفت المملوكة للدولة لا يمكن أن تستمر”.
وقال برنارد لوني إنه “يشعر بصدمة وحزن عميقين للوضع في أوكرانيا”. ونقل عنه البيان قوله “أنا مقتنع بأن القرارات التي اتخذناها كمجلس إدارة ليست فقط الأمر الصائب الذي يجب القيام به، ولكنها أيضا تخدم مصلحة بي بي على المدى الطويل”.
كما أعلنت شركة “بريتش بتروليوم” أنها تنسحب من أنشطتها المشتركة الأخرى مع “روسنيفت” في روسيا.
ورحب وزير قطاع الأعمال البريطاني كواسي كوارتنغ عبر تويتر بفك الارتباط، قائلا إن “الغزو غير المبرر لأوكرانيا يجب أن يكون بمثابة نداء يقظة للشركات البريطانية التي لها مصالح تجارية في روسيا”.
وقدرت حصة “بي بي” في “روسنيفت” بـ14 مليار دولار في نهاية عام 2021.
من جهتها، قالت المحللة في شركة “هارغريفز لانسداون” سوزانا ستريتر في مذكرة إن “قرار الانسحاب من روسنيفت سيكون مكلفا للغاية لشركة بي بي، لكن من الواضح أن مجلس الإدارة شعر تحت وقع الصدمة بأنه ليس أمامه خيار سوى دفع ثمن باهظ وإبعاد أنشطته عن العدوان الروسي”.
أثرياء روسيا
كشفت وكالة بلومبرغ الأمريكية عن خسارة أثرياء روسيا بقيمة 39 مليار دولار في أقل من 24 ساعة وذلك منذ بدء العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا.
وقالت بلومبرغ إن خسارة أغنياء روسيا خلال يوم العملية العسكرية تتجاوز إجمالي خسائرهم منذ بداية العام 2022.
وأوضحت أن مؤشر “مويكس روسيا” في بورصة موسكو أغلق بانخفاض بلغ 33%، وهو خامس أكبر انخفاض للمؤشر في تاريخ البورصة بالعملة المحلية.
يُشار إلى أن فاغيت أليكبيروف، رئيس شركة (لوك أويل) وهي شركة روسية متعددة الجنسيات للطاقة النفطية، قد تعرض لأكبر تراجع في صافي ثروته.
وخسر أليكبيروف نحو ثلث ثروته في يوم واحد بعد تراجعها بنحو 6.2 مليار دولار لتصل إلى 13 مليار دولار فقط. كما شهدت أسهم شركته النفطية تراجعا حادا بنحو 33% الخميس 24 من فبراير/شباط.
أما أليكسي مورداشوف، رئيس شركة (سفرستال) وهي شركة روسية تعمل بشكل رئيسي في صناعة الصلب والتعدين، فقد خسر 4.2 مليار دولار، الخميس، ليصل صافي ثروته إلى 23 مليار دولار.
كما خسر فلاديمير بوتانين رئيس شركة (نورنيكل) وهي شركة روسية للتعدين والصهر للنيكل والبلاديوم 3 مليارات دولار.
وخسر كل من أليكبيروف والملياردير غينادي تيموشينكو نحو 10 مليارات دولار خلال العام الجاري، أي أكثر من 40% من ثرواتهم.
وتعد هذه هي أكبر نسب الانخفاض التي سجلها مؤشر ثروات بلومبرغ بين المليارديرات الروس.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قالت إن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على الرئيس الروسي فلاديمبر بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف ووزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس هيئة الأركان العامة فاليري جيراسيموف بسبب غزو روسيا لأوكرانيا.
جاء فرض العقوبات الأمريكية النادر على رئيس دولة بعد يوم واحد فقط من غزو القوات الروسية لأوكرانيا حيث هاجمتها برا وبحرا وجوا في أكبر هجوم تشنه دولة على أخرى في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان في وقت متأخر يوم الجمعة والذي أعلنت فيه العقوبات “الرئيس بوتين والوزير لافروف مسؤولان بشكل مباشر عن الغزو الروسي غير المبرر وغير القانوني لأوكرانيا، الدولة الديمقراطية ذات السيادة”.
وأضافت أن العقوبات ضد رئيس إحدى الدول “نادرة للغاية” وتضع بوتين على قائمة قصيرة تضم زعماء كوريا الشمالية وسوريا وروسيا البيضاء. وقالت إن العقوبات قد تتبعها إجراءات أخرى.
المصادر:
الجزيرة
وكالة “رويترز”
وكالة الأنباء الفرنسية