أصدر رئيس الرابطة الوطنية للقرآن الكريم بتونس محمد مشفر مذكرة داخلية للجمعيات المنضوية تحت الرابطة القرآنية يحثهم على منع المنقبات من دخول المدارس القرآنية لحفظ القرآن.
وتشرف الرابطة على 24 جمعية جهوية أي في كلّ ولاية جمعية، وتحت هذه الجمعيات ما يقارب اليوم 600 جمعية محلية.
ودعا مشفر إلى تطبيق المنشور 15 المخالف للدستور بـ”منع الأشخاص غير مكشوفي الوجه من دخول الهياكل العمومية”.

توقيت مريب
ويرى عدد من الملاحظين أن توقيت إصدار هذه المذكرة مريب خاصة وأن حكومة تصريف الأعمال بقيادة يوسف الشاهد شارفت على الانتهاء .
واعتبر البعض أن محمد مشفر نام ثم استفاق بعد سبعة أشهر من إصدار المنشور عدد 15 في شهر جويلية من سنة 2019 ليعمم مذكرة بمنع المنقبات من دخول المدارس القرآنية التابعة للرابطة الوطنية للقرآن الكريم.
ويتسائل عدد من المراقبين لماذا اختار مشفر هذا التوقيت بالذات لتفعيل منشور صدر في 5 جويلية 2019 ؟
فالمنشور الذي يمنع المنتقبات من دخول الدوائر الحكومية ما دخله في الرابطة الوطنية للقرآن الكريم ؟
إلى ماذا يرمي هذا “الصباب السابق” من وراء هذا القرار ؟.
ولا تستغرب صدور هذا القرار من محمد مشفر وهو المعروف من قبل بمنعه حتى المتحجبات في زمن بن علي من دخول المدرسة القرآنية بسكرة ولكن هل يقدم نفسه كبديل لسيء الذكر المفتي بطيخ ؟
ويتسائل البعض هل من وراء قراره استفزاز جديد لفئة معينة؟
ويرى محللين أن منع النقاب في كل فروع الرابطة الوطنية للقرآن الكريم من شأنه أن يحرم عدد من النساء من حفظ القرآن في أماكن منضبطة قانونا.
منشور غير دستوري
ومن الملاحظ أن محمد مشفر لم يطلع أبدا على المنشور عدد 15 الذي أصدره يوسف الشاهد المنتهية ولايته, ووضع نفسه في موضع الجاهل بالقانون.
فالمنشور عدد 15 يفرض على المنقبات كشف الهوية داخل المؤسسات العمومية فقط دون غيرها.
والأغرب أن محمد مشفر تغافل عمدا على أن الحكومة قالت، إن المنشور عدد 15 لا يمنع ارتداء النقاب داخل المؤسسات العمومية وإنما يجبر المرأة على كشف الوجه عند الدخول.
فقد أكد الوزير السابق المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان في حكومة الشاهد، محمد فاضل محفوظ، أن منشور رئيس الحكومة لا يمنع ارتداء النقاب داخل المؤسسات العمومية، بل يطالب بالكشف عن الوجه عند الدخول فقط”.
وأوضح الوزير أنه “مبدئيًا وحسب المنشور كل متنقبة تعمل في مؤسسة عمومية بإمكانها الالتحاق بعملها، بعد الكشف عن وجهها”.
وصدر منشور موقّع من رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، في 5 جويلية سنة 2019، يمنع كل شخص غير مكشوف الوجه من دخول مقرات الإدارات والمؤسسات والمنشآت العمومية.
وأثار القرار انتقادات من مواطنين وجمعيات ومنظمات حقوقية رأت فيه مساسًا بالحريات الفردية وتضييقًا على ممارستها.
فيما استنكر نشطاء حقوقيون اتخاذ مثل هذا القرار لدواعٍ أمنية، معتبرين أنّه لأول مرة يتم فرض لباس ما أو منعه لاعتبارات أمنية، وهو ما لم يحصل في أي دولة من دول العالم.
إسقاط إيديولوجي
ويشار أن مرصد الحقوق والحريات بتونس أعلن إدانته للمنشور القاضي بـ”منع الأشخاص غير مكشوفي الوجه من دخول الهياكل العمومية” معتبرًا إياه “مسقطًا وأيديولجيًا وتمييزًا ضد فئة من المواطنات التونسيات”، مؤكدًا أن المنشور يستهدف أساسًا المنقبات.
واستنكر، في بيان له الإثنين 8 جويلية 2019، استمرار العمل بالمناشير الداخلية المخالفة للقانون والدستور والمعاهدات الدولية والتغييب المتعمد للدور التشريعي لمجلس نواب الشعب، مذكرًا باشتراط الفصل 49 من الدستور أن تصدر التشريعات الخاصة بضبط الحقوق والحريات في شكل قوانين.
ودعا المنظمات الحقوقية والشخصيات الوطنية ونواب الشعب إلى “التصدي إلى هذا المنشور، من أجل عدم تكرار المنشور 108 سيء الذكر، والذي تم سنه وتغليفه بنفس الحجج الواهية لتحقيق نفس الغايات السياسية والأيديولجية”، وفق المرصد.
وقال المرصد إنّ “الحرب على الإرهاب لا تكون باستغلال الأحداث المأساوية من أجل التغطية على فشل سياسي أو تحقيق طموح شخصي أو تصفية خصم فكري، بل تكون بتكريس دولة القانون والمؤسسات وتعزيز الحقوق والحريات والمساواة بين المواطنين”.
ودعا السلطات إلى عدم الاعتداء على حرية اللباس والمعتقد والحرص مقابل ذلك على التثبت من هويات المنتقبات عند دخول المؤسسات العمومية دون إجبارهنّ على نزع النقاب.
شيخ بن علي
ويذكر أن محمد مشفر كان خادما مطيعا لصهر بن علي صخر الماطري يلهج له بالدعاء.
وكان محمد مشفر إنبطاحيا بحيث أنه كان يتصيد المناسبات لتقديم ولائه لقصر قرطاج زمن بن علي.
ويذكر أنه تم توجيه إتهامات خطيرة للشيخ مشفر زمن كان متصرفا في إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم بأنه ينتهج سياسة مضادة للثورة ويحافظ على علاقات جد وثيقة بصهر الرئيس المخلوع، صخر الماطري مع استقباله لعلماء دين شيعة واستفراده بالرأي ورفضه تغيير خط تحرير الإذاعة ليواكب إيقاع الثورة.
ويشار إلى أن الدكتور كمال عمران رحمه الله قال في تصريحات إعلامية سابقة: أتحدى الشيخ مشفر أن يثبت أني تقاضيت أجرا خلال إشرافي على إذاعة الزيتونة وأنه كانت لي صلة بصخر الماطري الذي لم أطأ منزله يوما عكس الشيخ مشفر رفيقه في الرحلات الخارجية والمستفيد الأبرز من الامتيازات المالية وأمين ماله في إذاعة الزيتونة”.
ماذا يريد مشفر بهذا القرارا؟ ومن يقف وراء إصداره هذه المذكرة؟ ولماذا الآن وفي هذا التوقيت بالذات؟
فالتوقيت مريب والغاية مشبوهة.