في مثل هذا اليوم 15 ديسمبر من العام 2016 اغتيل الشهيد محمد الزواري أمام منزله وفي سيارته بولاية صفاقس بأربعين طلقة رصاص و قد اكتشف بعد إغتياله أنه كان عضوا في كتائب الشهيد عزالدين القسام ومطور طائرة الأبابيل والتي ظهرت لأول مرة في معركة ” العصف المأكول” في غزة في 2014 كما أشرف على مشروع الغواصة المسيّرة عن بعد الذي عمل عليه في إطار الدكتوراه.
هذا وقال شقيق الشهيد محمد الزواري رضوان الزواري في تصريح لموقع “العربي الجديد” اليوم الثلاثاء 15 ديسمبر 2020 إنّ الملف لا يزال يراوح مكانه بعد أن شهد عدة تعطيلات قضائية، إذ إنّ القاضي المكلف بالقضية أحيل إلى مهام أخرى، ما أدى إلى تجميد الملف، بالإضافة إلى أن عديد الوثائق أتلفت،
و أضاف رضوان الزواري أنّ هناك أيضاً أطرافاً من المنظومة السياسية ضغطت باتجاه التستر على بعض الحقائق، إذ قبض على متورطين من الجنسية الروسية، وهم مجندون من “الموساد” الإسرائيلي، في ميناء صفاقس، وكانوا على متن الباخرة الروسية التي رست ليلة الجريمة، ولكن حصل ضغط من إحدى الجهات لإطلاق سراحهم، وستتولى هيئة الدفاع الكشف عن مزيد من التفاصيل.
وفي وقت سابق كتب رضوان الزواري شقيق الشهيد محمد الزواري في صفحته بموقع التواصل “فيسبوك” : “اتلفت أوراق القضية وأطلق سراح جميع المتهمين وختمت المسرحية بأخذ أغراض الشهيد من طائرات وأبحاث علمية وحواسيب وقدمت هدية للموساد”.
هذا وتستعد هيئة الدفاع عن الشهيد محمد الزواري بمناسبة الذكرى الرابعة لاغتياله إلى كشف معطيات جديدة عن ملابسات الاغتيال وأسباب تعطل الملف، رغم كل تلك السنوات، وذلك بحضور عديد الشخصيات الوطنية والسياسية والحقوقية والمحامين، و ذلك يوم السبت19 ديسمبر 2020 ، في ولاية صفاقس.
كيف كان التعاطي الإعلامي التونسي إثر الساعات الأولى من عملية الاغتيال؟
لف الغموض في تونس حول عملية إغتيال الشهيد محمد الزواري وأخفت وسائل الإعلام التونسية بعد الساعات الأولى من العملية الإرهابية مكانة الشهيد العلمية و وصفته بالميكانيكي العائد من سوريا في تلميح بأنه من من الشباب المسفر لبؤر التوتر إلى أن بدأ موقع ”الصدى الالكتروني ” يفجر في مساء العملية الحقائق المتعلقة بهذه العملية الجبانة ويظهر مكانة الشهيد.
وبتاريخ 17 ديسمبر 2016 زفت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة “حماس”في بيان ، الشهيد محمد الزواري إلى الأمة العربية والإسلامية.
وقالت الكتائب في بيانها أن شهيد فلسطين وشهيد تونس و الأمة العربية والإسلامية القائد القسامي المهندس الطيار محمد الزواري هو أحد قادتها الذين أشرفوا على مشروع طائرات “الأبابيل القسامية والتي كان لها دورها الذي شهدته الأمة وأشاد به الأحرار في حرب العصف المأكول عام 2014.
واتهمت في بيانها كيان الاحتلال الصهيوني باغتيال الشهيد الزواري وقالت “أن يد الغدر الصهيونية الجبانة اغتالت القائد القسامي (يوم 15/12/2016) في مدينة صفاقس بالجمهورية التونسية طليعة الربيع العربي وحاضنة الثورة والمقاومة الفلسطينية”.
هذا وفي استباحة الأراضي التونسية دخل مراسل القناة العاشرة الاسرائيلية “موؤاف فاردي” بكل حرية لتونس و أجرى تقريراً من أمام وزارة الداخلية و منزل المهندس الشهيد محمد الزواري بولاية صفاقس يوم عملية الاغتيال و أمام ضغط الشعب قبض على موؤاف لكن أطلق سراحه بتعليمات من جهة سياسية تونسية دون مراجعة النيابة العمومية.
كيف تعاطت الحكومة التونسية مع عملية إغتيال الشهيد محمد الزواري؟
أعطت الحكومة التونسية هي الأخرى معلومات خاطئة حول الشهيد محمد الزواري وقال وزير الداخلية آنذاك الهادي المجدوب في ندوة صحفية بتاريخ 19 ديسمبر 2016 أن الزواري متمتع بالعفو التشريعي العام وله جنسية بلجيكية إلا أن شقيق الشهيد رضوان الزواري نفى عبر قناة نسمة ما ادعاه المجدوب.
و لم توجه الحكومة التونسية تهمة اغتيال الشهيد المهندس محمد الزواري إلى الموساد الإسرائيلي وأجهزته الاستخبارية بالرغم من ان كل الدلائل تشير إلى ذلك و من بينها التقرير الذي نشرته حركة حماس حول ملابسات الاغتيال واكتفى وزير الداخلية آنذاك الهادي المجدوب بالقول أنه لا يستبعد أن يكون جهاز أجنبي مضطلعا في العملية مضيفا أنه ليس له الدلائل على ذلك.
وفي مرحلة أخرى و أمام الضغط الشعبي عبر مواقع التواصل الاجتماعي أعلنت السلطات التونسية أن منفذي عملية الاغتيال هما البوسنيان “الفير ساراك” و “آلان كانزيتش” والنمساوي كريستوفر و دخلا التراب التونسي بحرا عبر ميناء حلق الوادي في 8 ديسمبر 2016.
وإلى اليوم (2020) مازالت السلطات التونسية تتكتم على نتائج التحقيق في عملية إغتيال محمد الزواري ولم تطلق عليها عملية إرهابية.
موقع الصدى يفجر حقائق صادمة
في تحقيق استقصائي كشف مدير موقع الصدى سابقا والنائب بالبرلمان حاليا راشد الخياي أن قسم التحقيقات الإستقصائية بموقع الصدى تحوّز على وثائق “مرعبة” تكشف علاقة فريق إغتيال الشهيد محمد الزواري بوزير تونسي و سفير أجنبي مشهور. موضحا أن الإسرائيلية “إيريس كوهين “أدارت عملية إغتيال محمد الزواري من تل أبيب بالتنسيق مع 13 عنصرا تونسيا من بينهم صحفية.
وأوضح الخياري أن إريس كوهين زارت تونس في 2014 والتقت مع وزيرة السياحة السابقة امال كربول وباتت ليلة في نزل الهناء وليلة في نزل بالحمامات.
وقال الخياري إن مراسل القناة العاشرة الإسرائيلية ”مؤاف فاردي“ هو ضابط مخابرات في وزارة الدفاع الإسرائيلية قضى ليلة في نزل أفريكا بالعاصمة التونسية و تم القبض عليه في شارع الحبيب بورقيبة لكن أطلق سراحه بتعليمات من جهة سياسية تونسية دون مراجعة النيابة العمومية.
وأشار الخياري في حصة ” ديما لاباس“ مع الإعلامي نوفل الورتاني إلى أنه يمتلك صورا لإيريس كوهين وهي ترقص مع سفير دولة أجنبية، لم يكشف هويته، لكنه قال إنه معروف جدا في تونس، فضلا عن صورة أخرى لها مع وزير تونسي في أحد الملاهي، وأخرى خلال مشاركتها في تظاهرة في شارع الحبيب بورقيبة. وقال إنها تشرف على إدخال أي إسرائيلي إلى تونس «بطرقها الخاصة».
و إثر حصة ”ديما لاباس“سرب نشطاء موقع فيسبوك صور إيريس كوهين ، حيث تبدو في إحدى الصور مع وزير السياحة الأسبق ريني الطرابلسي، وفي صورة ثانية مع السفير الفرنسي السابق في تونس أوليفييه بوافر دارفور، وهو من أكثر السفراء الأجانب إثارة للجدل في تونس.
وأشار الخياري إلى أن فريق الاغتيال قام باستدراج الشهيد محمد الزواري إلى تظاهرة بعنوان «السيارات القديمة» في مدينة زغوان بهدف تصويره من قبل الصحافية التونسية مها بن حمودة، التي قال إنه تم استخدامها من قبل الموساد دون علمها.
وقال القيادي الأمني السابق عبد الكريم العبيدي خلال تدوينة نشرها على صفحته بموقع “فيسبوك” إن التحقيق الإستقصائي الذي أعلن عن إنجازه راشد الخياري خلال حضوره في برنامح “ديما لاباس” على قناة التاسعة كان عملا جيدا و مميزا، و كل الحقائق التي وردت فيه و تفصيلات أخرى تمكنت الأجهزة المختصة بواسطة أناس شرفاء من إماطة اللثام عليها و فك شيفراتها في وقت قياسي.
هذا و قال رضوان الزواري شقيق الشهيد محمد الزواري في تصريحه لموقع “العربي الجديد” اليوم الثلاثاء أنّ فريق الدفاع عن الشهيد يلتمس من رئيس الجمهورية قيس سعيد التدخل لإعادة إحياء القضية والأبحاث مجدداً، مبيناً أن أرملة الشهيد لم تتحصل، وخلافاً لما أشيع، على الجنسية التونسية، رغم الوعود الكثيرة، ورغم إيداع ملف في الغرض، مؤكداً أنه مثلما سرقت وثائق من ملف الاغتيال، فقد ضاع أيضاً ملف أرملة الشهيد، و”هو ما يجعلنا نتأكد من وجود أطراف تعمل على عرقلة كل ما يتعلق بملف الزواري”، بحسب قوله، واصفًا ذلك بأنه “شكل من أشكال التطبيع”.
من جهته يأمل التونسيون ان يمنح الرئيس قيس سعيد الجنسية التونسية لأرملة الشهيد محمد الزواري بعدمنحه إياها للكاتب الفلسطيني باسل ترجمان، وهو أحد أبرز المقربين من القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان المطبع مع الكيان الصهيوني للنخاع.
كما تمثل هذه القضية امتحانًا حقيقيا لتحويل قول الرئيس قيس سعيد ”التطبيع خيانة عظمى ” إلى أفعال ويأمر بإجلاء الحقيقة للرأي العام والكشف عن كل المتورطين.
لبقلم ليلى العود