من المثير للدهشة والإستغراب أن تكون صاحبة القط “فتفاتة” ضيفة مبجلة في القنوات والإذاعات التونسية. هذه الواقعة أعادت للأذهان الحجم الكبير للرداءة التي تجتاح أغلب القنوات والإذاعات التونسية.
وقد لا نفي الرداءة حقّها حين نقول إننا وللأسف الشديد أصبحنا نعيش في زمن الرداءة بكل المقاييس وفي كافة المجالات وأصبح التافهون نجوم المجتمع. .
“تلفزيون الزبالة” (Télé poubelle)
قنوات تلفزيونية بالعشرات، يصعب على المشاهد رؤية حصة واحدة تحترم مستواه الثقافي والعلمي. جرائد تملأ الأكشاك وأرصفة الشوارع، لا تجد فيها مقالا يعبّر عن الواقع المزري أو عن أحلامك في مسايرة العصر. إذاعات ومواقع الكترونية، خارج النص والموضوع.
وتلاحظ في السنوات الأخيرة تزايد البرامج “التهريجية” أو ما يمكن تصنيفه في خانة “تلفزيون الزبالة” (Télé poubelle) التي تقدم مضامين سمتها الوحيدة هي الرداءة.
البؤس التلفزيوني
لا شك أن المشهد التلفزيوني غير متوازن بالمرة يقوم بشكل كامل تقريبًا على طغيان الترفيه والتسلية الذي يمثل في الحقيقة خضوع التلفزيون إلى منطق السوق بشكل يكاد كليًا.
بمعنى آخر، لا يخدم المشهد التلفزيوني الجمهور بقدر ما يخدم مصالح القنوات التلفزيونية في الحصول على أكبر قدر ممكن من الموارد الإشهارية.
الحاجة إلى إعلام بديل
هل نحن فعلا في حاجة إلى اعلام بديل؟ وهل سيجد هذا الاعلام نفس الاقبال؟ ولماذا لا تنجح القنوات التي لا تلهث وراء البوز وتسعى الى تقديم مادة اعلامية تحترم العقل البشري، بل سرعان ما تعلن افلاسها وتغلق ابوابها ؟
قد لا يختلف اثنان في كون بعض المؤسسات الإعلامية في تونس في حاجة إلى عديد المراجعات وكم نحن في حاجة إلى حوار وطني حول الإعلام… لأن جزءا من اعلام اليوم ينشر الرداءة حيثما حلّ ويروج لقصص الجريمة والاغتصاب والشذوذ والعقوق والخيانة والابتذال والتفاهة وقلة الذوق على جميع المستويات لا لشيء سوى لنيل الجزء الإكبر من كعكة الإشهار، فهل هذا هو هدف الإعلام؟ الا يجب أن نقف جميعا وقفة تأمل ونوجه نقدا ذاتيا لأنفسنا قبل توجيهه إلى المتلقي.. ونفكر مليا في كيفية إحداث ثورة في هذا المجال والرقي بالذوق العام وتحقيق أهداف الرسالة النبيلة لهذا القطاع؟
في الماضي القريب أطلقت في تونس حملة إلكترونية بعنوان “لا تجعلوا من الحمقى مشاهير” وهي أولى التحركات الرافضة للمستوى المتدني لتلفزة الواقع.
الحمقى فشلوا في أن يصبحوا مشاهير ليس لأن وعي المشاهد أوقف هذا النزيف بل لإن القنوات التي راهنت على هؤلاء هي أكثر حمقا منهم.