منذ سنة 2011، لم يمرّ على تونس عام من دون تحرك احتجاجي لعائلات شهداء وجرحى الثورة. تعاقبت الحكومات في تونس وتعاقب الرؤساء على السلطة، لكن حال عائلات شهداء وجرحى الثورة ظل في دائرة التهميش والنسيان.
وسبق أن نشرت “لجنة شهداء الثورة ومصابيها” في 8 أكتوبر من سنة 2019، عبر الموقع الرسمي للهيئة العليا لحقوق الإنسان، القائمة النهائية لشهداء الثورة ومصابيها.
وتضمنت القائمة 129 شهيدا و634 جريحا، معربة عن أملها أن تأذن رئاسة الحكومة بنشرها بالرائد الرسمي، لإكسابها الصبغة القانونية وضمان حقوق أصحابها.
وشدد رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية توفيق بودربالة في بيان حمل توقيعه أن الهيكل الرسمي والقانوني الوحيد المخول له نشر قائمة شهداء الثورة وجرحاها هو رئاسة الحكومة، حيث تعد الجهة التي تحيل النصوص القانونية إلى الجريدة الرسمية، لافتا إلى أن الهيئة سبق أن راسلت رئاسة الحكومة بضرورة التسريع في نشر القائمة النهائية.
احتجاج متواصل
وسبق أن خاضت عائلات شهداء الثورة وجرحاها منذ 2011 إلى يومنا هذا مسيرات احتجاجية واعتصامات أمام البرلمان ورئاسة الحكومة والهيئات الحقوقية، للضغط على الجهات الرسمية للإفراج عن القائمة النهائية لشهداء الثورة وجرحاها.
وقد مرت أكثر من سنة على نشر قائمتي الشهداء والجرحى على موقع الهيئة العليا للحقوق والحريات الاساسية ولا زال الغموض يلف هذا الملف
وتصر عائلات شهداء وجرحى الثورة على أهمية أن ترى هذه القائمة النور نظراً لقيمتها المعنوية والاعتبارية بالنسبة إليهم، خاصة وأنها ستخلد ذكرى أبنائهم وتوثق لحدث هام، وتكشف عن أسماء كل من قدموا دماءهم من أجل تونس ومن أجل الحرية والديمقراطية.
وأكد رئيس الهيئة العامة للمقاومين وشهداء الثورة وجرحاها في رئاسة الحكومة، عبد الرزاق الكيلاني، أنه سيتم إصدار قائمة معدّلة لشهداء الثورة وجرحاها، على أن تنشر بعد ذلك بالجريدة الرسمية.
المرسوم والمأزق
صدر في أكتوبر 2011 المرسوم المتعلق بالتعويض لشهداء الثورة ومصابيها (17 ديسمبر 2010 حتى 14 جانفي 2011) للحصول على التعويضات المادية والمعنوية المقررة في شأنهم.
وحدّد المرسوم شهداء الثورة ومصابيها أنّهم “الأشخاص الذين خاطروا بحياتهم من أجل تحقيق الثورة ونجاحها واستشهدوا أو أصيبوا بسقوط بدني من جراء ذلك”.
ونصّ على تكفل الدولة بإقامة معلم لتخليد ذكرى الثورة يتضمن قائمة شهدائها إلى جانب إحداث متحف للثورة لحفظ الذاكرة الوطنية وإسناد أسماء الشهداء على الأنهج والشوارع والساحات العامة عدا عن إحياء ذكرى ثورة 14 جانفي سنويًا بصفة رسمية وبفعاليات شعبية.
وأحدث المرسوم لجنة شهداء الثورة ومصابيها صلب الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية لتتولى إعداد القائمة النهائية لشهداء الثورة ومصابيها، كما ضبط المنافع المخولة لفائدة شهداء الثورة التي تتمثل في تمتيعهم بجراية شهرية يضبط مقدارها بأمر تصرف لـ”فائدة القرين ما لم يتزوج من جديد، وتمتيع أبناء الشهيد في صورة وفاة القرين أو حرمانه من الحق في الجراية الى حين بلوغهم سن 18 سنة أو انتهاء مزاولتهم لتعليمهم أو تمتيع أم الشهيد وأبيه إذا كان الشهيد غير متزوج”.
كما نص ذات المرسوم على الحق في مجانية العلاج بالهياكل العمومية للصحة وبالمستشفى العسكري إضافة إلى مجانية التنقل بوسائل النقل العمومي بالنسبة للقرين والأبناء إلى حين بلوغهم سن 18 سنة أو انتهاء مزاولتهم لتعليمهم.
وتمتّع جرحى وعائلات شهداء الثورة ببعض هذه المنافع إلا أنّ التعويضات بقيت معطلة بسبب عدم إصدار القائمة النهائية
ونفذ الجرحى وعائلات الشهداء العشرات من الوقفات الاحتجاجية أمام البرلمان وأمام قصر الحكومة بالقصبة للمطالبة بإصدار القائمة النهائية ونشرها في الرائد الرسمي.
كما تحولت الاحتفالات السنوية يوم 14 جانفي إلى مناسبة للاحتجاج والمطالبة بتفعيل بنود المرسوم المذكور.