وقعت الحكومتان الأردنية والصهيونية في السادس والعشرين من الشهر المنصرم اتفاقا لتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع “قناة البحرين”، والذي يربط البحر الأحمر بالبحر الميت، عن طريق خط أنابيب يمتد لمسافة 200 كيلومتر، متضمناً إنشاء محطات لتحلية المياه وتوليد الطاقة.
[ads2]
وأثار التوقيع أجواء عارمة من الفرحة في أوساط الصهاينة في ظل تشكيك شعبي عارم في الأردن وفلسطين بالاتفاق وأجنداته والحقوق المائية الفلسطينية، حيث عدّه غالبية المراقبين مشروعا صهيونيا بامتياز، فيما وجهت الاتهامات للطرف الفلسطيني بالكشف عن اتفاقاته السرية والمحجوبة عن الشعب الفلسطيني في هذا الاتفاق.
وكان سبق هذا الاتفاق توقيع اتفاق غامض شاركت فيه الأردن والكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية في واشنطن عام 2013 حول مشروع قناة البحرين، ولم تنشر تفاصيله الكاملة حتى اللحظة، واكتُفي بالإشارة إلى خطوطه العامة.
وقال مدير مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين عبد الرحمن التميمي إن الاتفاق الأردني الصهيوني على بدء تنفيذ المرحلة الأولى من ربط البحرين مثير للجدل وغير واضح.
وطالب السلطة الوطنية بالكشف عن بنود مذكرة التفاهم التي وقعت مع الأردن والكيان الصهيوني عام 2013 بخصوص مشروع ربط البحر الأحمر بالميت.
وأكد أن ما يثير الجدل عن هذا المشروع هو تدخل البنك الدولي في السياسات المحلية لدول المنطقة بالإضافة إلى غموض الموقف الفلسطيني، مشككا في أجندات البنك الدولي تاريخيا.
ويشير الباحث البيئي جورج كرزم، في دراسة له حول المشروع، إلى أن اللافت أن أي جهة في السلطة الفلسطينية لم تنشر النص الرسمي الأصلي الكامل (وليس ترجمات غير رسمية) لما يسمى مذكرة التفاهم التي وقعت في واشنطن.
وتساءل كرزم “إذا كان الاحتلال الإسرائيلي هو الذي اخترع أصلا فكرة مشروع القناة، وهو أيضا الذي فبرك المذكرة الأخيرة التي وقعت السلطة الفلسطينية عليها، فلماذا يتم إخفاء نصها الكامل والرسمي عن الشعب الفلسطيني تحديدا؟”
وأكد كرزم أن الاتفاق نسف للحقوق المائية الفلسطينية؛ حيث نصت المذكرة على وجود “استعداد” إسرائيلي “لبيع 20-30 مليون متر مكعب من المياه من محطات تحلية المياه الإسرائيلية، ليتم تسليمها في نقاط التوريد المتفق عليها” للسلطة الفلسطينية! حيث “سيتم مناقشة ذلك بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية”.
وسوف يستند سعر المياه على سعر تحلية المياه وبمواصفات المياه الصالحة للشرب في نقطة التوريد. وسيكون الاتفاق مستقلا عن اتفاقات المياه الحالية بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية.
ويتنافى هذا الاتفاق الصهيوني الفلسطيني (بخصوص المياه المحلاة التي ستبيعها “إسرائيل” للسلطة من محطات التحلية الإسرائيلية) مع النفي الفلسطيني الرسمي المتكرر لما ورد في التقارير التي نشرت مرارًا وتكرارًا خلال السنوات الأخيرة في الإعلام “الإسرائيلي”، حول توجه صهيوني لتخصيص كميات من مياه البحر المحلاة لصالح السلطة.
وأكد أن المطلوب من الأطراف العربية في هذا المشروع أن تشارك الصهاينة في مشروعهم الهادف إلى إصلاح ما أفسدوه بشكل منظم خلال عقود من تحويل لمياه بحيرة طبريا ونهر الأردن والسيطرة على الأحواض والحقوق المائية الفلسطينية لصالح معالجات من هذا القبيل بدل مساءلة الجاني عن جريمته والمطالبة بالحقوق المائية الأصيلة.
وكان الوزير الصهيوني سلفان شالوم، خلال كلمته في مراسم التوقيع على إطلاق المشروع في السادس والعشرين من الشهر المنصرم، قال “نحن اليوم نحقق رؤية بنيامين زئيف هرتسل (مؤسس الحركة الصهيونية) في نهاية القرن التاسع عشر الذي تنبأ بضرورة الحاجة إلى إحياء البحر الميت”، مضيفاً إنه “اتفاق تاريخي والأهم منذ اتفاق السلام مع الأردن”.
ويتضمن المشروع التاريخي، كما نقل موقع “يديعوت احرونوت”، إقامة منشأة لتحلية المياه شمال العقبة من أجل تأمين المياه لمنطقة العربة في “إسرائيل” والعقبة في الأردن، ونقل المياه مع تجميع عالٍ لمياه مالحة إلى البحر الميت. فيما وصفت القناة الثانية الصهيوني الاتفاق بأنه “تاريخي”.
وبحسب “يديعوت احرونوت”؛ فإن السلطة الفلسطينية كانت طلبت الحصول على موقع شمال البحر الميت، فى منطقة “عين فشخة”، إلا أن حكومة الاحتلال رفضت، وتم التوافق على أن تشتري السلطة الفلسطينية -بحسب الاتفاق- 30 مليون كوب من مياه بحيرة طبرية ومياه التحلية، أو المياه العذبة بثمن التكلفة.
وقالت يديعوت، إن أنبوب المياه سيمر بالأراضي الأردنية، مشيرة إلى أنه بذلك تتجنب الأطراف معارضة المنظمات الخضراء المناصرة للبيئة في الكيان الصهيوني للمشروع، متوقعة أن ينجز المشروع خلال 4 لـ5 سنوات.
وكان وزير المياه الأردني حازم الناصر وصف المشروع خلال الاتفاق بأنه “وطني بامتياز”، مؤكداً أنه “يوفر الاحتياجات المائية المتنامية بأسعار منطقية، تناسب الظروف الاقتصادية الوطنية”، كما “يحقق التنمية الاقتصادية الشاملة للدولة الأردنية، التي تسعى بكل طاقتها لإرساء الأمن السلمي العالمي”.
وأكد أن المشروع يساعد أيضاً في تأمين احتياجات “الشعب الفلسطيني الشقيق” من المياه الصالحة للشرب، وبواقع 30 مليون متر مكعب سنوياً، لافتاً إلى أنه يتم حالياً الاتفاق عليها بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.
ولكن الناصر لم يوضح في كلمته أن الماء سيباع للفلسطينيين، ولن يقدم لهم مجانا، فيما حقوقهم المائية كاملة قد أضيعت في هذا الاتفاق.
وشهدت الأيام الماضية التي تلت الاتفاق بيانات ومواقف من غالبية القوى والشخصيات السياسية الفلسطينية والأردنية التي رفضت الاتفاق وعدّته تطبيعا وتفريطا بالحقوق المائية التاريخية للأردن وفلسطين.
المركز الفلسطيني للإعلام