تحتضن تونس، اليوم الحمعة 10 جوان 2022، اجتماعا ثلاثيا يضم وزراء خارجية الجزائر ليبيا وتونس لتنسيق المواقف حول الأوضاع في المنطقة وتنسيق المواقف في القضايا الدولية والإقليمية الراهنة.
وقالت الخارجية التونسية ،في بيان لها، إنّه في إطار تعزيز سنة التشاور والتنسيق بين تونس والجزائر وليبيا، يؤدّي اليوم، الجمعة 10 جوان 2022، السيد رمطان لعمامرة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، والسيدة نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الوحدة الوطنية لدولة ليبيا، زيارة عمل إلى تونس.
ويأتي هذا الاجتماع، وفق البيان، ترجمة لحرص الدول الثلاث على تطوير العلاقات واستكشاف آفاق جديدة للتعاون إضافة إلى تبادل الرؤى وتنسيق المواقف حول مجمل القضايا الدولية والإقليمية الراهنة وما تطرحه من تحديات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية وإنسانية.
كما سيكون الاجتماع مناسبة لاستعراض الاستحقاقات الاقليمية والدولية المقبلة.
وأضاف البيان أن المشاورات ستتركز على عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك التنمية المندمجة والمتضامنة ومكافحة الإرهاب والتصدي للجريمة المنظمة وقضايا الامن الغذائي والطاقي والبيئي في التي تفرض نفسها في ظل المستجدات الدولية الراهنة.
يذكر أن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، أبلغ المستشارة الأممية بليبيا، ستيفاني ويليامز، أمس الخميس 9 جوان 2022،رفض بلاده “تعدد مسارات الحل” في جارتها الشرقية.
جاء ذلك في بيان للخارجية الجزائرية حول لقاء بين لعمامرة وويليامز التي أدت زيارة عمل إلى الجزائر.
وحسب البيان، شدد لعمامرة على “ضرورة تفادي تعدد المسارات والمبادرات التي يهدف البعض من خلالها للبحث عن أدوار إقليمية وهمية، على حساب مصلحة الشعب الليبي، والتي لم تأت بأي نتيجة سوى التشويش على وساطة الأمم المتحدة”.
وجدد لعمامرة موقف الجزائر “المبدئي والثابت حول ضرورة مضاعفة الجهود لتمكين الشعب الليبي من ممارسة حقه السيادي في اختيار ممثليه”.
وفي وقت سابق، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إن بلاده مع الشرعية الدولية في ليبيا والممثلة في حكومة عبد الحميد الدبيبة، وأن أي تغيير لابد أن يكون عبر انتخابات تفرز حكومة جديدة.
ويذكر أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أبدى استعداد بلاده وإيطاليا لمساعدة تونس للخروج من المأزق الذي دخلت فيه، والعودة إلى الطريق الديمقراطي.
وجاء ذلك خلال ندوة صحفية مشتركة مع نظيره الإيطالي “سيرجيو ماتاريلا” في روما في زيارة رسمية لإيطاليا بدأها الأربعاء 25 ماي 2022ودامت 3 أيام.
وكان الموقف الجزائري من صراع الشقوق الليبية ومازال رافضا لشق اللواء المتقاعد خليفة حفتر وقد أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقابلة مع قناة الجزيرة أن بلاده كانت مستعدة “للتدخل بصفة أو بأخرى” في ليبيا لوقف تقدم قوات المشير حفتر نحو العاصمة طرابلس.
وردا على سؤال عما كان يعنيه بأن “طرابلس خط أحمر”، قال تبون “كنا نقصد أننا لن نقبل بأن تكون طرابلس أول عاصمة مغاربية وإفريقية يحتلها المرتزقة، كنا سنتدخل”، وعندما سئل عما إذا كانت الجزائر تعتزم التدخل “عسكريا”، أجاب تبون “كنا سنتدخل بصفة أو بأخرى ولا نبقى مكتوفي الأيدي”.
وبتاريخ 23 أفريل 2022، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في لقاء مع ممثلي الصحافة الجزائرية أن موقف الجزائر من الأزمة الليبية يكاد يكون حاليا مخالفا لمواقف أخرى.
وأكد تبون أنه لما تعينت حكومة أخرى في ليبيا، في إشارة إلى حكومة فتحي باشاغا، تغير موقف الجزائر، مشيرا إلى أن بلاده مع الشرعية الدولية ومع حكومة عبد الحميد دبيبة المنبثقة عن هذه الشرعية.
وقال تبون إن حل الأزمة في ليبيا هي العودة إلى شرعية الصندوق والشعب الليبي، مضيفا “لا بد من انتخابات تشريعية في ليبيا، لكي تعود الشرعية للشعب، والبرلمان هو من يقرر شكل الحكومة الجديدة”.
وجاء كلام تبون إثر محاولة فتحي باشاغا التسلل إلى طرابلس عبر الحدود التونسية بعد عقده اجتماعات أمنية وسياسية بتونس و بعد أن قضى أياما في أحد النزل التونسية وهو ما اعتبره التونسيون خطرا على أمنهم القومي.
وقالت مصادر غير رسمية لموقع “الشرق الأوسط” إن “الدبيبة حاول إقناع السلطات التونسية بالتدخل لمنع باشاغا من مواصلة اجتماعاته العسكرية والسياسية في تونس، مشيرة إلى أن الدبيبة اجتمع في طرابلس بشكل مفاجئ، السبت 16 أفريل 2022، مع السفير التونسي الأسعد العجيلي، بحضور اللواء محمد الزين رئيس قوة مكافحة الإرهاب”.
من جهتها، نقلت صحيفة “الشارع المغاربي”، عن مصدر رفيع المستوى، أن حضور المسؤول الأمني في الاجتماع كان لتقديم “معطيات حول تداعيات دخول باشا طرابلس عبر الحدود التونسية وما قد ينتج عن ذلك من انطلاق مواجهات مسلحة لن تكون تونس في منأى عنها بعد أن تحولت إلى طرف في نزاع الشرعيات القائم بين رئيسي حكومتين بليبيا.
من جهته، قال المحلل السياسي والكاتب الصحفي الليبي عبد الله الكبير، في تصريح خاص لـ “عربي21″، إن “باشاغا حاول التواصل مع بعض التشكيلات المسلحة، على غرار قوى الجبل الغربي التي سعت لتأمين دخوله عبر معبر وازن ذهيبة الحدودي مع تونس، لكن القوى العسكرية والمدنية الرئيسية لمدينة نالوت المتاخمة للحدود التونسية رفضت تحمل مسؤولية دخول حكومة باشاغا لتتفادى التورط في اندلاع أي صراع مسلح محتمل في العاصمة، لاحقا”.
بدورها، أكدت قناة “فبراير” المقربة من حكومة الدبيبة، النبأ، حيث نقلت عن عميد بلدية نالوت، عبد الوهاب الحجام، قوله إن قوات المدينة تصدت فجر السبت 16 أفريل 2022، محاولة قوة تابعة لرئيس المخابرات الليبية أسامة الجويلي تأمين دخول باشاغا من تونس إلى ليبيا عبر معبر “وازن-ذهيبة” الحدودي.
وأوضح الكاتب الصحفي الليبي عبد الله الكبير، في تصريحات خاصة لموقع “عربي21“، أن محاولة باشاغا الدخول إلى طرابلس عبر تونس، كان متوقعا لها الفشل، وذلك لأن المدن الحدودية الليبية لا تريد تحمل مسؤولية دخول باشاغا، الذي قد ينتج عنه اندلاع أي صراع مسلح بالعاصمة طرابلس، بحسب تعبيره.
ويرى مراقبون أن رفض “سونطراك” الجزائرية تصدير الغاز لتونس هو قرار سياسي من السلطات الجزائرية وقال الدبلوماسي والسفير السابق جلال الأخضر، مساء الأربعاء 18 ماي 2022 خلال حضوره في برنامج “حصاد 24” بقناة “الزيتونة” إن “سونطراك” الجزائرية كانت تلمح منذ أشهر إعلاميا وبالطرق الديبلوماسية أن هناك ديونا متراكمة لفائدتها لدى الشركة التونسية للكهرباء والغاز، لكنها بقيت تمد تونس بالغاز.
وأفاد الأخضر أن السلطات الجزائرية ليست راضية على المناخ السياسي العام في تونس وتبدي عدم ارتياح لأنه يهدد أمن واستقرار الجزائر خاصة مع وجود الحشد الشعبي بتونس والحديث عن الحكم المحلي.
وأضاف جلال الأخضر أن زيارة فتحي باشاغا إلى تونس في شهر رمضان الماضي وعقده اجتماعات مع وجوه رسمية تونسية ودولية أزعجت السلطات الجزائرية التي تدعم حكومة عبد الحميد الدبيبة المعترف بها دوليا.
وأشار الأخضر إلى أنه في إطار الصراع بين الشرق والغرب في ليبيا فتحت تونس أبوابها لحكومة متمردة مدعومة من الجنرال خليفة حفتر الذي له ارتباطات وتوجهات تنظر لها السلطات الجزائرية بعين الربية وترفض اللقاء معه ومحاورته، مشيرا إلى أن دعم تونس لحكومة باشاغا بالنسبة للجزائر نقطة استراتيجية تمس من أمنها وحدودها.
وقال الأخضر “للأسف كل المؤشرات في تونس باللون الأحمر وفي منطقة خطيرة، مؤكدا على أن الجزائر وليبيا منطقتان حيويتان واستراتيجيتان لأمن تونس واقتصادها واستقرارها، وبالتالي لا يجب الدخول في مغامرات عبثية، وفق قوله.
وأكد الأخضر أن المولدات الكهربائية في تونس ستكون بقرار سوناطراك غير قادرة على توليد الكهرباء وهو ما يعني انقطاعات كبرى للتيار الكهربائي في المنازل وفي القطاعات الكبرى كالسياحة والفلاحة والصناعة وغيرها.
من جانبه، أكد الكاتب العام للجامعة العامة للكهرباء والغاز في تونس عبد القادر الجلاصي، أن أجزاء كبيرة من البلاد ستعيش الظلام، بسبب رفض شركة سوناطراك تصدير الغاز لها خارج الإطار التعاقدي وخارج الإطار الضريبي.
ويرى مراقبون أن زيارة وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة إلى تونس اليوم الجمعة مرفوقا بوزيرة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الوحدة الوطنية الليبية نجلاء المنقوش، هو تأكيد الجزائر على استمرارها لدعم حكومة عبد الحميد الدبيبة ورفض حكومة فتحي باشاغا.