قرّر مجلس شورى الحركة المنعقد،أمس الأحد 12 جويلية، في دورته 41 بمقره المركزي بالعاصمة تكليف رئيس الحركة راشد الغنوشي “بإجراء المفاوضات والمشاورات الضرورية مع رئيس الجمهورية والأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية من أجل البحث عن تشكيل حكومي جديد”.
وقال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة،عماد الخميري، في تصريح لوكالة (وات) إن التشكيل الحكومي الجديد من شأنه “إنهاء الأزمة السياسية الحالية في البلاد والتي زادتها حدة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن جائحة كورونا ومسألة شبهة تضارب المصالح المتعلقة برئيس الحكومة الحالي إلياس الفخفاخ .
موقف جديد
لاحظ عماد الخميري أن الغنوشي هو المكلف بإجراء هذه المشاورات معتبرا أن “البحث عن تشكيل حكومي جديد هو الموقف الجديد للنهضة تجاه تلك التداعيات التي تمر بها البلاد معتبرا أن “الوضع العام في تونس عموما لم يعد يحتمل الإبطاء” ،حسب تعبيره.
من جهة أخرى قال الخميري إن اجتماع مجلس شورى الحركة جاء بناء على مطلب من المكتب التنفيذي “لمراجعة موقف الحركة من الحكومة ومن الإئتلاف الحكومي المكون لها .
اليوم الحسم
لا تزال أشغال الدورة 41 لمجلس شورى حركة النهضة (ممثلة في البرلمان بـ54 نائبا) متواصلة وعلى جدول أعمالها نقطة واحدة هي “مواصلة دعم حكومة إلياس الفخفاخ أو سحب الثقة منها في ظل ما تثيره قضية تضارب المصالح من جدل على الساحة الوطنية”.
ومن المنتظر أن تعقد حركة النهضة ندوة صحفية اليوم الاثنين 13 جويلية، للإعلان عن موقفها النهائي من حكومة الفخفاخ بدعوته رسميا إلى الإستقالة أو إعلان التوجه نحو سحب الثقة منه أو سحب وزرائها من الحكومة.
وكانت حركة النهضة عبّرت في بيان لها بتاريخ 5 جويلية الحالي، عن “قلقها” لما وصفته بـ “حالة التفكك” الذي يعيشه الائتلاف الحكومي و”غياب التضامن المطلوب” و”محاولة بعض شركائها في أكثر من محطة استهداف الحركة والاصطفاف مع قوى التطرف السياسي لتمرير خيارات برلمانية مشبوهة، تحيد بمجلس نواب الشعب عن دوره الحقيقي في خدمة القضايا الوطنية”، بحسب ما جاء في نص البيان.
واعتبرت أن التحقيقات في شبهة تضارب المصالح لرئيس الحكومة “أضرت بصورة الائتلاف الحكومي عموما، بما يستوجب إعادة تقدير الموقف من الحكومة والائتلاف المكون لها”.
وتدعو النهضة إلى توسيع الائتلاف الحكومي ليشمل حزب قلب تونس في مقابل تمسّك رئيس الحكومة برفض هذه الدعوات والإبقاء على الائتلاف الحكومي الحالي.
يذكر ان رئيس الحكومة الياس الفخفاخ قد اختير لتشكيل الحكومة الحالية في 20 جانفي 2020 ونالت حكومته ثقة البرلمان اثر جلسة عامة في الغرض تواصلت يومي 26 و 27 فيفري الماضي.
وتأتي دورة الشورى التي عقدت الأحد في ظل تصاعد الاحتقان والمناورات بين مكوّنات الائتلاف الحكومي.
إذ تم الإعلان صباح الأحد عن اتفاق 4 كتل برلمانية بمجلس نواب الشعب على الانطلاق في إجراءات سحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي.
ويتعلق الأمر بالكتلة الديمقراطية (التيار الديمقراطي وحركة الشعب) وكتلة الإصلاح الوطني وكتلة تحيا تونس والكتلة الوطنية، ومعظم هذه الكتل ممثل في الائتلاف الحكومي.
المخرج الدستوري
أكّدت منى كريّم أستاذة القانون الدستوري اليوم الاثنين 13 جويلية 2020 بخصوص الفرضيات التي تؤدّي إلى تغيير رئيس الحكومة أنّ هناك 4 سيناريوهات لمغادرة رئيس الحكومة للحكم وفق وصفها.
وقالت كريّم بخصوص السيناريو الأوّل إنّه يكون عبر تقديم رئيس الحكومة الاستقالة بما يعني استقالة الحكومة بأكملها، ويعيّن رئيس الجمهورية مجددا الشخصية الأقدر.
وتابعت كريّم أنّ السيناريو الثاني يتمثّل في أن يذهب رئيس الحكومة للبرلمان ويطلب تجديد الثقة، وهنا يمكن أن يجدّد البرلمان ويمكن أن يرفض، وإذا رفض يعيّن رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر من جديد وفق قولها.
وبخصوص السيناريو الثالث قالت كريّم في تصريح لإذاعة اكسبراس أف أم إنّ هذا السيناريو أصعب من سابقيه ويتمثّل في سحب الثقة، لأنّ هذه العملية تتم على مراحل، إذ يجب أوّلا تقديم عريضة ممضاة من 73 نائبا على الأقل، وبعد 15 يوما من إمضاء العريضة وإيداعها بمكتب المجلس يتم عرضها على التصويت في الجلسة العامة بالبرلمان، ويقتضي التصويت عليها 109 صوتا.
وفسّرت كريّم: “يعني شرطان لسحب الثقة من رئيس الحكومة، الشرط الأول هو أن تكون لديك 109 صوتا لسحب الثقة، والشرط الثاني أن تقترح رئيس حكومة جديد.. يعني هو تصويت وحيد، تسحب فيه الثقة وتقترح رئيس حكومة جديد بـ 109 صوتا” وفق تعبيرها.
وأضافت كريّم: “إذا لم يتم التصويت على سحب الثقة يواصل رئيس الحكومة العمل في هذه الحالة.. وإذا سحبت الثقة يكوّن رئيس الحكومة الجديد حكومته، ولا يتدخل رئيس الجمهورية إلا إذا فشل رئيس الحكومة الجديد”.
وحول السيناريو الرابع قالت كريّم إنّه سيناريو الفصل 99 من الدستور، إذ يتدخل هنا رئيس الجمهورية في عزل رئيس الحكومة، حيث يطلب رئيس الجمهورية من البرلمان أن يجدد ثقته في رئيس الحكومة.. فإما يجدد الثقة بـ 109 صوتا أو يرفض، وحينها يعود الأمر من جديد إلى رئيس الجمهورية”.
وشدّدت كريّم على أنّه من غير الممكن إقالة رئيس الحكومة من طرف رئيس الجمهورية.
دعوة الرئيس إلى التدخل
دعا أمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي، رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى المبادرة بتنظيم حوار بين أطراف الائتلاف الحاكم بعد الأزمة السياسية التي باتت تسيئ لصورة مجلس نواب الشعب وتعطل اشغاله وحولت اهتمامه عن مشاغل الشعب.
وقال الشابي، على ضرورة الإنطلاق من هذه المبادرة نحو حوار وطني قبل الدفع في اتجاه الدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها وفق تقديره.
تعيش حكومة الياس الفخفاخ مخاضا عسيرا قد يعجل برحيلها ما لم تظهر تطورات جديدة في قادم الأيام.