تجاهلا لقرار اللجنة العلمية بمنع التجمعات أكدت أحزاب سياسية ومبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” وشخصيّات حقوقية ومدنيّة النزول إلى الشارع غدا الجمعة 14 جانفي للاحتفال بعيد الثورة وتنديدا بالحكم الفردي وبالقرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد منذ 25 جويلية الماضي.
ومن بين الأحزاب التي دعت التونسيين إلى التظاهر في شارع الثورة حركة النهضة التي اعتبرت في بيان ،الأربعاء 12 جانفي 2022، أن الاحتفالات غايتها تكريس مكاسب الشعب من الحقوق والحريات الأساسية، وأهمها حرية التظاهر والتعبير عن الرأي، والتصدّي للدكتاتورية الناشئة التي ما فتئت تكرّس الانفراد بالحكم والسلط وتسعى إلى ضرب القضاء الحر، وتحتكر الرمزيات الوطنية، وتتجاهل الأولويات المعيشية للمواطنين (غلاء الأسعار، فقدان بعض المواد الأساسية، التشغيل).
وأوضحت النهضة أنها مع تقديرها لأهمية حماية صحة التونسيين وحياتهم، فإنها ترفض التوظيف السياسي للوضع الصحي ومخاطر انتشار جائحة كورونا، لضرب ما تبقى من هوامش الحريات، وتخذيل دعوات الاحتفاء بعيد الثورة وهو ما تجلى في القرارات الحكومية الأخيرة التي استثنت عدة مجالات وفضاءات للتجمعات على غرار المؤسسات التربوية ودور العبادة والأسواق وغيرها واقتصرت على التظاهرات بكل أشكالها في قصد ثابت لاستهداف التحركات المناهضة لمنظومة الانقلاب.
من جهته، دعا حزب “حراك تونس الإرادة”،أمس الأربعاء، منخرطيه وأنصاره للمشاركة في تظاهرات 14 جانفي 2022 إنطلاقا من الساعة الثانية ظهرا أمام المسرح البلدي بالعاصمة.
وندد حراك تونس الإرادة، في بيان نشره على صفحته بموقع “فيسبوك”، بمداهمة منزل المنسق المحلي للحزب ببني حسان من ولاية المنستير بسبب نشاطه السياسي، وذلك بعد مكالمة هاتفية من رئيس مركز الأمن بالمكان سأله فيها إن كان سيشارك في مظاهرات 14 جانفي ومع من سيشارك.
و أضاف البيان أنه على إثر المكالمة الهاتفية مباشرة حضرت سيارات الأمن إلى منزل المنسق المحلي للحزب من أجل جلبه بالقوة، وعلى إثر تنزيل فيديو مصور منه على صفحته الرسمية والاستنجاد بالحزب وبالنيابة العمومية تراجعت القوات الأمنية وظلت في محيط المنزل.
أما الأحزاب الديمقراطية المتمثلة في التيار الديمقراطي والجمهوري والتكتل من أجل العمل والحريات فقد أكدت في ندوة صحفية مشتركة ،اليوم الخميس 13 جانفي، تمسكها بحقها في النزول إلى الشارع غدا الجمعة،و دعت أنصارها وجميع التونسيين للتظاهر محملة الرئيس قيس سعيد ووزير الداخلية توفيق شرف الدين مسؤولية منع التظاهرات بالقوة العامة.
من جهتها، جددت مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” دعوتها للتظاهر احتجاجا على قرارات الرئيس قيس سعيّد، ونشرت منشورا عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك” قالت فيه: “موعدنا شارع الثورة يوم 14 جانفي على الساعة الثانية بعد الظهر لإحياء ذكرى الثورة المجيدة وفضح الانقلاب”.
وفي ندوة صحفية عقدتها المبادرة ،اليوم الخميس، دعا السياسي جوهر بن مبارك أنصار مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” وجميع “مناهضي الانقلاب”، إلى الخروج للشارع بكثافة، غدا الجمعة، والتظاهر في شارع الحبيب بورقيبة “ضد إجراءات 25 جويلية”.
وأوضح جوهر بن مبارك، إن المبادرة “تعمل على دفع الحركات الاجتماعية والسياسية لرص الصفوف وتشكيل جبهة وطنية لمجابهة الانقلاب”.
و أشار جوهر بن مبارك إلى وجود محادثات مع حركات اجتماعية وعدد من التنسيقيات التابعة للحراك الاجتماعي بغرض تشبيك الحراك السياسي مع الحراك الاجتماعي”،مضيفا أن “بناء البديل هو أول الطريق نحو مقاومة الانقلاب”.
ودعا بن مبارك رئيسة الحكومة نجلاء بودن إلى الاستقالة من منصبها احتراما لنفسها ولأعضاء حكومتها لأنها تزج بهم في معارك سياسية خاسرة.
بدورها، دعت شخصيّات حقوقية ومدنيّة وسياسيّة، في بيان مشترك اليوم الحميس،”المواطنات والمواطنين وكل القوى الحيّة داخل المجتمع إلى النزول يوم غدٍ الجمعة 14 جانفي، للمشاركة في التحركات الميدانية أمام البنك المركزي وكذلك في شارع الثورة (شارع الحبيب بورقيبة)، “دفاعا عن الحرية والحق في تقرير المصير نحو تونس ديمقراطية اجتماعية تعددية عادلة”.
وأكّدت الشخصيات الموقّعة على هذا البيان المشترك ومن بينها أعضاء من الرّابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان وخبراء في القانون الدّستوري ونشطاء في المجتمع المدني وفي الحقل السياسي، “تمسّكها باستحقاقات تاريخ 14 جانفي، القائمة إلى اليوم”، مجدّدة انخراطها في الدّفاع عنها ورفضها الأمر الرئاسي “الذي يسعى إلى القطع مع التاريخ النضالي للشعب ومحو ذاكرته في معركته من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية” وكل “محاولات الرجوع إلى الوراء، سواء من قبل رئيس السلطة القائمة أو من قبل الحاكمين على مدى عشر سنوات أو كذلك من قبل بقايا الاستبداد النوفمبري غير المعترفين بالمسار الثوري”، وفق نص البيان.
وذكّرت الشخصيات الحقوقية والسياسية والنسوية والنقابية والشبابية، بأهمية هذا التاريخ (14 جانفي) الذي “رحل فيه رمز نظام الحكم الاستبداد”، مذكرة بأن التونسيين والتونسيات “يحيون غدا الجمعة، الذكرى 11 لثورة 14 جانفي، في ظروف استثنائية، بعد انفراد رئيس الجمهورية بالسلطة ورفضه كل نهج ديمقراطي في إدارة الأزمة الشاملة التي تعيشها البلاد وإمعانه في فرض رزنامة سياسية واقتصادية واجتماعية، تُجهز على ما تبقّى من مؤسسات الدولة ومقدّرات الشعب التونسي وتمعن في تفقيره وتجويعه”،بالإضافة إلى تكرر الاعتداءات على الحقوق والحريات الأساسية وشيطنة كل أصوات الحرية والتحريض عليها.
وقد أجمعت جل هذه القوى على أن قرار اللجنة العلمية بمنع التجمعات هو قرار سياسي ولا علاقة له بتفشي فيروس كورونا، و إنما بغاية إسكات أصوات المعارضة ومنع النزول إلى الشارع،والدليل أن منع التجمعات لم تشمل الأسواق ولا المساجد و لا المؤسسات التربوية التي يتفشى فيها الفيروس بنسب مهولة.
من جهتهم، دعا نشطاء منصات التواصل الاجتماعي عبر صفحاتهم إلى النزول إلى الشارع ونشروا شريطا يتضمن تصريحا سابقا للرئيس قيس سعيد دعا فيه رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي لعدم التقيد بتوصيات اللجنة العلمية والتراجع عن قرار فرض حظر تجول ينطلق من السابعة مساء، وكان ذلك خلال الاحتفال بعيد الشهداء في 9 أفريل 2021،ولما رد المشيشي بأنها توصيات اللجنة العلمية قال سعيد في محاولة للظهور في صفّ الفئات الاجتماعية “ثمة المقترحات العلمية وثمّة أيضا القرار السياسي”، فرضخ المشيشي لقرار سعيد “السياسي” بأن يكون توقيت حظر الجولان الساعة العاشرة ليلا عوض السابعة مساء ترضية لأصحاب المقاهي والملابس وغيرهم من الذين أبدوا انزعاجهم من إيقاف عملهم السابعة مساء.
ختاما..
أمام توصيات اللجنة العلمية بمنع التجمعات و إصرار المعارضة وكل القوى الرافضة لإجراءات 25 جويلية على النزول إلى الشارع غدا الجمعة ومع القمع الذي شهدته مظاهرات سابقة كإيقاف السيارات على الطرقات حتى لا تصل إلى تونس العاصمة وإغلاق الشوارع لتقليص عدد المتظاهرين ووصفهم بالحشرات والمخمورين والفاسدين ،هل سيحضر صوت العقل والحكمة غدا أم سيتواصل القمع و تذهب تونس إلى نفق مجهول لا نعلم إن كانت نتائجه ستؤدي إلى ما عانت منه دول الربيع العربي كسوريا ومصر واليمن وليبيا.
نرجو ان يحضر صوت الحكمة والعقل واليقين بأن الثورات ستنتصر في النهاية لأن الشعوب عازمة على ذلك مهما كلفها من تضحيات و آلام.