كنت شابا يافعا لا اتذكر في حياتي انني خنت احدا او تعديت على ملك احد، ناجح في دراستي وبمجرد تخرجي ذهبت لاقصى البلاد للتدريس، زملائي وتلامذتي يحبونني وفوق كل ذلك رضاء الوالدين…جاءت العاصفة ووجدت نفسي بين جدران باردة…قضيت سنوات من خيرة عمري مع “الفصايل” بكل اشكالهم …كانوا يقدرونني ويتعاطفون معي ولله الحمد…غادرت السجن من “السيلون” مباشرة لم يمكنني الاعوان حتى من العودة الى الغرفة لجمع ادباشي ووداع من تركت ورائي من الاحبة…كان وجهي شاحبا ورائحتي لا تطاق…سلمني اعوان السجون الى منطقة الامن بسوسة…وبعد سين وجيم وانتظار اطلقوا سراحي…لم اجد احدا في انتظاري …سائق سيارة الاجرة كان يرمقني كما يرمق اهل المدينة كلب اصحاب الكهف..سالني ان كنت مريضا فاجبته نعم وقلت انني كنت في مستشفى “سهلول”…طرقت باب الدار لاجد اما كواها الانتظار …لم تتمكن ان تزغرد خشية سماع الجيران بالخبر..احتضتني واجهشت بالبكاء …لم تستطع ان تفهم لماذا سجنت ولم اتمكن من افسر لها شيئا…بالكاد اخذت حماما وغيرت ثيابي ..حتى طرق اعوان منطقة الامن بباردو باب المنزل…”وينو جاء؟” ارتبكت الام وقالت نعم …لا ادري كيف رقوا لحالها واكتفوا بابلاغي الاتصال بهم بعد العصر…لتبدا رحلة جديدية من عذاب “السيفيل”…لسنوات كان الاهل والجيران يخشون التحدث معي ..انا الشاب الهادئ الوسيم ذو الخلق
لما اشاهد السارق سامي الفهري محاطا باعلام العار ويعامل كابطال الف ليلة وليلة تتملكني غصة البكاء على هذا البلد الذي لا تعيش فيه الا …الكلاب