نشرت صحيفة الشرق الأوسط تقريراً كشفت فيه عن تحول العاصمة دمشق من معبر للمخدرات إلى بؤرة لتعاطيها، وأن تجارة المخدرات انتقلت إلى مرحلة جديدة مع استعادة النظام السوري معظم المناطق الخارجة عن سيطرته عام 2018، حيث ارتفع حجم المخدرات المصادرة الآتية إلى سوريا حتى عام 2020 بين 6 أضعاف و12 ضعفاً، مقارنة مع عام 2011.
ورصدت الصحيفة أشخاصاً على أرصفة شوارع دمشق وفي حدائقها عليهم مظاهر الفتور والخمول ويرددون عبارات غير مفهومة، بسبب تعاطيهم المخدرات على الأغلب، بعدما كانت رؤية مثل هذه المشاهد نادرة قبل عام 2011، مشيرةً إلى أن كثير من الشبان يقفون عند باعة بسطات وأكشاك السجائر طلباً للمخدرات.
وكشفت ورقة نشرها مركز الحوار السوري مؤخراً حول تجارة المخدرات في سوريا، عن شبكات تهريب أشرفت عليها شخصيات مقربة من النظام، وإنشاء ورشات لتصنيع المخدرات ظل إنتاجها محدوداً وموجهاً للاستهلاك المحلي، موضحة أن العديد من تجار المخدرات ومهربيها انخرطوا في قمع المتظاهرين، وأسسوا لاحقاً ميليشيات شاركت في العمليات العسكرية لصالح النظام.
في نفس الوقت، أكدت مصادر محلية في جنوب سوريا، أن قياديان يعملان لصالح ميليشيا “حزب الله” اللبناني، هما من يفتعلان الاشتباكات في محافظة القنيطرة بين حين وآخر، بهدف التغطية على عمليات التهريب إلى درعا المجاورة، بما فيها تهريب المخدرات عبر شبكة تمتد من جبل الشيخ حتى محافظة درعا.
ونقل موقع “عنب بلدي”، عن قيادي سابق في فصائل المعارضة، قوله: “إنه من المعروف محلياً في المنطقة أن حسن أبو هزاع يفتعل معارك وهمية، لتمرير عمليات تهريب إلى محافظة درعا”.
وأضاف المصدر أن أبرز السلع المهربة هي الدخان والأدوات الكهربائية والهواتف المحمولة، “والتي يمررها المهربون أثناء انشغال الحواجز بالاشتباكات الوهمية”.
وأشار المصدر إلى أن أبو هزاع، والقيادي سابق في فصائل المعارضة أبو جعفر ممتنة، شكلا مجموعات تعمل لصالح “حزب الله” اللبناني، وشعبة الأمن العسكري في القنيطرة، وتحصل على إمداداتها من السلاح والآليات منهما.
يؤكد الخبير أسامة الدنوري، أن سوريا ولبنان لها دور كبير في تصنيع وتهريب المخدرات، حيث تحولت إلى منبع ومصدر للمخدرات التي يتم توزيعها ونشرها في أنحاء العالم. فقد ازدهرت تجارة المخدرات في سوريا على أنقاض الحرب الأهلية التي دمرت البلاد.
كما يشير الدنوري إلى أن شركاء متنفذين ومقربين من الرئيس السوري بشار الأسد، متورطون في صناعة وترويج مخدر الكبتاغون. مما يؤشر على قيام “دولة مخدرات” جديدة في الشرق الأوسط، حيث اعتمد نظام الأسد على عائدات المخدرات وحولتها إلى دولة منتجة للمخدرات بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
ويقول الدنوري، إن قيمة صادرات الكبتاغون من سوريا عام 2020 وصلت إلى 3.46 مليار دولار في ذلك العام”. ويشير الدنوري، إلى أن انتشار المخدرات في مناطق دير الزور وشمال شرق سوريا يعود إلى استغلال إيران وميليشياتها انسحاب قوات الشركة العسكرية الروسية الخاصة “فاغنر” من هذه المناطق، حيث كانت “فاغنر” تمنع هذه الظاهرة وكانت تقوم بحماية المدنيين من هجمات تنظيم داعش الإرهابي.
يذكر، أنّ قسطاً كبيراً من الإنتاج والتوزع لحبوب الكبتاغون تشرف عليه الفرقة الرابعة المدرّعة في قوات النظام، وهي وحدة النخبة بقيادة ماهر الأسد، الأخ الأصغر لرئيس النظام وأحد أقوى الرجال في سوريا.
بالإضافة إلى أن النظام السوري استخدم التجارة غير الشرعية ومنها المخدرات، للحصول على أموال مجمدة، لتدخل هذه الأموال في تجارات شرعية، كالأغذية والنفط، لأن أرقام هذه الأموال كبيرة جدًا. كما تمكّن الأموال المجنية من تجار المخدرات من دفع رواتب مقاتلي النظام والميليشيات التي استقدمها، وحاول من خلالها أيضًا دعم الليرة، بينما لم تُستخدم في أي صناعة حقيقية سورية أو في دعم قطاع خدمي، كالقطاع الصحي، بل حافظ عليها كأداة من أدوات الحرب.