يرى عدد من الملاحظين أن مداخلة النائب عن حركة الشعب سالم الأبيض عن اتحاد الشغل محاولة لجعل المنظمة الشغيلة فوق النقد والمساءلة.
ليطفو على السطح جدلية “اتحاد الشغل” والعلاقة بين النقابي والسياسي.
فعندما وجّه عدد من السياسيين والإعلاميين أصابع الاتهام للمنظمة النقابية بكونها مرتعا للفاسدين وملاذا آمنا للعابثين تحرّكت ماكينة نور الدين الطبوبي في كلّ مكان لتؤكد في كلّ مرة نزاهة الاتحاد عن كلّ أشكال الفساد، بل ذهب بعض قياداته مثل سمير الشفّي وسامي الطّاهري الى حدّ اعتبار الاتحاد مؤسسة فوق المساءلة .
أي دور للمنظمة؟
يتجدَّد الجدل حول دور الاتحاد العام التونسي للشغل في الشأن السياسي الوطني عادة عندما يحصل التوتُّر بين المنظمة النقابية المركزية والسلطة السياسية الحاكمة، التي تتهم المنظمة النقابية بتجاوز وظيفتها الطبيعية: من المطلبية الاجتماعية إلى الشأن السياسي.
ولاحقا، حينما صعد بن علي للسلطة بعد انقلاب 1987، استطاع تدجين الاتحاد العام التونسي للشغل عبر شراء ولاءات قياداته من امتيازات نقدية وعينية افتضحت بعد الثورة، وذلك نظير رضوخهم وقتها لسياسات النظام، وظهر تيار غالب يُعرف بالبيروقراطية النقابية، يسيطر على مقاعد المكتب التنفيذي، لم يدخل في مواجهة مع ابن علي، وكان دائمًا ما يحل مطالبه الاجتماعية بتوافق مع النظام.
حينما صعد بن علي للسلطة بعد انقلاب 1987، استطاع تدجين قيادات الاتحاد التونسي للشغل، لكن ظلت تيارات داخل الاتحاد معارضة للنظام
مثلت، في هذا الجانب، نقابات التعليم صداعًا أحيانًا لبن علي، ولكن بالنهاية كان يعقد المخلوع صفقاته مع قيادات الصف الأول. وحين الحديث عن خضوع الاتحاد لبن علي، غالبًا ما يأتي الحديث عن رجلين هما إسماعيل السحباني أمين عام الاتحاد منذ 1989 حتى 2000، وعبد السلام جراد الأمين العام الذي لحقه، والذي تولى منصبه حتى 2011 بعد الثورة.
رغم أنّ اتحاد الشغل عاش في ظل حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي أسوأ فتراته حيث رضي قادته، بزعامة إسماعيل السحباني ومن بعده عبد السلام جراد، بالامتيازات التي قدمها لهما النظام مقابل المهادنة ودعم بن علي (أعلن الاتحاد عام 2004 مساندته ترشح بن علي لولاية رئاسية جديدة بعد تعديله الدستور)، ونأت قيادته أيضًا بنفسها عن المظاهرات المطالبة برحيل زين العابدين بن علي من ديسمبر 2010 إلى جانفي 2011، إلاّ أنّ المنظمة (القواعد والمكاتب الجهوية) ساندت وقادت الحراك، وسعت منذ انخراطها في الثورة إلى محو تلك الحقبة السوداء في تاريخها.
غياب الديمقراطية
قال الأمين العام السابق لاتحاد الشغل الطيب البكوش إن الإتحاد العام التونسي للشغل” لا يتمتع بالديمقراطية الكافية والعقلية العاشورية مازالت تطغى عليه”.
وأضاف خلال استضافته بإذاعة “شمس اف ام”، أمس الأحد، أنه حاول سابقا أن يجعل من المنظمة الشغيلة أكثر ديمقراطية، مضيفا “أن الأتحاد لم يعرف التطور الكافي في أتجاه أكثر ديمقراطية”.
وعبر عن رفضه الشديد للتمديد في الأمانة العامة أكثر من دورتين، قائلا:”الإتحاد لا يتمع بالديمقراطية الكافية والبيروقراطية طاغية عليه”.
الخلاصة، لماذا يصنعون من الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة فوق المساءلة؟