تعد القارة الإفريقية من أغنى القارات من حيث الموارد الطبيعية في العالم، لذلك بقيت الدول الإفريقية خاضعة للاستعمار الغربي مئات السنين، وبعد أن نالت إستقلالها أصبحت هدفاً لسياسات وتحكم هذه الدول الى الآن.
هذا الأمر جعلها عرضة للفقر والمجاعات والارهاب، فالمستعمر الغربي يعمل دوماً على إبقاء حالة الفوضى والصراع العرقي والديني والسياسي فيها، بهدف الإستمرار في تدخله السافر ونهبه لمقدرات هذه الدول من نفط وذهب وألماس، التي هي من حق شعوبها.
تعد فرنسا إحدى أكبر مستعمر أوروبي غربي سابق لهذه الدول، إذ تمارس دورها الهدام في تغذية الصراعات وتلفيق الحجج لإبقاء قواتها التي تعمل على تنفيذ سياساتها في عدة دول أهمها مالي.
أدخلت باريس قواتها إلى مالي، مطلع العام 2013 وفق إتفاق مع الحكومة المالية آنذاك، بحجة محاربة الإرهاب الذي تمارسه بعض الجماعات الإنفصالية الدينية في البلاد.
لكن وبحسب التقارير الإعلامية، قامت هذه القوات بمواجهة هذه الجماعات جزئياً، ووفق مصادر أخرى، هذه المواجهة كانت ستارة تختبئ خلفها عمليات تمويل بعض هذه الجماعات المسلحة لحضها على زيادة أعمالها الإرهابية بهدف إرضاخ الحكومة والضغط عليها.
وبالتالي فرضت فرنسا على الحكومة المالية مؤخراً عبر مؤتمر رؤساء دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) الخاضع لها، رزمة عقوبات اقتصادية ودبلوماسية بسبب عزم المجلس العسكري الحاكم في باماكو على البقاء في السلطة أعوامًا عدة.
مما جعل العاصمة المالية باماكو تتخلف عن سداد قيمة الاستحقاقات المالية التي بلغت حتى الجمعة 53 مليار فرنك إفريقي، أي ما يعادل 81 مليون يورو، بحسب الهيئة المسؤولة عن إدارة العمليات المالية في “الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا”.
ورداً على التدخل الفرنسي في مالي، اتهم رئيس الوزراء المالي شوغيل كوكالا مايغا فرنسا بالعمل على تقسيم مالي عبر وجودها العسكري في البلاد، مؤكدا أن زمن الإخضاع والاستعباد انتهى.
وأوضح كوكالا مايغا خلال استقباله دبلوماسيين معتمدين لدى باماكو، أنه “وبعد فترة البهجة والحماسة عام 2013 عندما حرر الجنود الفرنسيون شمال مالي من قبضة الجماعات المسلحة، تحول التدخل في مرحلة ثانية إلى عملية تقسيم لمالي، واستند بحكم الأمر الواقع إلى إقامة ملاذ على جزء من أراضينا أتاح مع الوقت للإرهابيين إعادة تنظيم صفوفهم للعودة بقوة اعتبارا من 2014”.
وقارن مايغا خلال لقائه مع الدبلوماسيين والذي استمر نحو 45 دقيقة، بين فرنسا ومالي حاليا، وفرنسا والولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية قائلا: “ألم يحرر الأميركيون باريس؟ (…) عندما رأى الفرنسيون (أن الوجود الأميركي) لم يعد ضروريا طلبوا من الأميركيين الرحيل، هل بدأ الأميركيون عندها بشتم الفرنسيين؟”.
واعتبر رئيس الوزراء المالي كذلك، أن القوة الأوروبية الخاصة “تاكوب”، التي شكلت بمبادرة من فرنسا وتهدف إلى الوقوف بجانب الجيش المالي في مواجهة الجماعات المسلحة، تهدف كذلك “إلى تقسيم مالي”.