سهل جداً أن تكون متطرفاً ، سهل جداً أن تكون كالعالم الغربي يأخذون بالأسباب أخذاً رائعاً ويعتمدون عليها ، وينسون ربهم ، ويؤلهونها ، وسهل جداً أن تكون كأهل المشرق لا يأخذون بها إطلاقاً ، وقعوا بالمعصية ، أما البطولة أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء عندك سفر ، راجع المركبة ، العجلات ، المكبح ، كل دقائق العجلة ، الأجهزة ، العدادات ، الوقود ، تراجع كل شيء ، ثم تتجه إلى الله ثم تقول : يا رب أنت المُسلِّم ، أنت الحافظ ، نحن المسلمون في أمس الحاجة إلى هذا الدرس .
ابنه مريض يبحث عن أمهر طبيب ، ينفذ تعليمات الطبيب بحذافيرها ، يعطيه الدواء في الوقت المناسب ، ومن أعماق أعماق أعماقه يقول : يا رب أنت الشافي ، أخذت بالأسباب .
النبي عليه الصلاة والسلام كان من الممكن في الهجرة أن ينتقل على البراق ، بلمح البصر من مكة إلى المدينة ، لكن أراد أن يعلمنا كيف نحيا ، اتجه نحو الساحل ، ليضلل المطاردين ، وقبع في غار ثور أياماً ثلاثة ، كي يخف الطلب عليه ، وهيأ من يأتيه بالأخبار ، وهيأ من يأتيه بالزاد والطعام ، وهيأ من يمحو الآثار ، استأجر دليلاً غلب فيه الخبرة على الولاء ، ولم يدع لثغرة احتمالاً ، أغلق كل الثغرات ، فلما وصلوا إليه قال أبو بكر : يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موطئ قدمه لرآنا ، الآن جاء دور التوكل على الله ، أخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، وقال :
(( يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ ))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أنس بن مالك ]
، هم أعدوا لنا من مئتي عام ، أعدوا لنا أنواعاً من الأسلحة ، ساعة قنبلة عنقودية ، تأتي كالمظلة بدائرة قطرها 150 م ، كل من في هذه الدائرة يصاب ، قنبلة انشطارية ، قنبلة حارقة وخارقة ، قنبلة تركب أشعة الليزر ، قنبلة تلغي الاتصالات ، قنبلة تلغي الطاقات ، قنبلة تفني البشر وتدع الحجر ألقيت في بغداد قبل سقوطها ، أعدوا أنواعاً من القنابل ، أقمار صناعية ، قصف خارجي ونحن نائمون ، نائمون في ضوء الشمس ، وهم يعملون من مئتي عام في الظلام ، والذي يعمل في الظلام يغلب من ينام في ضوء الشمس ، إذا كان الوحي شمساً نحن نائمون في ضوء الشمس ، سوقوا لباطلهم أروع تسويق ، تسمع كلمات رنانة الحرية ، ديمقراطية ، حقوق إنسان ، حقوق حيوان .
قتل امرئ في بلدة جريمة لا تغتفر وقتل شعب مسلم مسألة فيها نظر
* * *
أعدوا لنا ونحن نائمون ، منشغلون ببعضنا بعضاً ، الذي أعدوه لنا في المئتي عام السابقة تظهر آثاره اليوم ، أخطاء متراكمة ، ونرجو الله أن نصحو من غفلتنا ، وأن نعود إلى رشدنا ، وأن نتبع منهج ربنا ، ليس مسموحاً الآن أن تنطق بكلمة خلافية ، وضعنا جميعاً في سلة واحدة ، وينبغي أن نقف جميعاً في خندق واحد .
الذي يعادي الدين لو رأى مسلماً صادقاً ، مؤمناً ، عفيفاً ، رحيماً ، متواضعاً ، عالماً ، حكيماً ، يقبل الدين الإسلامي .
تكلمت قبل قليل : هم عندهم أسوأ بضاعة ، لكنهم سوقوها أروع تسويق ، وعندنا أفضل بضاعة ، وكنا أسوأ مسوقين لها ، هذا الإنسان الغربي ، لا يمكن أن يقرأ تفسير القرطبي ولا فتح الباري في شرح صحيح البخاري ، يرى الإسلام من خلال مسلم يعيش معه ، فإذا أدلى هذا المسلم بتصريح كاذب لم يسقط هذا المسلم ، سقط عنده الإسلام ، هذه المشكلة .
والله الذي لا إله إلا هو لو أن مسلمي الجاليات في العالم الغربي طبقوا دينهم فقط لكان موقف الغرب من المسلمين غير هذا الموقف .
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾
مرة رجل من أمريكا هداه الله إلى الإسلام وحج بيت الله الحرام ، هو في مِنى أحيان تعقد منتديات ، ألقى كلمة قال : أنا أنتمي إلى أقوى دولة في العالم ، فإذا أقنعتمونا بإسلامكم كانت قوتنا لكم .
لو عندك موظف ، وهو يعادي الدين أشد العداء ، لو رآك صادقاً ، أميناً ، عفيفاً ، منصفاً ، رحيماً ، لأحب دينك ، المشكلة أن عالماً يقول : يستطيع المسلمون أن ينشروا دينهم بالسرعة التي انتشر بها الإسلام سابقاً بعدة عقود من الزمن ، الإسلام وصل إلى الصين ، وإلى مشارف باريس ، يستطيع المسلمون أن ينشروا دينهم بالسرعة التي انتشر بها من قبل بشرط واحد أن يتخلقوا بأخلاق الصحابة .
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
( سورة القلم )
أقسم لكم بالله هذا الذي يعادي المسلمين ، يفعل ما يفعل ، لو جُمع بمسلم صادق لأخذ فكرة أخرى عن الدين .
حدثني أخ قال لي : كنت في أمريكا بمسجد ، رجل هيئته من وجهاء البلد فسأله ، فإذا هو أدميرال في البحرية ، برتبة عالية جداً متقاعد ، كان بمهمة في الخليج بحاملة طائرات ، سكن إلى جانبه رجل مسلم مثقف ثقافة عالية ، أقنعه بالإسلام ، فأسلم ، ماذا يفعل بالجامع ؟ ينظف المسجد ، الطرف الآخر ليس معقداً ، يحتاج إلى مسلم واعٍ ، مسلم صادق أمين .
بإمكانك أن تكون أكبر داعية وأنت صامت ، صدقك دعوة ، أمانتك دعوة ، إتقانك دعوة ، تواضعك دعوة ، إنصافك دعوة ، هل تحبون قصة تكمن بها مشكلات المسلمين ، رويتها ألف مرة :
إمام مسجد بلندن نُقل لظاهر لندن ، اضطر أن يركب مركبة كل يوم مع السائق نفسه يصعد المركبة ، أعطى السائق ورقة نقدية كبيرة ، ردّ له التتمة ، جلس في المقعد وعد التتمة فإذا هي تزيد عشرين بنساً عما يستحق ، هو إمام مسجد قال : لابدّ من ردّ الزيادة حينما أنزل ، قال : إنها شركة عملاقة(جاء الشيطان)ودخلها فلكي ، وهذا المبلغ يسير ، وأنا بحاجة إليه ، لا عليّ أن آخذه ، الذي حصل لما أراد أن يغادر المركبة دون أن يشعر مدّ يده وأعطى السائق عشرين بنساً ، ابتسم السائق قال له : ألست إمام هذا المسجد ؟ قال : بلى ، قال : والله أردت أن آتي إليك قبل يومين لأتعبد الله عندك ، ولكنني أردت أن أمتحنك قبل أن آتي إليك ، وقع هذا الإمام مغشياً عليه ، وغاب عن الوعي ، لأنه تصور عظم الجريمة التي كاد يقترفها ، لو أبقى المبلغ في جيبه ، فلما صحا من غفوته قال : يا رب كدت أبيع الإسلام كله بعشرين بنساً .
والله ملايين مملينة من المسلمين يبيعون إسلامهم بدراهم معدودات ، يمين كاذب ببضاعة مغشوشة ، لا تنتظر أن يعجب الناس بإسلامك إذا كنت كاذباً أبداً .
ببعض البلاد الغربية إذا إنسان ليس له دخل ، يكتب كتاباً أنا ليس لي دخل ، يُعطى رقماً يكفي عشرة أشخاص مجاناً ، ولابنه هناك تعويض ، يسافر كل سنة لبلده حتى يتواصل مع أهله ، وهناك تأمين صحي ، وبيت مجاني ، وكهرباء ، وماء ، بكتاب ! .
بعض أفراد الجالية اكتشف أنه إذا طلق زوجته يتقاضى هو راتباً ، وتتقاضى هي راتباً ، هو بيت وهي بيت ، يطلقها تطليقاً شكلياً ، هم يرون هذا الكذب ، هل يعقل أن يحترموا ديننا ؟.
أقسم لكم بالله من يكذب ، أو يحتال على غير مسلم كأنه ارتكب جريمة بحق دينه لأنه عندئذٍ بهذا العمل يقنع الطرف الآخر أنه على حق ، نحن سيئون .
أساساً رسام الدنمرك لما عوتب ، قال : كنت أظن محمداً كأتباعه ، هذه المشكلة ، أنت رسول ، رسول لهذا الدين ، أنت سفير هذا الدين ، أنت جميع الناس ينظرون إليك على أنك تمثل هذا الدين .