نفذ اليوم الجمعة 28 فيفري 2020، عدد من أهالي نساء وأطفال عالقين في بؤر التوتر وقفة احتجاجية أمام مقر مجلس نواب الشعب للمطالبة بالتحرك لاستعادتهم.
وأكدوا في الوقفة الاحتجاجية على وجود نساء وأطفال يقبعون في ظروف سيئة بسجون ومعتقلات في سوريا.
ورفع المشاركون، في هذه الوقفة التي دعا مرصد الحقوق والحريات بتونس ، شعارات تطالب السلطات بالتدخل لاسترجاع الأطفال وأمهاتهم من سوريا ومحاكمتهن في تونس، على غرار “العدل أساس الحكم والقضاء هو الفيصل” و”أطفالنا ونساؤنا يستغيثون” و”من حقي نقرا ومن حقي نبرا ومن حقي نحيا” في إشارة إلى الوضعية المتردية لهؤلاء الأطفال.
وتقول فاطمة الدردوري (65 عاما)، التي ارتسم الشحوب على قسمات وجهها، إنها جاءت للمشاركة في الوقفة للمطالبة باستعادة ابنتها الصغرى البالغة من العمر 27 عاما وطفلتيها الصغيرتين (4 و2 سنتين) العالقات منذ ثلاث سنوات في مخيم تابع للأكراد في سوريا، بينما يقبع زوج ابنتها هناك بالسجن، وفق قولها.
تدخل السلطات
ورغم ضيق حالها ومعاناتها الصحية استمرت هذه الأرملة في طرق جميع الأبواب والاتصال بمنظمات حقوقية وبوزارة الخارجية ورئاسة الحكومة ومجلس نواب الشعب للمطالبة باسترجاع ابنتها وحفيدتيها بعد أن علمت منذ سنتين باعتقالهم من قبل القوات الكردية
وغير بعيد عنها يرفع حمدة العويني (67 عاما) شعارا يطالب السلطات التونسية بتحمّل مسؤوليتها تجاه الأطفال والنساء العالقين في بؤر التوتر.
وعبر في تصريح لموقع “الصدى” عن استغرابه من عدم تحرك السلطات التونسية لإنقاذ الأطفال والرضع والنساء الذين يعيشون ظروفا مناخية واجتماعية وصحية قاسية في المخيمات والمعتقلات والسجون بسوريا.
محاولات متكررة
ورغم محاولاته السابقة في الاتصال برئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ومجلس نواب الشعب ومكاتب المنظمات الدولية في تونس والمنظمات الحقوقية لم يتلق هذا الرجل كغيره من أهالي العالقين في سوريا أية إجابات، مناشدا السلطات التحرك لإنقاذهم من الظروف القاسية في سوريا ومحاكمتهم بتونس.
ويقول رئيس مرصد الحقوق والحريات بتونس أنور أولاد علي في تصريح لموقع “الصدى” إن تنظيم الوقفة الاحتجاجية أمام البرلمان يأتي ردا على لامبالاة السلطات في ملف العالقين في بؤر التوتر، متابعا “أردنا أن تكون هذه الوقفة صوتا يحرك المياه الراكدة والقلوب النائمة في البرلمان”.
وأفاد أولاد علي أن مرصد الحقوق والحريات يعمل منذ أكثر من سنتين على هذا الملف مكثفا اتصالاتها بلجنة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والشباب والمسنين في البرلمان المنتهية ولايته.
وكشف أن المرصد قدم إلى الجنة قائمة تضم 39 طفلا تونسيا بالأسماء والألقاب وحالاتهم الاجتماعية دون أن يثير ذلك اهتمام السلطات.
وأكد بأن عدد الأطفال العالقين في سوريا مرشح للارتفاع، معربا عن استيائه من تعامل السلطات التونسية مع الملف.
وقال إن “الدولة غارقة في سبات عميق تجاه ملف الأطفال العالقين في بؤر التوتر الذين لم يختاروا لا عائلاتهم ولا الظروف التي يعيشون فيها ولم يقترفوا أي ذنب”.
أطفال لا ذنب لهم
يذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيد استقبل في 23 جانفي الماضي بقصر قرطاج 6 أطفال أيتام من ذوي الجنسية التونسية تمّت إعادتهم من ليبيا بعد إنقاذهم واحتضانهم وإيوائهم من طرف الهلال الأحمر الليبي بمدينة مصراتة إبّان الحرب على تنظيم الدولة بمدينة سرت الليبية سنة 2016.
من جهته، قال المدير التنفيذي لمرصد الحقوق والحريات مروان جدة في تصريح لموقع “الصدى”، إن الموقف القانوني والحقوقي يحتم على الدولة العمل على استعادة الأطفال التونسيين العالقين في بؤر التوتر وفي مخيمات اللاجئين.
وطالب مروان جدة بضرورة التسريع باستعادة عشرات الأطفال التونسيين العالقين في بؤر التوتر منها سوريا وليبيا وإعادة إدماجهم في المجتمع وحماية حقوقهم الأساسية طبقا للقوانين والمعاهدات الدولية ذات الصلة.
أكثر من 200 طفل عالق
وقال المدير التنفيذي لـ”مرصد الحقوق والحريات” مروان جدّة، اليوم الجمعة 28 فيفري، إنّ “المنظمات المدنية طلبت من رئيس الدولة قيس سعيد، التدخل لإنهاء معاناة الأطفال التونسيين في بؤر التوتر، باعتباره المسؤول الأول عن العلاقات الخارجية”، منتقداً “تباطؤ السلطات التونسية في إيجاد حلول لهذه الفئة من مواطنيها”.
وأفاد جدّة بأنّ المرصد “بصدد متابعة حالات لأطفال تونسيين في بؤر التوتر، فقدوا أسرهم وظلوا عالقين هناك من دون أي عائل”، مؤكداً أنّ بعضهم محتجز في السجون.
وأشار إلى أنّ المنظمات الحقوقية “تستقي معلوماتها حول وضعية هؤلاء الأطفال عن طريق أسرهم في تونس”.
وأضاف أنّ “الحكومة والسلطات التونسية مطالبة بالتعجيل بإنقاذ الأطفال، حتى تسهل استعادتهم وإنقاذهم ثم إعادة إدماجهم في مجتمعهم، قبل أن يقع استغلالهم من قبل التنظيمات الإرهابية”.
وشدد على “ضرورة التعامل مع ملف الأطفال العالقين في بؤر التوتر بطريقة مخالفة للتعامل مع الراشدين الذين يقاتلون أو انضموا إلى التنظيمات الإرهابية”، مشدداً على أنّ “الأطفال ضحايا قرارات عائلاتهم ولا يمكن محاسبتهم على أفعال لم يرتكبوها”.
ورجّح المرصد أن يكون عدد الأطفال التونسيين في بؤر التوتر أكثر من 200 حالة، تتراوح أعمارهم بين سنتين و13 عاماً، مؤكدا أن لا إحصائيات رسمية حول العدد الثابت لهذه الحالات.